لم تتوقف تطلعات ( سائد ) لاستقطاب خبير إدارى دولي . التقى في نيويورك ب ( رالف وود ) الذي كان يعمل مستشاراً لإحدى الشركات التجارية . دعاه سائد إلى عشاء ، كان عشاء تعارف و عمل ، فقال رالف :
- لقد قرأت كثيراً عن الشرق ! إنها بلاد عبق التاريخ يا سائد ! إننا نحن الأمريكان المولودين من شجرة مقطوعة ، نشعر أننا أقزام أمام التاريخ العريق الذي تدّخره بلادكم ! و لذلك تجدوننا نتدفّق محمومين باتجاهكم ! كلّ برغبة مختلفة ، بالترهيب و الترغيب ! و القاسم المشترك الأعظم ، هو أننا نأتي لنشم عبق التاريخ الذي نفتقده هنا !
يتم توقيع عقد عمل بين سائد و رالف ، يقوم رالف فور وصوله لشركات سائد بدراسة السوق و طريقة الإدارة التي تتبعها شكركات سائد ، ثم يجتمع معه في مكتبه اجتماعا رسمياً و يبدأ رالف قائلاً :
- المطلوب منكم العمل فوراً على تخفيض نفقات الشركات ، و ذلك بتركيب مزيد من أجهزة الكمبيوتر ، لتحل محل العاملين .. كذلك انهاء خدمات نصف العمال و الموظفين ، أما عن ساعات العمل ، فبدل الثماني ساعات عمل ، تكون عشر ساعات ، بالإضافة لتخفيض أجور العمال و الموظفين ... و سنجتمع نحن رجال أعمال الدولة برئيس الوزراء ، و نطالبه بإلغاء ضريبة الدخل المفروضة علينا ، و استبدالها بضريبة المبيعات المفروضة على المستهلكين ، و نهدده بنقل مصانعنا إلى دول مجاورة ، أو بعيدة ، حيث الضرائب أقل و أجور الموظفين زهيدة .
- و لكن هذه البطالة التي سيخلقها سوق العمل ، ألن تؤدي بالنتيجة إلى تصعيد العنف و الإرهاب المتوقع من الجوعى ؟ أعتقد أن اللصوص و قطاع الطرق سيزدادون ، و ستزداد التوترات الإجتماعية !
- و هنا يأتي دول الدولة يا حبيبي ! أين هو الأمن ؟ فلتتحرك الدولة لتحمي الأمن ! الأمن أولاً !
- و لكن من أين ستأتي الدولة التي لا تأخذ ضرائب ، بميزانية الأمن ؟
- ضريبة المبيعات يا عزيزي تحل المشكلة ! ضريبة المبيعات المأخوذة من المستهلكين ، تدفع أجور العاملين للأمن !
- تعني ( الغاوي ينقّط بطاقيته ) كما تقول صباح !! ههههههههه
و قبل أن يخرج رالف من الاجتماع قال لسائد : الدنيا مستويات يا سائد ، و ليس كما يقول بعض المجانين ( لماذا الكيل بمكيالين ؟ ) نحن لا نكيل بمكيالين . نحن نقول كما يقول دينكم : ( و جعلنا بعضكم فوق بعض درجات ) . فالدول الغربية تنتج مزروعات و مبيدات لا تسمح بدخولها إلى نفس بلادها ، و لكنها مخصصة للبيع في بلادكم ، ذلك لأن المواد الكيماوية المستخدمة فيها لا تجعلها صالحة للاستهلاك الغربي ، و لكنها صالحة تماماً لاستهلاك الدول الفقيرة ، و حتى تلك المنتهية صلاحيتها في دول الغرب ، هي صالحة للاستهلاك في الدول النائمة !
فضحك سائد قائلاً : يا رالف ! اسمها الدول النامية ، و ليست النائمة !
فقال رالف : لو كانت نائمة لكانت أحسن ، و لأصبح هناك مبرر لتأخرها .. تصوّر يا سائد لو تركنا هذه الشعوب بدون القمح الأمريكي ، حتى لو كانت صلاحيته منتهية في أمريكا ، ماذا سيحدث ؟ سيموت الناس في الول النائمة .. النامية كما قلت .. فإذا أكلوا هذه الأغذية ، و حتى الأغذية المعاملة بالكيماويات ، فإنهم سيعيشون بمعدل خمسين سنة من العمر ... ما رأيك ، هل تتركهم يموتون من الجوع في معدل أعمار الثلاثين ، ام ترفع مستوى أعمارهم إلى معدل سن الخمسين ؟
يكمل رالف حديثه : نحن دعاة سلام يا سائد .. نحن نقوم بخدمة الإنسانية ..هذه فلسفة العولمة .. إنها العطاء بلا حدود .. إنها رأسمالية بلا حدود .. إنها النضح ..! كل إناء بما فيه ينضح .. إننا ننضح مخلفّاتنا لدول العالم الثالث .. نحن لسنا أنبياء هذا العالم ، فللعالم رب يحميه .
ضحك سائد قائلاً : والله انت إبن حرام مصفى يا خواجة !
انتبه رالف لمقولة سائد ! فسأله : ما معنى ابن حرام مصفى هذه ؟
قال سائد ضاحكاً : معناها إنك ذكي ، و تعرف تأكلها و هي والعة !
