12 December 2009

لتشفى من حالة عشقية


ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان, أن نشيع موتا من شئنا من الأحياء, فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.

بامكاننا أن نلفق لهم ميتة في كتاب, أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتة قلمية مباغتة كحادث سير, مفجعة كحادثة غرق, ولا يعنينا ذكراهم لنبكيها, كما نبكي الموتى. نحتاج أن نتخلص من أشيائهم, من هداياهم, من رسائلهم, من تشابك ذاكرتنا بهم. نحتاج على وجه السرعة أن تلبس حدادهم بعض الوقت, ثم ننسى.

لتشفى من حالة عشقية, يلزمك رفاة حب, لا تمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق, مصرا على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما. يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس اليك.

أنت من يتأمل جثة حب في طور التعفن, لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة, أكتب , لمثل هذا خلقت الروايات.

كلمات أحلام مستغانمي .. من رواية عابر سرير





08 December 2009

يا عين ما تبكيش

يا عين ما تبكيش
على رخيص و لا غالي
دا الرخيص لو ضاع
ضياعه يحلا لي
و لو يروح الغالي
مهما كانت غلاوته
ما يغلاش على اللي
ما يغلا عليه
عزيز و لا غالي.

لجام المهر

لو مهر حر و شارد
ما تلجموش بلجام
العند و العبودية
المهر الحر اللي شارد
لجامه
الحب و الحرية.

ضلي ليه محني؟!

قلبي اللي بين ضلوعي
عمره ما ريحني
و عمري أهو في لحظة
عدى ما لمحني
و ناس كانوا ف حياتي
جروح تفتحلي
و حاجات حسبتها دوا
طلعت بتجرحني
و قمر يلقاني وحدي
بضيه يدبحني
و شموس طلعت ولا
قدرت تفرحني
و الضحكة لسه عايشة
على صورة تشبهنى
و الآهه جوا دايره
رياح بتشبحني
و تشيب الشرايين
و الوحدة تمدحني
يا ناس أنا لسه واقف
طب ضلي ليه محني ؟

كلمات جيهان الشعراوي .. من كتاب بنت مين فى مصر ؟

08 September 2009

غول السير الذاتية

قرأت بمجلة دبي الثقافية – عدد سبتمبر 2009 – مقالة اعجبتني كثيراً بعنوان ( غول السيرة ) قام بكتابتها الاستاذ / المنصف المزغني – شاعر و مدير بيت الشعر بتونس – يتحدث فيها عن حالة الكاتب العربي حينما يتناول سيرته الذاتية بالكتابة و ما يلقاه من المجتمع العربي كرد فعل تجاه الكاتب و سيرته المكتوبة .. و قد انهي المزغني مقالته قائلاً :

" السيرة الذاتية غول حقيقي يغتال كاتبه في المجتمع العربي ، و لكن السيرة الحقة في المجتمع الغربي غول يلتهم الكثير من القراء اللؤماء . "

و قد أفرد المزغني وجهة نظرة التي اتفق معه فيها تماماً ، بإعتبارى أحد هؤلاء الكتاب أو المدونين الذين انتهجوا السيرة الذاتية و تناولوا حياتهم الشخصية بالكتابة عنها .. و قد قمت بهذا هنا من خلال يومياتي في مدونة يوميات كريم .. و قد أوضح المزغني ذلك قائلاً :

" إذا أسقط كاتب سيرته في فخ القارىء الكريم فإنه لا ينجو في مجتمعنا العربي من التشهير ، فالقارىء الكريم لا يفهم الاعتراف بالذنب إلا باعتباره خطيئة أقر صاحبها كتابة و نصاً بأنه ارتكبها و يتحول القارىء إلى مفتٍ يفتي في الأخلاق و فقيه في حدود الدين الفاصلة ."

أضاف المزغني قائلاً :

" الكاتب العربي يكسر أقلاماً كثيرة و يمزق أوراقاً أكثر إذا فكر يوماً في أن يكتب سيرته الذاتية . إذا كتب ، هل ينجو من الاتهام و التهميش و تهشيم الأقلام و تحطيم الأحلام ؟ إذا حكى الكاتب عن علاقته بالله ، هل يسلم من تهمة التكفير و الزندقة ؟ إذا تحدث عن علاقته بالمرأة من خلال النساء اللواتي عرفهن ، هل ينجو من تهمة المس بشرف بنات الناس ؟ إذا عبر بوضوح عن آرائه السياسية ، هل يواصل التمتع بحقوقه الدنيا في الحياة الدنيا ؟ "

هذا هو موقف الكتاب و الأدباء الرجال ، فما بال النساء صاحبات الموقف الأضعف ؟

قال المزغني :

" كم من امرأة عربية كسرت أقلامها طواعية ، أو كسروا أقلامها و مزقوا أوراقها ، لأنها كتبت قصيدة عاطفية أو قصة ذات صلة بالجسد أو الدين أو السياسة . هناك أكثر من امرأة شاعرة ماتت بالسكتة الشعرية بعد الزواج مباشرة ، لأن أوراقها صارت موضوعاً صالحاً للتجسس و التأويل و المساءلة من قبل الزوج (و إذا كان متسامحاً ) فمن قبل المحيط العائلي (و إذا كان متسامحاً ) فمن قبل المجتمع (و إذا كان متسامحاً ) فمن قبل رجال الدين (و إذا كانوا متسامحين ) فمن قبل المتطرفين الذين لا يسمحون لنساء الأدب بممارسة حريتهن الإبداعية . "

و أنهى المزغني مقالته قائلا :

" إن السيرة الذاتية ليست غولاً إلا في مجتمع تضيق فيه هوامش الحرية ، كما أنها ليست ذات قيمة إذا لم تخبر عن جرح غائر مثل عمى طه حسين في ( الأيام ) أو عنف أبوي غادر كالذي عاشه محمد شكري صاحب ( الخبر الحافي ) . "




مجلة دبي الثقافية

28 August 2009

الجبل الخامس


قال إيليا : إذا كان الله لديه كل القوة ، فلماذا لا يوفر المعاناة على الذين يحبونه ؟ لماذا لا ينقذهم بدلا من منح أعدائهم العظمة و الفخر ؟

***
لمرات عديدة من قبل ، عندما شعرت بالسكينة مع الله و العالم ، كانت حرارة الجو فظيعة و ريح الصحراء ملأت عيني بالرمل و لم تسمح لي أن أرى لأبعد من يدي ، فتدبيره لا يتفق دائماً مع ما نحن عليه أو نشعر به ، لكن تيقن من أن لديه سبباً لكل هذا .

***
استيقظ إيليا جفلاً و نظر إلى السماء و همس : هذه هي القصة المفقودة .
فمنذ زمن بعيد أقام يعقوب معسكراً ، و أثناء الليل دخل شخص ما خيمته و تصارع معه حتى الفجر . و قبل يعقوب الصراع رغم إدراكه أن خصمه كان الله . و حتى الصباح لم يهزم ، و توقف الصراع عندما وافق الرب أن يمنحه البركة .

فكل إنسان ، في وقت ما ، تدخل المأساة حياته ، قد تكون : تدمير مدينة ، موت ابن ، اتهام بلا دليل ، مرض يجعل المرء طريح الفراش للأبد .
في مثل هذه اللحظة يتحدى الرب الإنسان ليواجهه ، و يجيب على سؤاله :
لماذا تتشبث سريعاً بوجود قصير و مملوء بالمعاناة ؟ و ما جدوى صراعك في الحياة ؟
و المرء الذي لا يعرف كيف يجيب على هذا السؤال ، يتخلى عن نفسه – بينما الأخر الذي يرى معنى للوجود ، يشعر أن الرب غير عادل ، و لابد أن يتحدى مصيره .

و عند هذه اللحظة تنزل نار مختلفة من السماء . ليست تلك النار التى تقتل ، بل ذلك النوع الذي يهدم الجدران القديمة ، و يفضح القدرات الحقيقية لكل مخلوق .

و لا يسمح الجبناء لقلوبهم أن تتوهج بهذه النار ، فكل ما يرغبونه إنما هو تغيير الوضع الحالي و العودة سريعاً إلى ما كان ، و هكذا يستطيعون المضى في حياتهم و التفكير بطريقتهم المعتادة .

" دائماً – يتسم الشجعان بالعناد و الصلابة "

و في السموات يبتسم الرب برضا ، فهذه رغبته ، أن يصبح كل شخص مسئولاً عن حياته . و لهذا نجده قد منح أبناءه أعظم منحة على الإطلاق و هي :
القدرة على اختيار و تحديد أفعالهم .

فقط هؤلاء الرجال و النساء الذين تحمل قلوبهم اللهب المقدس ، لديهم الشجاعة لمواجهته . ووحدهم يعلمون طريق العودة لإكتساب محبته لأنهم أدركوا أن المأساه ليست عقاباً بل تحد .

***
قال إيليا :
و أنت يا رب أخطأت كثيراً في حقي . لقد جعلتني أعاني أكثر مما أستحق ، و أربكت رحلة بحثي ، و جعلتني قسوتك أنسى الحب الذي أحمله لك .. و إذا قارنا آثامي بما ارتكبته من أخطاء في حقي ، سنجد أنك مدين لي .

ولكن لأن اليوم هو يوم الغفران ، امنحني عفوك لأسامحك ، و هكذا ربما نسير جنباً إلى جنب .

و في هذه اللحظة هبت ريح ، و سمع ملاكه يقول له :
إيليا لقد قمت بعمل حسن ، و الرب قبل مواجهتك .
انسابت الدموع من عينيه ، فسجد و قبل تربة الوادى الجافة و قال :
أشكرك لأنك أتيت ، لقد تملكني هاجس بإثم ما فعلت .
قال الملاك : إذا قاتل المحارب معلمه ، هل في ذلك إثم ؟
قال إيليا : لا . فهذه هي الطريقة الوحيدة لاكتساب المهارة اللازمة له .


اضغط هنا لتحميل رواية الجبل الخامس


22 July 2009

مصر و مشكلة مياه النيل


فى تقرير خطير اختص به ( الشروق ) ينذر الدكتور رشدى سعيد عالم الجيولوجيا الشهير القيادات السياسية والمسئولين فى وزارات الزراعة والرى والمرافق، والرأى العام بصيف شديد السخونة، وذلك لأنه ابتداء من الصيف الحالى سوف تستخدم السودان حصتها المتفق عليها مع مصر عام 1959 من مياه النيل بالكامل، ويعنى ذلك فقدان مصر مالا يقل عن ثمانية مليارات من الأمتار المكعبة من المياه سنويا، ويرجح الدكتور سعيد أن تستمر هذه الأزمة لمدة عشرين عاما.

ويشرح رشدى سعيد أسباب هذا الموقف الخطير الذى تواجهه مصر لأول مرة فى تاريخها، فيقول: إن الصيف الحالى هو أول صيف تشهده البلاد بعد التشغيل الكامل لسد مروى الذى أقامته السودان على نهر النيل عند الجندل الرابع بمنطقة النوبة وافتتحته فى ربيع هذا العام، وذلك لتوليد الطاقة الكهربائية فى الأساس، بما أنه لا توجد أرض كثيرة تصلح للزراعة يمكن أن توجه مياهه إليها ــ إذ إن أمر تشغيل هذا الخزان لتوليد الكهرباء سيحتاج إلى ملئه بالمياه ــ الأمر الذى يتطلب حجز المياه أمامه لسنوات طوال قد تصل إلى العشرين حتى يمتلئ، وتقدر سعة خزان سد مروى بنحو مائة وعشرة مليارات متر مكعب، إذ من المقرر له أن يمتد لمسافة 170 كيلو مترا إلى الجنوب، وحتى قرابة مدينة أبوحمد، وأن يرتفع منسوب المياه فيه إلى 67 مترا.

