27 November 2010

زوموا .. زوموا


من المؤكد أن الشخص المجهول الذي كان أول من طرح الفكرة لم تخطر على باله أبداً النتائج المدهشة التي أحدثتها ,ولابد أن الفكرة تبلورت عنده مع تبلور حقيقة واضحة وضوح الشمس الحارة أمام الجميع : إن ديناصورات الحكم المعتّق لن يتركوا كراسيهم أبداً إلا إلى القبر , قبرهم أو قبر البلاد .



فبعد ثلث قرن من الاستفراد بالأرض والناس تراكمت ملفاتهم السوداء التي يرعبهم أن يذهبوا عن الحكم ويأتي بعدهم من يفتحها . لم يعد هناك شكٌ في أنهم قرروا البقاء حتى الموت . والموت لكل من يحاول إزاحتهم عن كراسيهم .معهم القوة والأموال والأبواق والبلطجة وأصحاب المنافع والمغانم وحيل الأفاقين التي لا تنتهي . وحتى يسبغوا شرعية زائفة زائفة على استمرارهم أمام المراقبة الدولية اصطنعوا شروطاً فاسدة عبر استفتاء كاذب لإجراء انتخابات تبدوا حرة أمام العالم بينما هي مزيفة من جذورها لأنها لا تسمح إلا بوجود منافسين هزليين لمواجهتهم ثم إنهم أظهروا أنيابهم ومخالبهم وبذاءاتهم لكل من جرؤ على الاعتراض على الانتخابات المهزلة التي اقترب موعدها ولعل هذا ما جعل الفكرة تخرج من الرأس أو الرؤوس العجيبة التي ابتدعتها .



في صباح باكر من صباحات الصيف الرطبة الساخنة ظهرت الكلمة على بعض الحيطان وأعمدة النور . مكتوبة بالطباشير بخط بسيط مرتبك يكاد لا يلفت نظر أحد. كلمة واحدة : " زوموا " . وفي الصباح الباكر التالي ازدار انتشار الكلمة على الحيطان بخط أكبر وبألوان عديدة وضح أنها ببخاخات الطلء سريع الجفاف : زوموا زوموا . . زوموا . . زوموا

لفتت الكلمة أنظار الناس وبدأوا يتساءلون باستغراب عن معنى ذلك ! وجاءت الإجابة في الأيام التالية في رسائل مختصرة على شاشات مئات الهواتف النقالة :" عبروا عن اعتراضكم يوم الانتخابات بأن تزوموا " ثم ظهرت على بعض مواقع الانترنت وفي رسائل البريد الإلكتروني التي يصعب تحديد مصادرها نداءات مستفيضة تحت عنوان " زوموا " تطالب المعترضين على تلك الانتخابات الهزلية الملفقة بأن يزوموا . . مجرد أن يزوموا . . يعلنون رفضهم بطريقة لن تكلفهم شيئاً ولن تعرضهم لأي خطر من السلطات أو أتباعها من البلطجية . . فالزومان لا يتطلب حتى أن يفتح الإنسان فمه فتحة صغيرة . . إنه مجرد صوت يحدثه الإنسان وفمه مغلق , بل يمكنه إحداثه وهو يرسم على وجهه ملامح ابتسامة أو استكانة أو جدية أو لامبالاة . صوت ممدود يتذبذب في الحلق ويتردد عبر الجمجمة والعنق وينتقل إلى الهواء وينتشر " م م م م م م م م م م . . أو ن ن ن ن ن ن ن ن . بأي صوت زوموا . . زوموا ولا تخافوا . زوموا في الساعة الواحدة ظهر ذلك اليوم المنكود . فلا يُعقل أن يمدوا أياديهم الشرسة ليضبطوا ذبذبات الزومان في أعناقكم أو رؤوسكم وإن فعلوا فيكفي أن تسكتوا عن الزومان حتى تبتعد أصابعهم الوسخة عنكم لتعاودوا الزومان . " زوموا " .



زوموا …



انتشرت الكلمة على امتداد مليون كيلو متر ربع هي مساحة البلاد من البحر إلى النهر ومن النهر إلى الصحراء . شاعت بين ثمانين مليون نسمة هم مجمل سكان البلاد تبعاً لآخر الإحصاءات الرسمية . صارت الكلمة مفعمة بالجد والضحك واللعب والإثارة والترقب المدهش . أخذ الأولاد يكتبونها في قصاصات وينثرونها خلسة من النوافذ والشرفات . وصار الناس يتبادلونها همساً باسماً أو جهراً ضاحكاً عندما يلتقون أو وهم يفترقون . وكأنها صارت بديلاً لكلمات السلام والوداع . بل صارت دندنات في أغنيات عابثة تنغرس فيها الكلمة بدلاً من بعض كلمات الأغنية الأصلية . مثل : " زوموا زوموا زوموا / دا الفيل مربوط من خرطومو " .