********
منقول من رواية .. الحب في زمن العولمة .. بقلم صبحي فحماوي
- لقد قرأت كثيراً عن الشرق ! إنها بلاد عبق التاريخ يا سائد ! إننا نحن الأمريكان المولودين من شجرة مقطوعة ، نشعر أننا أقزام أمام التاريخ العريق الذي تدّخره بلادكم ! و لذلك تجدوننا نتدفّق محمومين باتجاهكم ! كلّ برغبة مختلفة ، بالترهيب و الترغيب ! و القاسم المشترك الأعظم ، هو أننا نأتي لنشم عبق التاريخ الذي نفتقده هنا !
يتم توقيع عقد عمل بين سائد و رالف ، يقوم رالف فور وصوله لشركات سائد بدراسة السوق و طريقة الإدارة التي تتبعها شكركات سائد ، ثم يجتمع معه في مكتبه اجتماعا رسمياً و يبدأ رالف قائلاً :
- المطلوب منكم العمل فوراً على تخفيض نفقات الشركات ، و ذلك بتركيب مزيد من أجهزة الكمبيوتر ، لتحل محل العاملين .. كذلك انهاء خدمات نصف العمال و الموظفين ، أما عن ساعات العمل ، فبدل الثماني ساعات عمل ، تكون عشر ساعات ، بالإضافة لتخفيض أجور العمال و الموظفين ... و سنجتمع نحن رجال أعمال الدولة برئيس الوزراء ، و نطالبه بإلغاء ضريبة الدخل المفروضة علينا ، و استبدالها بضريبة المبيعات المفروضة على المستهلكين ، و نهدده بنقل مصانعنا إلى دول مجاورة ، أو بعيدة ، حيث الضرائب أقل و أجور الموظفين زهيدة .
- و لكن هذه البطالة التي سيخلقها سوق العمل ، ألن تؤدي بالنتيجة إلى تصعيد العنف و الإرهاب المتوقع من الجوعى ؟ أعتقد أن اللصوص و قطاع الطرق سيزدادون ، و ستزداد التوترات الإجتماعية !
- و هنا يأتي دول الدولة يا حبيبي ! أين هو الأمن ؟ فلتتحرك الدولة لتحمي الأمن ! الأمن أولاً !
- و لكن من أين ستأتي الدولة التي لا تأخذ ضرائب ، بميزانية الأمن ؟
- ضريبة المبيعات يا عزيزي تحل المشكلة ! ضريبة المبيعات المأخوذة من المستهلكين ، تدفع أجور العاملين للأمن !
- تعني ( الغاوي ينقّط بطاقيته ) كما تقول صباح !! ههههههههه
و قبل أن يخرج رالف من الاجتماع قال لسائد : الدنيا مستويات يا سائد ، و ليس كما يقول بعض المجانين ( لماذا الكيل بمكيالين ؟ ) نحن لا نكيل بمكيالين . نحن نقول كما يقول دينكم : ( و جعلنا بعضكم فوق بعض درجات ) . فالدول الغربية تنتج مزروعات و مبيدات لا تسمح بدخولها إلى نفس بلادها ، و لكنها مخصصة للبيع في بلادكم ، ذلك لأن المواد الكيماوية المستخدمة فيها لا تجعلها صالحة للاستهلاك الغربي ، و لكنها صالحة تماماً لاستهلاك الدول الفقيرة ، و حتى تلك المنتهية صلاحيتها في دول الغرب ، هي صالحة للاستهلاك في الدول النائمة !
فضحك سائد قائلاً : يا رالف ! اسمها الدول النامية ، و ليست النائمة !
فقال رالف : لو كانت نائمة لكانت أحسن ، و لأصبح هناك مبرر لتأخرها .. تصوّر يا سائد لو تركنا هذه الشعوب بدون القمح الأمريكي ، حتى لو كانت صلاحيته منتهية في أمريكا ، ماذا سيحدث ؟ سيموت الناس في الول النائمة .. النامية كما قلت .. فإذا أكلوا هذه الأغذية ، و حتى الأغذية المعاملة بالكيماويات ، فإنهم سيعيشون بمعدل خمسين سنة من العمر ... ما رأيك ، هل تتركهم يموتون من الجوع في معدل أعمار الثلاثين ، ام ترفع مستوى أعمارهم إلى معدل سن الخمسين ؟
يكمل رالف حديثه : نحن دعاة سلام يا سائد .. نحن نقوم بخدمة الإنسانية ..هذه فلسفة العولمة .. إنها العطاء بلا حدود .. إنها رأسمالية بلا حدود .. إنها النضح ..! كل إناء بما فيه ينضح .. إننا ننضح مخلفّاتنا لدول العالم الثالث .. نحن لسنا أنبياء هذا العالم ، فللعالم رب يحميه .
ضحك سائد قائلاً : والله انت إبن حرام مصفى يا خواجة !
انتبه رالف لمقولة سائد ! فسأله : ما معنى ابن حرام مصفى هذه ؟
قال سائد ضاحكاً : معناها إنك ذكي ، و تعرف تأكلها و هي والعة !
********
منقول من رواية .. الحب في زمن العولمة .. بقلم صبحي فحماوي