وبدءا من هذا الصيف سيقوم السودان ولأول مرة بحجز نصيبه من مياه النيل كاملا، والتى كانت قد تقررت له سنة 1959، ومقدارها 18.5 مليار متر مكعب من المياه. ولما كانت قدرة السودان التخزينية للمياه عند إبرام الاتفاقية وحتى بناء سد مروى قليلة، فقد كانت المياه الفائضة من حصة السودان، تترك لتنساب إلى مصر كحصة إضافية مؤقتة، وقد زادت قدرة التخزين فى السودان ــ قبل بناء سد مروى ــ قليلا بتعلية سد الروصيرص فى تسعينيات القرن الماضى، دون استشارة مصر، بسبب التواترات السياسية آنذاك.

ويبدو أن مصر دبرت أمورها على أن هذه الحصة الإضافية من المياه ستكون دائمة أو أنها ستستمر لسنوات طوال، لأن صانعى القرار فى مصر اعتقدوا أنه سيكون من الصعب على السودان وهو فى حالته الاقتصادية والسياسية ــ التى كان عليها ــ أن يتمكن من بناء الخزانات الكبيرة ذات الكلفة العالية. وهكذا أسرعت مصر فى فى مد الترع وأنابيب المياه والتى كان آخرها القناة المخطط شقها لتزويد طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى بمياه النيل بعد أن نضبت مياهه الجوفية، والتى أبرمت مصر بشأنها اتفاقا مع البنك الدولى فى عام 2008 لتمويلها.

وجاء اكتشاف النفط فى السودان والبدء فى تنمية حقوله واستخراجه وتصديره بدءا من عام 1999 ليقلب الأمور رأسا على عقب، وليجعل للسودان مصداقية فى عالم المال وليجذب الاستثمار فى بناء سد مروى، الذى قدرت تكاليفه بمبلغ ثمانمائة مليون يورو، جاء 30٪ منها من بنك الصين للاستيراد والتصدير، وجاء الباقى من الصناديق العربية للتنمية «العربى والسعودى وعمان وأبوظبى والكويت». وها هو السد وقد تم بناؤه ليضع مصر فى وضع جديد.

يؤكد الدكتور رشدى سعيد، أنه لا يعرف إن كانت مصر قد دبرت أمورها فى هذا الشأن أم لا؟ وما هذه التدبيرات إن كان لها وجود ؟ ويضيف: كل ما أستطيع أن أقوله هو أن كل البيانات التى جاءت فى هذا التقرير مستمدة من مصادر خارج الحكومة المصرية، ذلك لأننى لم أستطع الحصول على بيانات من الحكومة المصرية أو من وزارة الرى والموارد المائية التى امتنعت عن نشر أى بيانات تخص نهر النيل منذ سنوات طوال بعد أن توقف إصدار موسوعة النيل التى كانت تصدرها الوزارة عبر سنوات القرن العشرين. كما أن موقع الوزارة على شبكة الإنترنت خال من البيانات المفيدة ولم يتم تجديده منذ مدة طويلة.


اعتبر دكتور سامر المفتى الأمين العام الأسبق لمركز بحوث صحراء مشروع ممر التنمية الذى اقترحه عالم الجيولوجيا العالمى فاروق الباز «حلما لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لعدة أسباب يفهمها من يعرف الصحراء الغربية جيدا»، مشيرا إلى أن الفكرة فى البداية كانت مجرد طريق قام بعرضها فى مقال بجريدة الأهرام اجتمع بعدها مجلس الوزراء لدراسة جدواه.

وأوضح المفتى ــ خلال ندوة بعنوان إدارة المصادر المائية فى عهد التغيرات المناخية بساقية الصاوى أمس الأول ــ أن الباز اختار الطريق الذى أطلق عليه «ممر التنمية» فوق الهضبة، ما يجعله بعيدا عن الموارد المائية.

وأضاف أنه فى الوقت الذى يتم فيه مهاجمة مشروع توشكى الذى تكلف 10 مليارات جنيه «كسرت وسط موازنة الدولة» فإن مشروع ممر التنمية تصل تكلفته إلى 300 مليار جنيه يعتمد فيها على المستثمرين العرب والأجانب، ما يعد بمثابة «تقسيم مصر إلى نصفين أحدهما فى أيدى القطاع الخاص لا يستفيد منه الأغلبية من الشعب».

وحذر المفتى من أن أوضاع مصر المائية حرجة للغاية بدون أى تدخلات أو تأثيرات مباشرة للاحتباس الحرارى ومن ثم التغيرات المناخية، وهو ما يحتاج إلى سياسات مختلفة تماما وتغيير جذرى فى الفكر للتعامل مع هذه الأوضاع التى أهم ما يميزها نسبة الفقد الكبيرة للغاية فى مواردنا المائية والتى قد تتجاوز 50% فى بعض التقديرات.

ووصف المفتى التعامل مع المياه الجوفية بأنه «تجاوز حدَّ السفه إلى الجريمة المتعمدة مقابل ربح محدود، فعندما تدخل تراكيب محصولية استوائية فى أكثر صحراوات العالم قحولة، مثل الأرز فى الوادى الجديد، والموز فى طريق مصر الإسكندرية ــ الصحراوى فلا نقول إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل».

وأوضح أن مصر على مستوى التقسيم الدولى لدول الحزام القاحل هى دولة الصحراء الأولى فى العالم، حسب الدراسة التى أعلنتها منظمة اليونسكو عام 1953 التى قسمت الحزام القاحل إلى ثلاثة مستويات وفق معدلات سقوط الأمطار إلى مناطق شديدة القحولة والتى تتلقى معدلات أمطار تقل عن 100مم على المتر المربع سنويا، وتمثل 86٪ من مساحة مصر مقابل 7ر0٪ على مستوى العالم كله، بينما يمثل المستوى الثانى المناطق القاحلة التى تتلقى أمطار أقل من 250مم على المتر المربع وتشكل 14٪ من مساحة مصر.

وأشار إلى أن معدل الأمطار التى تسقط على مصر سنويا لا تتجاوز 10مم على المتر المربع وهو أقل معدل لأى دولة فى العالم، مؤكدا أن مصر تجاوزت حد الفقر المائى، حيث انخفضت حصة الفرد فى ماء النيل من 1000 متر مكعب سنويا إلى 650 مترا مكعبا ومعدلات الهبوط يومية.

وحول تأثير التغيرات المناخية على موارد مصر المائية أوضح المفتى أن التقديرات الدولية تشير إلى عدة سيناريوهات تبدأ باحتمال نقص موارد النهر نتيجة لتحرك أحزمة الأمطار من فوق الهضبة الأثيوبية والتى تمثل 85% من موارد مصر من النهر، والهضبة الاستوائية التى تمثل 15% من الموارد المصرية.

ولفت إلى أن تقديرات هذا التأثير تبدأ بنقص بنسبة 76% وتصل التنبؤات فى حدها الأقصى إلى زيادة قدرها 30%، موضحا أن النقصان أيا ما بلغت نسبته سوف يؤدى إلى كوارث لأن احتياجات وادى النيل الحالية تعانى من عجز قدره 9 مليارات متر مكعب «ولا قبل لنا بمزيد من العجز»، وهو ما يشير إلى أهمية تدارك الإسراف فى استخدامات المياه من حيث كميتها والتركيب المحصولى المناسب لترشيد استخدام المياه.

ومن جانبه، أكد الخبير الأمريكى مارك ستون الباحث بقسم العلوم الهيدرولوجية بمعهد بحوث الصحراء فى لاس فيجاس بولاية نيفادا الأمريكية ضرورة أن تنظر مصر إلى تحقيق الأمن الغذائى وعدم الاعتماد على استيراد مواردها الغذائية من الدول الأخرى، موضحا أنه فى ظل التغيرات المناخية المتطورة واحتمالات الفياضات والجفاف المتزايدة ستكون الأولوية لهذه الدول المصدرة هى سد حاجة شعوبها أولا.

*****
منقول من جريدة الشروق 1 2
صورة لنهر النيل



04 June 2009

النص الكامل لخطاب الرئيس أوباما في القاهرة

النص الكامل لخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة كما وزعه البيت الأبيض:


“شكرا جزيلا، وطاب عصركم. إنه لمن دواعي شرفي أن أزور مدينة القاهرة الأزلية حيث تستضيفني فيها مؤسستان مرموقتان للغاية، إحداهما الأزهر الذي بقي لأكثر من ألف سنة منارة العلوم الإسلامية، بينما كانت جامعة القاهرة على مدى أكثر من قرن بمثابة منهل من مناهل التقدم في مصر. ومعاً تمثلان حسن الاتساق والانسجام ما بين التقاليد والتقدم. وإنني ممتن لكم لحسن ضيافتكم ولحفاوة شعب مصر. كما أنني فخور بنقل أطيب مشاعر الشعب الأمريكي لكم مقرونة بتحية السلام من المجتعات المحلية المسلمة في بلدي: “السلام عليكم”. (تصفيق)


إننا نلتقي في وقت يشوبه توتر كبير بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، وهو توتر تمتد جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز أي نقاش سياسي راهن. وتشمل العلاقة ما بين الإسلام والغرب قرونا سادها حسن التعايش والتعاون، كما تشمل هذه العلاقة صراعات وحروبا دينية. وساهم الاستعمار خلال العصر الحديث في تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق والفرص، كما ساهمت في ذلك الحرب الباردة التي عوملت فيها كثير من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بلا حق كأنها مجرد دول وكيلة لا تجب مراعاة تطلعاتها الخاصة. وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذي رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين إلى اعتبار الغرب معاديا لتقاليد الإسلام.


لقد استغل المتطرفون الذين يمارسون العنف هذه التوترات عند أقلية صغيرة من المسلمين بشكل فعال. ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر / أيلول 2001 واستمر هؤلاء المتطرفون في مساعيهم الرامية إلى ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين، الأمر الذي حدا بالبعض في بلدي إلى اعتبار الإسلام معاديا لا محالة، ليس فقط لأمريكا وللبلدان الغربية وإنما أيضا لحقوق الإنسان. ونتج عن كل ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة.


هذا وما لم نتوقف عن تحديد مفهوم علاقاتنا المشتركة من خلال أوجه الاختلاف فيما بيننا، فإننا سنسهم في تمكين أولئك الذين يزرعون الكراهية ويرجحونها على السلام ويروجون للصراعات ويرجحونها على التعاون الذي من شأنه أن يساعد شعوبنا على تحقيق العدالة والازدهار. ويجب أن تتوقف هذه دائرة من الارتياب والشقاق.


لقد أتيت إلى القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما بعضاً ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان.


إنني أقوم بذلك إدراكا مني بأن التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها. وكذلك علما مني بمدى الاهتمام العام في هذا الخطاب، ولكنه لا يمكن لخطاب واحد أن يلغي سنوات من عدم الثقة، كما لا يمكنني في الوقت المتاح لي في عصر هذا اليوم أن أقدم الإجابة الوافية عن كافة المسائل المعقدة التي أدت بنا إلى هذه النقطة. غير أنني على يقين من أنه يجب علينا من أجل المضي قدما أن نعبر لبعضنا بعضاً بصراحة عما هو في قلوبنا وعما هو لا يُقال في كثير الأحيان إلا من وراء الأبواب المغلقة. كما يجب أن يتم بذل جهود مستديمة للاستماع إلى بعضنا بعضاً، وللتعلم من بعضنا بعضاً والاحترام المتبادل والبحث عن أرضية مشتركة. وينص القرآن الكريم على ما يلي: (اتقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً). (تصفيق) وهذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن أفعله اليوم وأن أقول الحقيقة بكل تواضع أمام المهمة التي نحن بصددها، اعتقادا مني كل الاعتقاد بأن المصالح المشتركة بيننا كبشر هي أقوى بكثير من القوى الفاصلة بيننا.


يعود جزء من اعتقادي هذا إلى تجربتي الشخصية. إنني مسيحي، بينما كان والدي من أسرة كينية تشمل أجيالا من المسلمين. ولما كنت صبيا قضيت عدة سنوات في إندونيسيا واستمعت إلى الأذان ساعات الفجر والمغرب. ولما كنت شابا عملت في المجتمعات المحلية بمدينة شيكاغو، حيث وجد الكثير من المسلمين في عقيدتهم روح الكرامة والسلام.


إنني أدرك بحكم دارستي للتاريخ أن الحضارة مدينة للإسلام الذي حمل معه في أماكن مثل الأزهر نور العلم عبر قرون عدة، الأمر الذي مهد الطريق أمام النهضة الأوروبية وعصر التنوير. ونجد روح الابتكار الذي ساد المجتمعات الإسلامية -- (تصفيق) -- ونجد روح الابتكار الذي ساد المجتمعات الإسلامية وراء تطوير علم الجبر وكذلك البوصلة المغناطيسية وأدوات الملاحة وفن الأقلام والطباعة، بالإضافة إلى فهمنا لانتشار الأمراض وتوفير العلاج المناسب لها. حصلنا بفضل الثقافة الإسلامية على أروقة عظيمة وقمم مستدقة عالية الارتفاع وكذلك على أشعار وموسيقا خالدة الذكر وفن الخط الراقي وأماكن التأمل السلمي. وأظهر الإسلام على مدى التاريخ قلبا وقالبا الفرص الكامنة في التسامح الديني والمساواة ما بين الأعراق. (تصفيق)


أعلم كذلك أن الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أمريكا، حيث كان المغرب هو الدولة الأولى التي اعترفت ببلدي. وبمناسبة قيام الرئيس الأمريكي الثاني جون أدامس عام 1796 بالتوقيع على معاهدة طرابلس، فقد كتب ذلك الرئيس أن “الولايات المتحدة لا تكن أي نوع من العداوة تجاه قوانين أو ديانة المسلمين أو حتى راحتهم”. ومنذ عصر تأسيس بلدنا، ساهم المسلمون الأمريكيون في إثراء الولايات المتحدة. لقد قاتلوا في حروبنا وخدموا في المناصب الحكومية ودافعوا عن الحقوق المدنية وأسسوا المؤسسات التجارية كما قاموا بالتدريس في جامعاتنا وتفوقوا في الملاعب الرياضية وفازوا بجوائز نوبل وبنوا أكثر عماراتنا ارتفاعا وأشعلوا الشعلة الأولمبية. وعندما تم أخيرا انتخاب أول مسلم أمريكي إلى الكونغرس، فقام ذلك النائب بأداء اليمين الدستورية مستخدما في ذلك نفس النسخة من القرآن الكريم التي احتفظ بها أحد آبائنا المؤسسين، توماس جيفرسون، في مكتبته الخاصة. (تصفيق)


إنني إذن تعرفت الى الإسلام في قارات ثلاث قبل مجيئي إلى المنطقة التي نشأ فيها الإسلام. ومن منطلق تجربتي الشخصية استمد اعتقادي بأن الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقة الإسلام وليس إلى ما هو غير إسلامي، وأرى في ذلك جزءا من مسؤوليتي كرئيس للولايات المتحدة حتى أتصدى للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت. (تصفيق)


لكن نفس المبدأ يجب أن ينطبق على صورة أمريكا لدى المسلمين، (تصفيق)، ومثلما لا تنطبق على المسلمين الصورة النمطية البدائية، فإن الصورة النمطية البدائية للإمبراطورية التي لا تهتم إلا بمصالح نفسها لا تنطبق على أمريكا. وكانت الولايات المتحدة أحد أكبر المناهل للتقدم عبر تاريخ العالم. وقمنا من ثورة ضد إحدى الإمبراطوريات، وأسست دولتنا على أساس مثال مفاده أن جميع البشر قد خُلقوا سواسية، كما سالت دماؤنا في الصراعات عبر القرون لإضفاء المعنى على هذه الكلمات، بداخل حدودنا وفي مختلف أرجاء العالم. وقد ساهمت كافة الثقافات من كل أنحاء الكرة الأرضية، في تكويننا تكريسا لمفهوم بالغ البساطة باللغة اللاتينية: “epluribus unum” من الكثير واحد.


لقد تم تعليق أهمية كبيرة على إمكانية انتخاب شخص من أصل أمريكي إفريقي يُدعى باراك حسين أوباما إلى منصب الرئيس. (تصفيق) ولكن قصتي الشخصية ليست فريدة إلى هذا الحد. ولم يتحقق حلم الفرص المتاحة للجميع بالنسبة لكل فرد في أمريكا، ولكن الوعد هو قائم بالنسبة لجميع من يصل إلى شواطئنا، ويشمل ذلك ما يضاهي 7 ملايين من المسلمين الأمريكان في بلدنا اليوم. وبالمناسبة، يحظى المسلمون الأمريكان بدخل ومستوى للتعليم يُعتبران أعلى مما يحظى به معدل الأمريكيين. (تصفيق)


علاوة على ذلك لا يمكن فصل الحرية في أمريكا عن حرية إقامة الشعائر الدينية. كما أن ذلك السبب وراء وجود مسجد في كل ولاية من الولايات المتحدة ووجود أكثر من 1200 مسجد داخل حدودنا. وأيضا السبب وراء خوض الحكومة الأمريكية إجراءات المقاضاة من أجل صون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن من ذلك الحق. (تصفيق)


ليس هناك أي شك في أن الإسلام هو جزء لا يتجزأ من أمريكا. وأعتقد أن أمريكا تمثل التطلعات المشتركة بيننا جميعا بغض النظر عن العرق أو الديانة أو المكانة الاجتماعية: ألا وهي تطلعات العيش في ظل السلام والأمن والحصول على التعليم والعمل بكرامة والتعبير عن المحبة التي نكنها لعائلاتنا ومجتمعاتنا وكذلك لربنا. هذه هي قواسمنا المشتركة وهي تمثل أيضا آمال البشرية جمعاء.


يمثل إدراك أوجه الإنسانية المشتركة فيما بيننا بطبيعة الحال مجرد البداية لمهمتنا. إن الكلمات لوحدها لا تستطيع سد احتياجات شعوبنا، ولن نسد هذه الاحتياجات إلا إذا عملنا بشجاعة على مدى السنين القادمة، وإذا أدركنا حقيقة أن التحديات التي نواجهها هي تحديات مشتركة، وإذا أخفقنا في التصدي لها، سوف يلحق ذلك الأذى بنا جميعا.


لقد تعلمنا من تجاربنا الأخيرة ما يحدث من إلحاق الضرر بالرفاهية في كل مكان إذا ضعف النظام المالي في بلد واحد. وإذا أصيب شخص واحد بالإنفلونزا فيعرض ذلك الجميع للخطر. وإذا سعى بلد واحد وراء امتلاك السلاح النووي فيزداد خطر وقوع هجوم نووي بالنسبة لكل الدول. وعندما يمارس المتطرفون العنف في منطقة جبلية واحدة، يعرض ذلك الناس من وراء البحار للخطر. وعندما يتم ذبح الأبرياء في البوسنة ودارفور، يسبب ذلك وصمة في ضميرنا المشترك. (تصفيق) هذا هو معنى التشارك في هذا العالم بالقرن الحادي والعشرين، وهذه هي المسؤولية التي يتحملها كل منا تجاه الآخر كأبناء البشرية.


إنها مسؤولية تصعب مباشرتها، وكان تاريخ البشرية في كثير من الأحيان بمثابة سجل من الشعوب والقبائل، وحتى من الأديان، التي قمعت بعضها بعضا سعيا وراء تحقيق مصلحتها الخاصة. ولكن في عصرنا الحديث تؤدي مثل هذه التوجهات إلى إلحاق الهزيمة بالنفس، ونظرا إلى الاعتماد الدولي المتبادل فأي نظام عالمي يعلي شعبا أو مجموعة من البشر فوق غيرهم سوف يبوء بالفشل لا محالة. وبغض النظر عن أفكارنا حول أحداث الماضي فلا يجب أن نصبح أبدا سجناء لأحداث قد مضت. إنما يجب معالجة مشكلاتنا بواسطة الشراكة، كما يجب أن نحقق التقدم بصفة مشتركة. (تصفيق)


لا يعني ذلك بالنسبة لنا أن نفضل التغاضي عن مصادر التوتر، وفي الحقيقة فإن العكس هو الأرجح، يجب علينا مجابهة هذه التوترات بصفة مفتوحة. واسمحوا لي انطلاقا من هذه الروح أن أتطرق بمنتهى الصراحة وأكبر قدرممكن من البساطة إلى بعض الأمور المحددة التي أعتقد أنه يتعين علينا مواجهتها في نهاية المطاف بجهد مشترك.



* إن المسألة الأولى التي يجب أن نجابهها هي التطرف العنيف بكافة أشكاله.


وقد صرحت بمدينة أنقرة بكل وضوح أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام. (تصفيق) وعلى أي حال لن نتوانى في التصدي لمتطرفي العنف الذين يشكلون تهديدا جسيما لأمننا. والسبب هو أننا نرفض ما يرفضه أهل كافة المعتقدات، قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال. كما أنه واجبي الأول كرئيس أن أتولى حماية الشعب الأمريكي.


يبين الوضع في أفغانستان أهداف أمريكا وحاجتنا إلى العمل المشترك. وقبل أكثر من سبع سنوات قامت الولايات المتحدة بملاحقة تنظيم القاعدة ونظام طالبان بدعم دولي واسع النطاق. لم نذهب إلى هناك باختيارنا وإنما بسبب الضرورة. إنني على وعي بوجود البعض الذين لا يزالون يشكّون في أحداث 11 سبتمبر أو حتى يقومون بتبرير تلك الأحداث. ولكن دعونا نكن صريحين: قام تنظيم القاعدة بقتل ما يضاهي 3000 شخص في ذلك اليوم. وكان الضحايا من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من أبناء أمريكا والعديد من الشعوب الأخرى والذين لم يلحقوا الأذى بأحد. ورغم ذلك اختارت القاعدة بلا ضمير قتل هؤلاء الأبرياء وتباهت بالهجوم وأكدت إلى الآن عزمها على ارتكاب القتل مجددا وبأعداد ضخمة. إن هناك للقاعدة من ينتسبون لها في عدة بلدان وممن يسعون إلى توسعة نطاق أنشطتهم. وما أقوله ليس بآراء قابلة للنقاش وإنما هي حقائق يجب معالجتها.


ولا بد أن تكونوا على علم بأننا لا نريد من جيشنا أن يبقى في أفغانستان، ولا نرى أو بالأحرى لا نسعى لإقامة قواعد عسكرية هناك. خسائرنا بين الشباب والشابات هناك تسبب لأمريكا بالغ الأذى. كما يسبب استمرار هذا النزاع تكاليف باهظة ومصاعب سياسية جمة. ونريد بكل سرور أن نرحب بكافة جنودنا وهم عائدون إلى الوطن، إذا استطعنا أن نكون واثقين من عدم وجود متطرفي العنف في أفغانستان والآن في باكستان والذين يحرصون على قتل أكبر عدد ممكن من الأمريكيين. ولكن لسنا واثقين من ذلك بعد.


ولذلك نتعاون في إطار الشراكة مع تحالف دولي يضم 46 بلدا. ورغم التكاليف الباهظة لن يتوانى التزام أمريكا. وفي الحقيقة لا ينبغي لأحد منا أن يتسامح مع أولئك المتطرفين. لقد مارسوا القتل في كثير من البلدان. لقد قتلوا أبناء مختلف العقائد، ولكن معظم ضحاياهم من المسلمين. إن أعمالهم غير متطابقة على الإطلاق مع كل من حقوق البشر وتقدم الأمم والإسلام. وينص القرآن الكريم على أن (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنمَا قَتَلَ الناسَ جَمِيعاً). (تصفيق)، كما يأتي في القرآن الكريم أن (مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنمَا أَحْيَا الناسَ جَمِيعاً). (تصفيق) ولا شك في أن العقيدة الثابتة التي يتمتع بها أكثر من مليار شخص تفوق عظمتها بشكل كبير الكراهية الضيقة الكامنة في صدور البعض. إن الإسلام ليس جزءا من المشكلة المتلخصة في مكافحة التطرف العنيف، وإنما يلعب الإسلام دورا مهما في دعم السلام.


علاوة على ذلك نعلم أن القوة العسكرية وحدها لن تكفي لحل المشكلات في كل من أفغانستان وباكستان. ولذلك وضعنا خطة لاستثمار 5.1 مليار دولار سنويا على مدى السنوات الخمس القادمة لإقامة شراكة مع الباكستانيين لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمؤسسات التجارية وكذلك توفير مئات الملايين لمساعدة النازحين. وهذا أيضا السبب وراء قيامنا بتخصيص ما يربو على 8.2 مليار دولار لمساعدة الأفغان على تنمية اقتصادهم وتوفير خدمات يعتمد عليها الشعب.


* اسمحوا لي أيضا أن أتطرق إلى موضوع العراق. لقد اختلف الوضع هناك عن الوضع في أفغانستان، حيث وقع القرار بحرب العراق بصفة اختيارية مما أثار خلافات شديدة سواء في بلدي أو في الخارج. ورغم اعتقادي بأن الشعب العراقي في نهاية المطاف هو الطرف الكاسب في معادلة التخلص من الطاغية صدام حسين، إلا أنني أعتقد أيضا أن أحداث العراق قد ذكرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية وبناء الإجماع الدولي لتسوية مشكلاتنا كلما كان ذلك ممكنا. (تصفيق) وفي الحقيقة فإننا نستذكر كلمات توماس جيفرسون الذي قال “إنني أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدرما تنمو قوتنا وأن تعلمنا هذه الحكمة درسا مفاده أن القوة ستزداد عظمة كلما قل استخدامها”.


تتحمل أمريكا اليوم مسؤولية مزدوجة تتلخص في مساعدة العراق على بناء مستقبل أفضل، وترك العراق للعراقيين. (تصفيق)


وإنني أوضحت للشعب العراقي أننا لا نسعى لإقامة أي قواعد في العراق أو لمطالبة العراق بأي من أراضيه أو موارده. يتمتع العراق بسيادته الخاصة به بمفرده. لذا أصدرت الأوامر بسحب الوحدات القتالية مع حلول شهر أغسطس القادم، ولذا سوف نحترم الاتفاق المبرم مع الحكومة العراقية المنتخبة بأسلوب ديمقراطي والذي يقتضي سحب القوات القتالية من المدن العراقية بحلول شهر يوليو وكذلك سحب جميع قواتنا بحلول عام ،2012 (تصفيق) سوف نساعد العراق على تدريب قواته الأمنية وتنمية اقتصاده. ولكننا سنقدم الدعم للعراق الآمن والموحد بصفتنا شريكا له وليس بصفة الراعي.


وأخيرا مثلما لا يمكن لأمريكا أن تتسامح مع عنف المتطرفين، فلا يجب علينا أن نقوم بتغيير أو إهمال مبادئنا أبدا. قد ألحقت أحداث 11 سبتمبر إصابة ضخمة ببلدنا، حيث يمكن تفهم مدى الخوف والغضب الذي خلفته تلك الأحداث، ولكن في بعض الحالات أدى ذلك إلى القيام بأعمال تخالف تقاليدنا ومبادئنا. إننا نتخذ إجراءات محددة لتغيير الاتجاه. وقد قمت بمنع استخدام أساليب التعذيب من قبل الولايات المتحدة منعا باتا، كما أصدرت الأوامر بإغلاق السجن في خليج غوانتانامو مع حلول مطلع العام القادم. (تصفيق)


نحن في أمريكا سوف ندافع عن أنفسنا محترمين في ذلك سيادة الدول وحكم القانون، وسوف نقوم بذلك في إطار الشراكة بيننا وبين المجتمعات الإسلامية التي يحدق بها الخطر أيضا، لأننا سنحقق مستوى أعلى من الأمن في وقت أقرب إذا نجحنا بصفة سريعة في عزل المتطرفين مع عدم التسامح لهم داخل المجتمعات الإسلامية.


* أما المصدر الرئيسي الثاني للتوتر الذي أود مناقشته هو الوضع ما بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين والعالم العربي.


إن متانة الأواصر الرابطة بين أمريكا و”إسرائيل” معروفة على نطاق واسع. ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبدا، وهي تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية وكذلك الاعتراف بأن رغبة اليهود في وجود وطن خاص لهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه.


لقد تعرض اليهود حول العالم للاضطهاد على مر القرون، وتفاقمت أحوال معاداة السامية في وقوع المحرقة التي لم يسبق لها عبر التاريخ أي مثيل. وإنني سوف أقوم غدا بزيارة معسكر بوخنفالد الذي كان جزءا من شبكة معسكرات الموت التي استخدمها الرايخ الثالث لاسترقاق وتعذيب وقتل اليهود رميا بالأسلحة النارية وتسميما بالغازات. لقد تم قتل 6 ملايين من اليهود، يعني أكثر من إجمالي عدد اليهود من سكان “إسرائيل” اليوم. إن نفي هذه الحقيقة هو أمر لا أساس له وينم عن الجهل وبالغ الكراهية. كما أن تهديد “إسرائيل” بتدميرها أو تكرار الصور النمطية الحقيرة عن اليهود، هما أمران ظالمان للغاية ولا يخدمان إلا غرض استحضار تلك الأحداث الأكثر إيذاءً إلى أذهان “الإسرائيليين” وكذلك منع حلول السلام الذي يستحقه سكان هذه المنطقة.


أما من ناحية أخرى فلا يمكن نفي أن الشعب الفلسطيني، مسلمين ومسيحيين، قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامة وطن خاص لهم. و قد تحمل الفلسطينيون آلام النزوح على مدى أكثر من ستين سنة، حيث ينتظر العديد منهم في الضفة الغربية وغزة والبلدان المجاورة لكي يعيشوا حياة يسودها السلام والأمن، هذه الحياة التي لم يستطيعوا عيشها حتى الآن. يتحمل الفلسطينيون الإهانات اليومية، صغيرة كانت أم كبيرة، والتي هي ناتجة عن الاحتلال. وليس هناك أي شك من أن وضع الفلسطينيين لا يطاق، ولن تدير أمريكا ظهرها عن التطلعات المشروعة للفلسطينيين ألا وهي تطلعات الكرامة ووجود الفرص ودولة خاصة بهم. (تصفيق)


لقد استمرت حالة الجمود إذن لعشرات السنوات: شعبان لكل منهما طموحاته المشروعة، ولكل منهما تاريخ مؤلم يجعل من التراضي أمراً صعب المنال، إن توجيه اللوم أمر سهل، إذ يشير الفلسطينيون إلى تأسيس دولة “إسرائيل” وما أدت إليه من تشريد للفلسطينيين، ويشير “الإسرائيليون” إلى العداء المستمر والاعتداءات التي يتعرضون لها داخل حدود “إسرائيل” وخارج هذه الحدود على مدى التاريخ. ولكننا إذا نظرنا إلى هذا الصراع من هذا الجانب أو من الجانب الآخر، فإننا لن نتمكن من رؤية الحقيقة، لأن السبيل الوحيد للتوصل إلى تحقيق طموحات الطرفين يكون من خلال دولتين يستطيع فيهما “الإسرائيليون” والفلسطينيون أن يعيشوا في سلام وأمن. (تصفيق)


إن هذا السبيل يخدم مصلحة “إسرائيل” ومصلحة فلسطين ومصلحة أمريكا ومصلحة العالم، ولذلك سوف أسعى شخصياً للوصول إلى هذه النتيجة، متحلياً بالقدر اللازم الذي تقتضيه هذه المهمة من الصبر والتفاني. (تصفيق) إن الالتزامات التي وافق عليها الطرفان بموجب خريطة الطريق هي التزامات واضحة. لقد آن الأوان، من أجل إحلال السلام، لكي يتحمل الجانبان مسؤولياتهما، ولكي نتحمل جميعنا مسؤولياتنا كذلك.


يجب على الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف، إن المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ولا يؤدي إلى النجاح. لقد عانى السود في أمريكا طوال قرون من الزمن من سوط العبودية ومن مهانة التفرقة والفصل بين البيض والسود، ولكن العنف لم يكن السبيل الذي مكنهم من الحصول على حقوقهم الكاملة والمتساوية، بل كان السبيل إلى ذلك إصرارهم وعزمهم السلمي على الالتزام بالمثل التي كانت بمنزلة الركيزة التي اعتمد عليها مؤسسو أمريكا، وهذا هو ذات التاريخ الذي شاهدته شعوب كثيرة تشمل شعب جنوب إفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا الشرقية وأندونيسيا. وينطوي هذا التاريخ على حقيقة بسيطة، ألا وهي أن طريق العنف طريق مسدود، وأن إطلاق الصواريخ على الأطفال “الإسرائيليين” في مضاجعهم أو تفجير حافلة على متنها سيدات مسنات لا يعبر عن الشجاعة أو عن القوة، ولا يمكن اكتساب سلطة التأثير المعنوي عن طريق تنفيذ مثل هذه الأعمال، إذ يؤدي هذا الأسلوب إلى التنازل عن هذه السلطة.


والآن، على الفلسطينيين تركيز اهتمامهم على الأشياء التي يستطيعون إنجازها، ويجب على السلطة الفلسطينية تنمية قدرتها على ممارسة الحكم من خلال مؤسسات تقدم خدمات للشعب وتلبي احتياجاته، إن تنظيم حماس يحظى بالدعم من قبل بعض الفلسطينيين ولكن على تنظيم حماس أن يدرك المسؤوليات التي عليه أن يتحملها، ويتعين على تنظيم حماس أن يضع حداً للعنف وأن يعترف بالاتفاقات السابقة وأن يعترف بحق “إسرائيل” في البقاء حتى يؤدي دوره في تلبية طموحات الفلسطينيين وتوحيد الشعب الفلسطيني.


وفي نفس الوقت، يجب على “الإسرائيليين” الإقرار بأن حق فلسطين في البقاء هو حق لا يمكن إنكاره، مثلما لا يمكن إنكار حق “إسرائيل” في البقاء. إن الولايات المتحدة لا تقبل مشروعية استمرار المستوطنات “الإسرائيلية”. (تصفيق) إن عمليات البناء هذه تنتهك الاتفاقات السابقة وتقوض من الجهود المبذولة لتحقيق السلام. لقد آن الأوان لكي تتوقف هذه المستوطنات. (تصفيق)


كما يجب على “إسرائيل” أن تفي بما التزمت به بشأن تأمين تمكين الفلسطينيين من أن يعيشوا ويعملوا ويطوروا مجتمعهم. إن الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة والتي تصيب الأسر الفلسطينية بالهلاك لا توفر الأمن ل”إسرائيل”، كما أن استمرار انعدام الفرص في الضفة الغربية لا يوفر ل”إسرائيل” الأمن. إن التقدم في الحياة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني يجب أن يكون جزءاً هاماً من الطريق المؤدي للسلام، ويجب على “إسرائيل” أن تتخذ خطوات ملموسة لتحقيق مثل هذا التقدم.


وأخيراً، يجب على الدول العربية أن تعترف بأن مبادرة السلام العربية كانت بداية مهمة، وأن مسؤولياتها لا تنتهي بهذه المبادرة، كما ينبغي عليها ألا تستخدم الصراع بين العرب و”إسرائيل” لإلهاء الشعوب العربية عن مشاكلها الأخرى، بل يجب أن تكون هذه المبادرة سببا لحثهم على العمل لمساعدة الشعب الفلسطيني على تطوير المؤسسات التي سوف تعمل على مساندة دولتهم، ومساعدة الشعب الفلسطيني على الاعتراف بشرعية “إسرائيل” واختيار سبيل التقدم بدلا من السبيل الانهزامي الذي يركز الاهتمام على الماضي.


سوف تنسق أمريكا سياساتنا مع سياسات أولئك الذين يسعون من أجل السلام، وسوف تكون تصريحاتنا التي تصدر علنا هي ذات التصريحات التي نعبر عنها في اجتماعاتنا الخاصة مع “الإسرائيليين” والفلسطينيين والعرب. (تصفيق) إننا لا نستطيع أن نفرض السلام، ويدرك كثيرون من المسلمين في قرارة أنفسهم أن “إسرائيل” لن تختفي، وبالمثل، يدرك الكثيرون من “الإسرائيليين” أن دولة فلسطينية أمر ضروري. لقد آن الأوان للقيام بعمل يعتمد على الحقيقة التي يدركها الجميع.


لقد سالت دموع الكثيرين وهدرت دماء الكثيرين، وعلينا جميعا تقع مسؤولية العمل من أجل ذلك اليوم الذي تستطيع فيه أمهات “الإسرائيليين” والفلسطينيين مشاهدة أبنائهن يتقدمون في حياتهم دون خوف، وعندما تصبح الأرض المقدسة التي نشأت فيها الأديان الثلاثة العظيمة مكانا للسلام الذي أراده الله لها، وعندما تصبح مدينة القدس وطنا دائما لليهود والمسيحيين والمسلمين، المكان الذي يستطيع فيه أبناء سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يتعايشوا في سلام، تماما كما ورد في قصة الإسراء - (تصفيق)، عندما أقام الأنبياء موسى وعيسى ومحمد سلام الله عليهم الصلاة معا. (تصفيق)


* إن المصدر الثالث للتوتر يتعلق باهتمامنا المشترك بحقوق الدول ومسؤولياتها بشأن الأسلحة النووية.


لقد كان هذا الموضوع مصدرا للتوتر الذي طرأ مؤخراً على العلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية، التي ظلت لسنوات كثيرة تعبر عن هويتها من خلال موقفها المناهض لبلدي، والتاريخ بين بلدينا تاريخ عاصف بالفعل، إذ لعبت الولايات المتحدة في إبان فترة الحرب الباردة دورا في الإطاحة بالحكومة الإيرانية المنتخبة بأسلوب ديمقراطي، ولعبت إيران منذ قيام الثورة الإسلامية دوراً في أعمال اختطاف الرهائن وأعمال العنف ضد القوات والمدنيين الأمريكيين. هذا التاريخ تاريخ معروف. لقد أعلنت بوضوح لقادة إيران وشعب إيران أن بلدي، بدلا من أن يتقيد بالماضي، يقف مستعداً للمضي قدما، والسؤال المطروح الآن لا يتعلق بالأمور التي تناهضها إيران، ولكنه يرتبط بالمستقبل الذي تريد إيران أن تبنيه.


إن التغلب على فقدان الثقة الذي استمر لعشرات السنوات سوف يكون صعباً، ولكننا سوف نمضي قدما مسلحين بالشجاعة واستقامة النوايا والعزم، سيكون هناك الكثير من القضايا التي سيناقشها البلدان، ونحن مستعدون للمضي قدماً دون شروط مسبقة على أساس الاحترام المتبادل. إلا أن الأمر الواضح لجميع المعنيين بموضوع الأسلحة النووية هو أننا قد وصلنا إلى نقطة تتطلب الحسم، وهي ببساطة لا ترتبط بمصالح أمريكا، ولكنها ترتبط بمنع سباق للتسلح النووي قد يدفع بالمنطقة إلى طريق محفوف بالمخاطر.


إنني مدرك أن البعض يعترض على حيازة بعض الدول لأسلحة لا توجد مثلها لدى دول أخرى، ولا ينبغي على أية دولة أن تختار الدول التي تملك أسلحة نووية، وهذا هو سبب قيامي بالتأكيد مجددا وبشدة على التزام أمريكا بالسعي من أجل عدم امتلاك أي من الدول للأسلحة النووية، (تصفيق) وينبغي على أية دولة، بما في ذلك إيران، أن يكون لها حق الوصول إلى الطاقة النووية السلمية إذا امتثلت لمسؤولياتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهذا الالتزام هو التزام جوهري في المعاهدة، ويجب الحفاظ عليه من أجل جميع الملتزمين به، وأملي أن يكون هذا الهدف هدفاً مشتركاً لجميع بلدان المنطقة.


* إن الموضوع الرابع الذي أريد أن أتطرق إليه هو الديمقراطية. (تصفيق)


أعلم أن جدلاً حول تعزيز الديمقراطية وحقوق جميع البشر كان يدور خلال السنوات الأخيرة وأن جزءاً كبيراً من هذا الجدل كان متصلاً بالحرب في العراق. اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح وأقول ما يلي: لا يمكن لأية دولة، ولا ينبغي على أية دولة، أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى.


ومع ذلك، لن يقلل ذلك من التزامي تجاه الحكومات التي تعبر عن إرادة الشعب، حيث يتم التعبير عن هذا المبدأ في كل دولة وفقاً لتقاليد شعبها. إن أمريكا لا تفترض أنها تعلم ما هو أفضل شيء بالنسبة للجميع، كما أننا لا نفترض أن تكون نتائج الانتخابات السلمية هي النتائج التي نختارها، ومع ذلك يلازمني اعتقاد راسخ أن جميع البشر يتطلعون لامتلاك قدرة التعبير عن أفكارهم وآرائهم في أسلوب الحكم المتبع في بلدهم، ويتطلعون للشعور بالثقة بحكم القانون والالتزام بالعدالة والمساواة في تطبيقه، ويتطلعون كذلك لشفافية الحكومة وامتناعها عن نهب أموال الشعب، ويتطلعون لحرية اختيار طريقهم في الحياة. إن هذه الأفكار ليست أفكارا أمريكية فحسب، بل هي حقوق إنسانية، وهي لذلك الحقوق التي سوف ندعمها في كل مكان. (تصفيق)


لا يوجد طريق سهل ومستقيم لتلبية هذا الوعد، ولكن الأمر الواضح بالتأكيد هو أن الحكومات التي تحمي هذه الحقوق هي في نهاية المطاف الحكومات التي تتمتع بقدر أكبر من الاستقرار والنجاح والأمن. إن قمع الأفكار لا ينجح أبداً في القضاء عليها. إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمي يراعي القانون، حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا، وسوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة، شرط أن تحترم جميع أفراد الشعب في ممارستها للحكم.


هذه النقطة الأخيرة لها أهميتها لأن البعض لا ينادون بالديمقراطية إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة، ولا يرحمون الغير في ممارساتهم القمعية لحقوق الآخرين عند وصولهم إلى السلطة. (تصفيق) إن الحكومة التي تتكون من أفراد الشعب وتدار بواسطة الشعب هي المعيار الوحيد لجميع من يتطلع لشغل مراكز السلطة، وذلك بغض النظر عن المكان الذي تتولى فيه مثل هذه الحكومة ممارسة مهامها إذ يجب على الحكام أن يمارسوا سلطاتهم من خلال التوافق في الرأي وليس عن طريق الإكراه، ويجب على الحكام أن يحترموا حقوق الأقليات وأن يشاركوا بروح من التسامح والتراضي، ويجب عليهم أن يعطوا مصالح الشعب والأشغال المشروعة للعملية السياسية الأولوية على مصالح الحزب الذي ينتمون إليه. إن الانتخابات التي تتم دون هذه العناصر لا تؤدي إلى ديمقراطية حقيقية.


أحد أعضاء جمهور الحاضرين: يا باراك أوباما: إننا نحبك.


الرئيس أوباما: شكراً (تصفيق)


* أما الموضوع الخامس الذي يجب علينا الوقوف أمامه معا، فهو موضوع الحرية الدينية.


إن التسامح تقليد عريق يفخر به الإسلام. نشاهد هذا التسامح في تاريخ الأندلس وقرطبة خلال فترة محاكم التفتيش. لقد شاهدت بنفسي هذا التسامح عندما كنت طفلاً في أندونيسيا، إذ كان المسيحيون في ذلك البلد الذي يشكل فيه المسلمون الغالبية، يمارسون طقوسهم الدينية بحرية. إن روح التسامح التي شاهدتها هناك هي ما نحتاجه اليوم، إذ يجب أن تتمتع الشعوب في جميع البلدان بحرية اختيار العقيدة وأسلوب الحياة القائم على ما تمليه عليهم عقولهم وقلوبهم وأرواحهم بغض النظر عن العقيدة التي يختارونها لأنفسهم، لأن روح التسامح هذه ضرورية لازدهار الدين، ومع ذلك تواجه روح التسامح هذه تحديات مختلفة.


ثمة توجه مزعج في أوساط بعض المسلمين ينزع إلى تحديد قوة عقيدة الشخص وفقاً لموقفه الرافض لعقيدة الآخر. إن التعددية الدينية هي ثروة يجب الحفاظ عليها، ويجب أن يشمل ذلك الموارنة في لبنان أو الأقباط في مصر، (تصفيق) وإذا كان إخلاصنا صادقاً، يجب إصلاح خطوط الانفصال في أوساط المسلمين كذلك لأن الانقسام بين السنيين والشيعيين قد أدى إلى عنف مأساوي، ولا سيما في العراق.


إن الحرية الدينية هي الحرية الأساسية التي تمكن الشعوب من التعايش، ويجب علينا دائما أن نفحص الأساليب التي نتبعها لحماية هذه الحرية، فالقواعد التي تنظم التبرعات الخيرية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أدت إلى تصعيب تأدية فريضة الزكاة بالنسبة للمسلمين، وهذا هو سبب التزامي بالعمل مع الأمريكيين المسلمين لضمان تمكينهم من تأدية فريضة الزكاة.


وبالمثل، من الأهمية بمكان أن تمتنع البلدان الغربية عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهم من التعبير عن دينهم على النحو الذي يعتبرونه مناسبا، فعلى سبيل المثال، عن طريق فرض الثياب التي ينبغي على المرأة المسلمة أن ترتديها. إننا ببساطة لا نستطيع التستر على معاداة أي دين من خلال التظاهر بالليبرالية.


ينبغي أن يكون الإيمان في الواقع عاملاً للتقارب فيما بيننا، ولذلك نعمل الآن على تأسيس مشاريع جديدة تطوعية في أمريكا من شأنها التقريب فيما بين المسيحيين والمسلمين واليهود. إننا لذلك نرحب بالجهود المماثلة لمبادرة عاهل المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبد الله المتمثلة في حوار الأديان، كما نرحب بالموقف الريادي الذي اتخذته تركيا في تحالف الحضارات. إننا نستطيع أن نقوم بجهود حول العالم لتحويل حوار الأديان إلى خدمات تقدمها الأديان يكون من شأنها بناء الجسور التي تربط بين الشعوب وتؤدي بهم إلى تأدية أعمال تدفع إلى الأمام عجلة التقدم لجهودنا الإنسانية المشتركة، سواء كان ذلك في مجال مكافحة الملاريا في إفريقيا أو توفير الإغاثة في أعقاب كارثة طبيعية.


* إن الموضوع السادس الذي أريد التطرق إليه هو موضوع حقوق المرأة.


(تصفيق) أعلم - وجمهور الحاضرين يوضح لي ذلك - أعلم أن الجدل حول هذا الموضوع يدور بنشاط، وأرفض الرأي الذي يعبر عنه البعض في الغرب ويعتبر المرأة التي تختار غطاء لشعرها أقل شأنا من غيرها، ولكنني أعتقد أن المرأة التي تُحرم من التعليم تُحرم كذلك من المساواة. (تصفيق) إن البلدان التي تحصل فيها المرأة على تعليم جيد هي غالبا بلدان تتمتع بقدر أكبر من الرفاهية، وهذا ليس من باب المصادفة.


اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح: إن قضايا مساواة المرأة ليست ببساطة قضايا للإسلام وحده، لقد شاهدنا بلدانا غالبية سكانها من المسلمين، مثل تركيا وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا، تنتخب المرأة لتولي قيادة البلد. وفي نفس الوقت يستمر الكفاح من أجل تحقيق المساواة للمرأة في بعض جوانب الحياة الأمريكية وفي بلدان العالم.


أنا مقتنع تماما أن باستطاعة بناتنا تقديم مساهمات إلى مجتمعاتنا تتساوى مع ما يقدمه لها أبناؤنا، (تصفيق) وسوف يتم تحقيق التقدم في رفاهيتنا المشتركة من خلال إتاحة الفرصة لجميع الرجال والنساء لتحقيق كل ما يستطيعون تحقيقه من إنجازات. أنا لا أعتقد أن على المرأة أن تسلك ذات الطريق الذي يختاره الرجل لكي تحقق المساواة معه، كما أحترم كل امرأة تختار ممارسة دور تقليدي في حياتها، ولكن هذا الخيار ينبغي أن يكون للمرأة نفسها. ولذلك سوف تعمل الولايات المتحدة مع أي بلد غالبية سكانه من المسلمين من خلال شراكة لدعم توسيع برامج محو الأمية للفتيات ومساعدتهن على السعي في سبيل العمل عن طريق توفير التمويل الأصغر الذي يساعد الناس على تحقيق أحلامهم. (تصفيق)


* وأخيراً، أريد أن أتحدث عن التنمية الاقتصادية وتنمية الفرص.


أعلم أن الكثيرين يشاهدون تناقضات في مظاهر العولمة، لأن شبكة الإنترنت وقنوات التلفزيون لديها قدرات لنقل المعرفة والمعلومات، ولديها كذلك قدرات لبث مشاهد جنسية منفرة وفظة وعنفاً غير عقلاني إلى داخل بيوتهم، وباستطاعة التجارة أن تأتي بثروات وفرص جديدة، ولكنها في ذات الوقت تُحدِث في المجتمعات اختلالات وتغييرات كبيرة ، وتأتي مشاعر الخوف في جميع البلدان، حتى في بلدي، مع هذه التغييرات، وهذا الخوف هو خوف من أن تؤدي الحداثة إلى فقدان السيطرة على خياراتنا الاقتصادية وسياساتنا، والأهم من ذلك، على هوياتنا، وهي الأشياء التي نعتز بها في مجتمعاتنا وفي أسرنا وفي تقاليدنا وفي عقيدتنا.


ولكني أعلم أيضا أن التقدم البشري لا يمكن إنكاره، فالتناقض بين التطور والتقاليد ليس أمراً ضرورياً، إذ تمكنت بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية من إحداث تنمية ضخمة لأنظمتها الاقتصادية، وتمكنت في ذات الوقت من الحفاظ على ثقافتها المتميزة. وينطبق ذلك على التقدم الباهر الذي شاهده العالم الإسلامي من كوالالمبور إلى دبي، لقد أثبتت المجتمعات الإسلامية منذ قديم الزمان وفي عصرنا الحالي أنها تستطيع أن تتبوأ مركز الطليعة في الابتكار والتعليم.


وهذا أمر مهم، إذ لا يمكن أن تعتمد أية استراتيجية للتنمية على الثروات المستخرجة من تحت الأرض، ولا يمكن إدامة التنمية مع وجود البطالة في أوساط الشباب، لقد استمتع عدد كبير من دول الخليج بالثراء المتولد عن النفط، وتبدأ بعض هذه الدول الآن بالتركيز على قدر أعرض من التنمية، ولكن علينا جميعا أن ندرك أن التعليم والابتكار سيكونان مفتاحا للثروة في القرن الواحد والعشرين، (تصفيق) وما زال الاستثمار في هذين المجالين ضئيلاً في عدد كبير من المجتمعات الإسلامية. إنني أؤكد على مثل هذه الاستثمارات في بلدي، لقد كانت أمريكا في الماضي تركز اهتمامها على النفط والغاز في هذا الجزء من العالم، ولكننا نسعى الآن للتعامل مع أمور تشمل أكثر من ذلك.


فيما يتعلق بالتعليم، سوف نتوسع في برامج التبادل ونرفع من عدد المنح الدراسية، مثل تلك التي أتت بوالدي إلى أمريكا. (تصفيق) وسوف نقوم في نفس الوقت بتشجيع عدد أكبر من الأمريكيين على الدراسة في المجتمعات الإسلامية، وسوف نوفر للطلاب المسلمين الواعدين فرصاً للتدريب في أمريكا، وسوف نستثمر في سبل التعليم الافتراضي للمعلمين والتلاميذ في جميع أنحاء العالم عبر الفضاء الإلكتروني، وسوف نستحدث شبكة إلكترونية جديدة لتمكين الشباب في ولاية كنساس من الاتصال المباشر مع نظرائهم في القاهرة.


وفيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، سوف نستحدث هيئة جديدة من رجال الأعمال المتطوعين لتكوين شراكة مع نظرائهم في البلدان التي يشكل فيها المسلمون أغلبية السكان، وسوف أستضيف مؤتمر قمة لأصحاب المشاريع المبتكرة هذا العام لتحديد كيفية تعميق العلاقات بين الشخصيات القيادية في مجال العمل التجاري والمهني والمؤسسات وأصحاب المشاريع الابتكارية الاجتماعية في الولايات المتحدة وفي المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.


وفيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، سوف نؤسس صندوقا ماليا جديدا لدعم التنمية والتطور التكنولوجي في البلدان التي يشكل فيها المسلمون غالبية السكان، وللمساهمة في نقل الأفكار إلى السوق حتى تستطيع هذه البلدان استحداث المزيد من فرص للعمل، وسوف نفتتح مراكز للتفوق العلمي في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وسوف نعين موفدين علميين للتعاون في برامج من شأنها تطوير مصادر جديدة للطاقة، واستحداث فرص خضراء للعمل لا تضر بالبيئة وسبل لترقيم السجلات، وتنظيف المياه، وزراعة محاصيل جديدة. واليوم، أعلن عن جهود عالمية جديدة مع منظمة المؤتمر الإسلامي للقضاء على مرض شلل الأطفال، وسوف نسعى من أجل توسيع الشراكة مع المجتمعات الإسلامية لتعزيز صحة الأطفال والأمهات.


يجب إنجاز جميع هذه الأمور عن طريق الشراكة، إن الأمريكيين مستعدون للعمل مع المواطنين والحكومات، ومع المنظمات الأهلية والقيادات الدينية والشركات التجارية والمهنية في المجتمعات الإسلامية حول العالم من أجل مساعدة شعوبنا في مساعيها الرامية لتحقيق حياة أفضل.


إن معالجة الأمور التي وصفتها لن تكون سهلة، ولكننا نتحمل معاً مسؤولية ضم صفوفنا والعمل معا نيابة عن العالم الذي نسعى من أجله، وهو عالم لا يهدد فيه المتطرفون شعوبنا، عالم تعود فيه القوات الأمريكية إلى ديارها، عالم ينعم فيه الفلسطينيون و”الإسرائيليون” بالأمان في دولة لكل منهما، وعالم تُستخدم فيه الطاقة النووية لأغراض سلمية، وعالم تعمل فيه الحكومات على خدمة المواطنين وعالم تحظى فيه حقوق جميع البشر بالاحترام. هذه هي مصالحنا المشتركة، وهذا هو العالم الذي نسعى من أجله، والسبيل الوحيد لتحقيق هذا العالم هو العمل معاً.


أعلم أن هناك الكثير من المسلمين وغير المسلمين الذين تراودهم الشكوك حول قدرتنا على استهلال هذه البداية، وهناك البعض الذين يسعون إلى تأجيج نيران الفرقة والانقسام والوقوف في وجه تحقيق التقدم، ويقترح البعض أن الجهود المبذولة في هذا الصدد غير مجدية، وأن الاختلاف مصيرنا وأن الحضارات سوف تصطدم حتما، وهناك الكثيرون كذلك الذين يتشككون ببساطة في إمكانية تحقيق التغيير الحقيقي، فالمخاوف كثيرة وانعدام الثقة كبير، وقد أدى مرور الأعوام إلى تضخيمها ولكننا لن نتقدم أبدا إلى الأمام إذا اخترنا التقيد بالماضي. وأريد أن أخاطب الشباب بالتحديد، لكي أقول للشباب من جميع الأديان ومن جميع البلدان أنكم أنتم الذين تملكون أكثر من أي شخص آخر، القدرة على تحديد معالم هذا العالم وفقاً لتخيلاتكم المجددة له.


إن الفترة الزمنية التي نعيش فيها جميعاً مع بعضنا بعضاً في هذا العالم هي فترة قصيرة، والسؤال المطروح علينا هو هل سنركز اهتمامنا خلال هذه الفترة الزمنية على الأمور التي تفرق بيننا، أم سنلتزم بجهود مستديمة للوصول إلى موقف مشترك، وتركيز اهتمامنا على المستقبل الذي نسعى إليه من أجل أبنائنا، واحترام كرامة جميع البشر.


إن خوض الحروب أسهل من إنهائها، كما أن توجيه اللوم للآخرين أسهل من أن ننظر إلى ما يدور في أعماقنا، كما أن ملاحظة الجوانب التي نختلف فيها مع الآخرين أسهل من العثور على الجوانب المشتركة بيننا، ومع ذلك، ينبغي علينا أن نختار الطريق السليم وألا نكتفي باختيار الطريق السهل. ولكل دين من الأديان قاعدة جوهرية تدعونا لأن نعامل الناس مثلما نريد منهم أن يعاملونا، ( تصفيق) وتعلو هذه الحقيقة على البلدان والشعوب، وهي عقيدة ليست بجديدة، وهي ليست عقيدة السود أو البيض أو السمر، وليست هذه العقيدة مسيحية أو مسلمة أو يهودية، هي عقيدة الإيمان الذي بدأت نبضاتها في مهد الحضارة والتي ما زالت تنبض اليوم في قلوب آلاف الملايين من البشر، هي الإيمان بالآخرين: الإيمان الذي أتى بي إلى هنا اليوم.


إننا نملك القدرة على تشكيل العالم الذي نسعى من أجله، ولكن يتطلب ذلك منا أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لاستحداث هذه البداية الجديدة، آخذين بعين الاعتبار ما كُتِب في القرآن الكريم: “يَا أَيهَا الناسُ إِنا خَلَقْنَاكُم من ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”.


ونقرأ في التلمود ما يلي: “إن الغرض من النص الكامل للتوراة هو تعزيز السلام”.


ويقول لنا الكتاب المقدس: “هنيئاً لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعونَ”. (تصفيق)


باستطاعة شعوب العالم أن تعيش معا في سلام. إننا نعلم أن هذه رؤية الرب، وعلينا الآن أن نعمل على الأرض لتحقيق هذه الرؤية. شكرا لكم والسلام عليكم. شكراً جزيلاً. شكراً”. (تصفيق)

********
منقول من مجلة الخليج

شاهد الخطاب كامل و مترجم هنا

10 May 2009

رواية عزازيل

تدور أحداث الرواية خلال أربعون يوماً – هي تلك الفترة التي قضاها الراهب هيبا في كتابة كل ما مر به خلال سنوات عمره الأربعون – التي قضاها هيبا في خلوته بصومعته في احدى الأديرة التي عاش بها سنوات من عمره قبل ان يقرر الرحيل عن هذا الدير تاركاً خلفة تلك الأوراق التي اقنعه عزازيل ( الشيطان ) بكتابتها ووضعها في صندوق ووضعها أسفل الحجارة الكبيرة التي توجد عن بوابة الدير تاركاً معها كل الصراعات التى يعاني منها و أوهامه و التناقضات التي شاهدها طوال حياته ، راحلاً إلي مكان لم يحدده المؤلف حيث النهاية مفتوحة .

بدأ هيبا الراهب المسيحي في تدوين حياته منذ الطفولة و نشأته في صعيد مصر لأب وثني ما زال يعبد الإله خنوم أحد ألهة الفراعنة و أمه المعتنقة للمسيحية ثم يموت أباه أمام عينيه .. تقتله إحدى الجماعات المسيحية المتشددة نتيجة لوشاية من أم هيبا .. يعيش مع عمه المريض الذي يشجعه على طلب العلم و الالتحاق بالكنيسة ليصير راهباً و السفر إلى الأسكندرية طلباً للعلم ليصير طبيباً ليشفى المرضي .

يسافر إلى الأسكندرية تلقاه (اوكتافيا) تلك الخادمة الوثنية لأحد التجار الأغنياء بالبلدة .. أوكتافيا تكبره بخمسة أعوام .. لا تعرف انه راهب مسيحي .. تعشقه و تحبه لأقصي الحدود ..يعيش معها هيبا بضعة أيام لا ينساها هيبا رغم مرور السنوات .. و يصفها دوماً بالطاهرة بالرغم من أنه وقع معها في الخطيئة .. تطرده من حياتها حينما تكتشف هويته كراهب مسيحي .

يحضر احدى دروس العلم التي تلقيها العالمة الفيلسوفة (هيباتيا) و التي اشتق اسمه من اسمها .. فيبهر بها و بعلمها و لكنه لا يستطيع أن يعود لدروسها مرة اخرى لأن الكنيسة تحرم علوم الفلسفة و باقي العلوم و هذا حوار بين هيبا و كيرلس :

- و ما هي يا صاحب القداسة ، العلوم التي لا نفع لها . حتى أعرفها ، و أحرص على الإبتعاد عنها ؟
- هي أيها الراهب ، خزعبلات المهرطقين و أوهام المشتغلين بالفلك و الرياضيات و السحر .... إن كنت تريد تاريخاً ؟ إليك التوراة و سفر الملوك . أو تريد بلاغة ؟ إليك سفر الأنبياء . أو تريد شعراً ؟ إليك المزامير . و إن أردت الفلك و القانون و الأخلاق ، فإليك قانون الرب المجيد .

لهذا لم يستطيع هيبا حضور دروس العالمة هيباتيا لانها وثنية و لان تلك العلوم محرمة و ضد الشريعة المسيحية ، و لكن الأمور لا تستقر على هذا و لم يمكث هيبا بالاسكندرية طويلاً حيث خرج هائماً على وجهة يوم خرج الرهبان و القساوسة للإنتقام و قتل العالمة هيباتيا أمام عيني هيبا الذي كان مذهولاً مما يحدث أمامه و قد كان مشهد قتلها و تعذيبها و حرقها بالنار مشهد مروعاً .

" اهتزت الجموع مهتاجة تردد: "بعون السماء سوف نطهر أرض الرب من الوثنيين"، واندفع الجميع في حالة هياج مجنون إلى خارج الكنيسة يقصدون "الكافرة" هيباتيا، يقودهم من يسمى بطرس، ولحقوا بها في عربتها، والتفوا حولها وهم يصرخون بهتافهم متوعدين "الكافرة"، أطلت هيباتيا برأسها الملكي من شباك العربة .. كانت عينها فزعة مما تراه حولها، تعقد حاجباها ، وكادت تقول شيئًا لولا أن بطرس زعق فيها : "جئناك يا عاهرة يا عدوة الرب"، وجذبها بطرس وألقاها على الأرض قائلا: "باسم الرب سوف نطهر أرض الرب "

.. و من أكثر الجمل التي قالها هيبا و أعجبتني كثيراُ :

" إن قتل الناس باسم الدين ، لا يجعله ديناً "

أحداث كثيرة تمر بالراهب هيبا أثناء ترحاله من الأسكندرية متجها إلي اورشاليم ( القدس ) عابراً شمال الدلتا ثم سيناء حتى يصل إلي القدس و يمكث هناك عدة أعوام يتعلم و يحاول الوصول إلى أصول الديانة و الاستقرار النفسي محاولاً التخلص أو نسيان طفولته و تلك الفترة التي عاشها في الأسكندرية حتى يقابل الراهب ( نسطور ) الذي يحبه و يشعر معه بالحب الأبوي و يتقرب منه تلك الفترة التي جائها نسطور للحج بالقدس و يحاول اخراج ما بداخله من شكوك نحو العقيدة .. و ينصحه الأب نسطور بالذهاب و العيش في الدير الذي يكتب به هيبا مذكراته الآن حيث الهدوء و السكينة و حيث يشتهر هيبا كطبيب و شاعر أيضا و تمر سنوات كثيرة عليه في هذا الدير حتى تأتي ( مرتا ) تلك الفتاة غير العذراء في سن العشرين و التي تعشقه و يعشقها و التي تقيم مع قريبة لها عجور بكوخ بجوار الدير .. و يدخل الراهب في صراعات نفسية جديدة بين حياته كراهب و بين حبه لمرتا و بين ما يحدث لصديقه نسطور الذى اصبح أسقف انطاكيه و بين الأسقف كيرلس و المجمع الكنسي بالاسكندرية و الصراعات الطاحنة بين الكنائس الكبري و ماهية العقيدة المسيحية و هل المسيح هو الرب أم هو الصورة البشرية التي تجلي فيها الرب و انه كلمة الله و هل مريم أم الإله أم هي إنسانة انجبت من رحمها الطاهر بمعجزة إلهية و صار إبتها من بعد ذلك مجلى للإله و مخلطاً للإنسان .. كل تلك الصراعات أطاحت بهيبا الذي وقع مريضاً غائباً عن الوعي في حمى استمرت 20 يوماً .. في تلك الفترة ظهر عزازيل جلياً لهيبا و دارت بينهم حوارات كثيرة منها ما يأتي :

ثم سألني عزازيل :
- هل خلق الله الإنسان أم العكس ؟
- ماذا تقصد ؟
- يا هيبا ، الإنسان في كل عصر يخلق إلهاً له على هواه ، فإلهه دوماً رؤاه و أحلامه المستحيلة ، و مناه .
- كُفّ عن هذا الكلام ، فأنت تعرف مكانك من الله ، فلا تذكره .
- أنا مذكور يا هيبا ، ما دام هو مذكور ... ان الله محتجب في ذات الإنسان ، و الإنسان عاجز عن الغوص لإدراكه و لما ظن البعض في الزمن القديم ، أنهم رسموا صورة للإله الكامل ، ثم أدركوا أن الشر أصيل في العالم و موجود دوماً ، أوجدوني لتبريره .

سألت عزازيل عن المعنى الواحد لأسمائه الكثيرة ، فقال : النقيض .
عزازيل نقيض الله المألوه ..

- لكنك يا عزازيل ، سبب الشر في العالم .
- يا هيبا كن عاقلاً ، أنا مبرر الشرور .. هي التي تسببني
أنا يا هيبا أنت ، و أنا هم .. تراني حاضراً حيثما أردت ، أو أرادو . فأنا حاضر دوماً لرفع الوزر ، و دفع الإصر ، و تبرئة كل مُدان . أنا الإرادة و المريد و المراد ، و أنا خادم العباد ، و مثير العباد إلى مطاردة خيوط أوهامهم .

بعدما يخرج هيبا من فترة مرضه يجد أن مرتا التي أحبها قد سافرت إلي بلده أخري تاركة رسالة له بأنها كانت مضطرة .. لا ينقطع عزازيل عن ظهوره لهيبا حتى بعد شفاءه من الحمى .. تمنى هيبا أن يموت ليتخلص من هذا العذاب الذي يعانيه .. لكن عزازيل يقنعه ان موته ليس الحل .. و يدفعه عزازيل ان يدون كل ما بداخله من أفكار و صراعات و كل ما مر به طوال سنوات عمره قائلاً ان الذي يكتب لا يموت أبداً .. يقرر هيبا الخلوة بصومعته أربعين يوماً حتى ينتهي من كتاباته ثم يترك الدير بعد ذلك إلى مكان غير معلوم .


اضغط هنا لتحميل رواية عزازيل

02 March 2009

البت باتعه

البت باتعه .. بنت زيد عبد الصبور
اللي أمها يوم عرسها
كان عفشها .. حلّة وبابور
ومعاه كمان صندوق خشب
كان أصله سحارة صابون
فيه بنستين والمكحلة
ومراية والفلاية والملقاط
وحجر وليفة ومبخره
وقزازة كان فيها البخور
وجوز صحون
ومنٍخُلين ..
والطشت والقروانه والغربال ..
ومقشّه ليف ...
ومقشتين عرجون
وزير وزلعة وقلتين وماجور
وحصيره من سوق التلات
ولحاف بإيدها منجداه
ومخدتين
والوش كان دمُّور


في الانفتاح
علي رأي صاحبي والانبطاح
وفتحنا مصر سداح مداح
ونسينا حي علي الكفاح
والشعب محكوم بالسلاح
اتلخبطت كل الأمور
وقيم كتير
وعادات كتير اتغيرت
من ضمنها غًلو المهور


البنت دي
بنت أم باتعه
مش عاجبه حد في مشيها
إكمنًّها .. مشيت طريقها لوحدها
والأسرة غابت عنًّها
مشغولة عنها بعبئها
سايبينها هيًّ وشأنها
وإكمنًّها مستهدفه
الأجنبي ومعاه غبي
فكّر لها
قال أولا:
ترفض معيشة أهلها
ترفض أوامر ربها
ترمي الحياء والانتماء ورا ضهرها
تقطع جدورها بنفسها


أوعز لها
إزاي حتعرض لحمها
وتبان مفاتن جسمها
من ضفرها .. لأعلي خصله ف شعرها
عمل الصالات .. تعرض موضات
والاعلانات .. ماليه الشاشات
بالشنبوهات والتسريحات
وحاجات كتير فرحت بها
تاهت ونسيت نفسها
وتكلًّمك ربع الكلام بالأجنبي
وتقول هالو ...
بنت أم باتعه تقول هالو
مرسيه يا شوشو وثانك يو
ولكَمٍ يا توتو وياللا جو
وكبار شيوخ المسلمين
ما عرفش ليه مًتلجًّمين
والمسئولين... فتحوا الببان علي وًسعها

قام قال سلامة ألمًّها
يمكن تغيّر فكرها
ترجع لدينها و ربها
وتعيش حياتها بحلوها و بمرها

راح لـ أمها ...
يخطبها منها وقال لها
بصراحه بنتك ..
عاوزه حد يلمّها
وأنا قدّها
قالت : وماله
البنت يلزمها الجواز
شخشخ جيوبك .. واشتري ياللا الجهاز
قال : اطلبي ...
قالت : تجهز شقه .. قد أربع إوض
أحسن نابوليا في البلد
وتجيبها من دمياط
وتجيب نجف من غير عدد
والمكنسة بشفاط
والدِش قبل الدٌش
والفيديو والبوتاجاز
وتجيب لها تلاجة ستاشر قدم
وتجيب لها قبل الجواز ...
الفرو والمحمول
وتجيب لها غسالة فول
أنا قصدي فول توماتيك
شقتها كاملة ..
زي أي بوتيك

وتجيب لها قبل الجهاز
الشبكة طقم من الدهب
أنا مش حاقولك ألماظ
وتجيب لها فستان زفاف
من غير كمام من غير كتاف
علشان يبين صدرها
وتبان مفاتن جسمها
وتجيب غوازي تزفها
واللي اسمه إيه شهر العسل
في الشرم واللا الغردقة
وبلاش أمور البعزقة
آدي مطلبي
إن كنت قادر مهرها
قرَّب لها
أنا مش حاميّل بختها ..

قال : يا ام باتعه حاجيب منين
أنا لاني راجل مرتشي
ولا أحب أجيب بالدّين
ولا أرضي بالتقسيط ..
الطاق بيبقي طاقين
ويكتّبوني شيكات
أو أمضي علي ايصالات
علي إنها امانات
وحكاية مش هيّ
لو بس فات شهرين
مادفعتلوش قسطين
بدل المحامي اتنين
حايجيب له رفض الشيك
ومصيبه وقضيه
ومش حاقولك عالقرف
وحاجات مخلًّه بالشرف
اما البوليس والمحكمه
حابقي ف نظرهم منحرف
وباكسر القوانين

شوفي يا ام باتعه
أنا عندي شقه محندقه
معقوله ماهش ضيقه
فيها يادوب أوضتين
وعملت جمعيه
مع ناس أماره زيكم
وقبضتها ألفين
وادي اللي عندي وقلتلك بصراحه
وبإذن واحد أحد
ربًّك حايفرجها ..
وباتعه حتريَّحك .. وتعيش مرتاحه


قالت له: قم من هنا
قم فضها سيره
أنا احترمتك .. عشان الأهل والجيره
بتقولي الفين جنيه ؟!!
وانا اللي قال بافتكر ..
باتعه حاتخد بيه
حافظ علي كلمتك يا اهبل ..
وخلًّيك زوق
دي باتعه طول عمرها
دايما تبص لفوق
لاحمر ولاخضر
وشي محزَّق وبنطلونات
والشعر فوق كتفها سايح
وفي الكوافير
مش كل طير يندبح
خد دش وانت تفوق
وتفوق لنفسك
وتتكلم كلام موزون
وفرضنا انت اللي عاقل
والمستمع مجنون !

ألفين جنيه للغوازي واللا للمأذون ؟!!
فيه ناس كتير زيكم مش عايشة في الدنيا.
مابتسمعوش الرداوي .. واللا تلفزيون ؟!!
شفت اللي بيقدمه الحاج متولي ؟!!
الشقه بالعفش كامله..
وفلوس كتير في البنك
كتبه لعروسته ..
دَا غير اللبس والمصاريف
شايفاه بعيني
ولا واحد غريب قالًّلي
كل المسلسل تابعته دقيقه بدقيقه
والحاج متولي إلاهي لم يشوف ضيقه
راجل صحيح مًقٍتًدًر
كل البنات عاوزاه
وباتعه بنتي ..
إلاهي يكون نصيبها معاه
مش جاي تقولي الشباب !!
أنا ناقصه هَمٍ تقيل

قال : يا ام باتعه اسمعيني
كل دا تمثيل
قالت له: ده قصر ديل
وبلاش كلام فاضي
الشعب راضي
مافيش غيرك عامل لي تقيل
ما تكونش ماهر يا شاطر
واسم أبوك عطار
والشاي علي النار
وقاعد لسَّه عالرمله
والحلوه تيجي تلاقيك
فارش لها المنديل !!
قال : يا ام باتعه
دي ناس بتوزع الأوهام
ساعدوا العدو بجهلهم
في الحرب عالإسلام
وأنا مش بالوم جهلهم
اللوم علي الإعلام

قالت : خلاصة الكلام
أنا بنتي مش من وقمكم
شوفولكو ناس علي قدًّكم
أنا بنتي حلوه مثقفه
حافظه الأغاني كلها.
أحدث شرايط عندها.
دي لما تلبس بنطلونها الجينز
كل الشباب تجري وتخطب ودّها
ونانسي عَجرم نفسها
ما تجيش في خصله ف شعرها
ولا تيجي ضفر ف رجلها
طب والنبي ...
لو شافها واحد أجنبي
ليجيب لها.
كل اللي ييجي ف نفسها .

*******
شعر: أمين الديب


07 January 2009

على باب سفارة كندا


على باب سفارة كندا
لمحت ابليس و ف ايده استمارة
بقوله على فين قالي بص
يا هجرة يا اعارة
يا عم انا كفرت و زهقت
ألاقيش معاك سيجارة

أنا انتهيت خلاص
لا نافع وسواس و لا خناس
و لا ليا عيش وسط الناس
دول عالم مجرمين
عندكوا فائض ف الفساد
ف كل البلاد
و مش محتاجين شياطين

مليش عيش ف البلد دي
بقالي سنين عاطل
و انتوا بتعرفوا تقلبوا الحق باطل
و تسلكوا القاتل
و تمشوا ف جنازة المقتول
و مفيش مشاكل

يا عم ده انا بقيت اوسوس بالمقلوب
و اقول للحرامي كفاية بقى توب
انت لوحدك هتعمل كل الذنوب
و انا ابليس اشتغل واعظ
و لا كمساري ف اتوبيس

يا عم دا انا زمان كنت استنى حد ينسى يسمي
و هو بياكل لقمته
دلوقتي كل اكلكوا ملوث
و بصراحة الواحد خايف على صحته
ده مفيش ضمير اساسا
علشان اموته
كل واحد بمزاجه خربانة زمته
يا عم دا كل حاجة اتسرقت
و كده الاجيال الجديدة من الحرامية
اتظلمت

يا راجل دا من كتر ما لطشت معايا
خرجت ف مظاهرة مع الناس اللى بتقول كفاية
و برضه مفيش فايدة !!


===========
كتبها .. على سلامة

06 January 2009

طفي النيون


طفـّي النيون
دي رواية هادفة للجنون
نزل ستاير مسرحك
دا العرض كان ملهوش زبون

هد الديكور والإعلانات
شيل الكراسي م الصالات
بعد الحكاوى والكلام
أهو جه خلاص وقت السكات

شباك تذاكرك
إقفله
العرض فركش
بطلنا تاني نمثله
بطلنا نتلون ونرسم
فوق وشوشنا ألف وش
بطلنا نضحك وإحنا جوانا الألم
بطلنا غش

بطلنا نبقي البهلوان فوق الحبال
نحفظ ونحفظ في الكلام
إتقال كتير
وإتعاد كتير لسنين طوال

كام قلب غيري وقلب غيرك
مثلوا نفس الرواية
وأنا وإنت قاعدين في الصفوف
وبنبتسم اّخر الحكاية

ونقول "نهاية إتكررت .. ليه الملل؟
" عنهم أكيد راح نختلف "

تسمح لقلبك يعترف
من غير خجل
ليه إفتكرنا إننا فوق السيناريو والجُمل؟
ليه إفتكرنا إننا نقدر نكون
غير البشر.. فوق القدر .. فوق الفنون؟
حلم الخلود في العشق وصلنا الجنون

وأدينا برضه بننتهي نفس النهاية
ضاعت ملامح حلمنا
وبقينا نشبه للي وقفوا ع المسارح قبلنا
مش باقي من كل الصخب غير السكون
لاقدرت تصبح شكسبير
ولا حتي نفسي قدرت أكون
وعشان كدة _من غير خجل_ نزل ستاير مسرحك

وإطفي النيون

******
أشعار .. محمد الإمام