لكن اقتراب يوم الانتخابات كان يزيد من شعور الناس بتوتر مكتوم وإثارة متخوفة .

أتت الساعة الواحدة ظهر يوم الانتخابات . أتت في صمت مطبق يمكن أن تسمع فيه صوت الأنفاس في الصدور . كان واضحاً ان البلاد كلها تصيخ أسماعها . . حتى أفراد قوات الأمن الذين انتشروا بكثافة في الشوارع والميادين ومداخل المدن وأطراف الجسور بزيهم الأسود المقبض وهراواتهم المطاطية الثقيلة كانوا يصيخون . أما البلطجية وأرباب السوابق الذين اعتاد ديناصورات الحكم أن يستعينوا بهم لردع وترويع كل من يجرؤ على إعلان اعتراضه فلم يظهر عليهم أدنى اهتمام بالأمر . ولم يكن أفراد المراقبة الدولية لحرية الانتخابات مدركين لهذا الصمت المريب الذي ظنوه من طبائع الأمور , سجلوا في دفاتر ملاحظاتهم أن الإقبال ضئيل للغاية فلم تزد نسبة المترددين على مكاتب الاقتراع التي زاروها عن ربع في المائة حتى منتصف النهار " لكن الإدلاء بالأصوات كان يتم في هدوء شديد ودون مخالفات تُذكر " .



وضح أن معظم الناس لم يغادروا بيوتهم . وكان كثيرون منهم يطلون من الشرفات والنوافذ في ترقب هاديء أقرب إلى الوداعة . ثم . . بدأ الصوت يولد من غياهب الصمت في تمام الساعة الواحدة وثلاث دقائق على وجه التحديد . صوت زومان غائم النبرات , زومان خافت وخفي أخذ يتضح ويشتد في نحو الواحدة وخمس دقائق . وفي الساعة الواحدة وعشر دقائق انفجرت الحياة التي كانت ساكنة في العاصمة . . في البلاد كلها . .. تضج بالزومان . .



في العاصمة التي يسكنها خمسة وعشرون مليوناً من البشر تطورت تفاعلات الزومان بشكل مذهل فالحركة توقفت تماماً . سكنت السيارات القليلة في الطرقات ونزل راكبوها يتابعوت كتلة الزومان الهائلة المنبعثة من كل مكان ولا مكان . عشرون مليونا كانوا يزومون في العاصمة وحدها . عشرون مليوناً على الأقل بعد استبعاد الرُضّع والصم والبكم والمحتضرين وديناصورات الحكم قطعاً وأذنابهم , وكان أفراد الأمن والضباط الصغار الذين حشدتهم أوامر الديناصورات في الشوارع منذ الفجر يبتسمون في شماتة واضحة . بل كان أغلبهم ينخرط سراً في الزومان . اما البلطجية وأرباب السوابق الذين تمت برمجتهم لمهمة واحدة هي الترويع الجسدي للمعارضة فلم يفهموا ما يحدث , بل رأوا في هذا الزومان الجماعي لعبة طريفة لم يفتهم أن يدخلوا فيها على طريقتهم فانفتحت أفواههم مع أذرعهم في جعير طويل سرعان ما تم بتره . هاج فيهم البلطجية الأكبر ذوو البدلات الكاملة والنظارات وأربطة العنق . أمروهم بعصبية أن يتوقفوا عن هذا الجعير فوراً لأنهم حمير لا يفهمون شيئاً . هم فقط والأكبر منهم والأكبر من الأكبر منهم كانوا يفهمون معنى زومان مدينة كاملة . . بلد بحاله . . في وجود مراقبين دوليين و محطات تيلفزيون عالمية و مراسلين أجانب لكن الظاهرة تجاوزت فهمهم وحدود توقعاتهم وتوقعات الجميع عندما بدأت الظاهرة تتجاوز نفسها بشكل مذهل . . شكل يتجلى في مشاهد مذهلة أمام العيون . . .



في الساعة الواحدة وخمس وعشرين دقيقة كانت العاصمة المشتعلة بزومان الملايين تبدو كأنها دينامو جبار لتوليد موجات كاسحة من ذبذبات غير مرئية . وبدأ بعض أفراد الأمن والضباط الصغار الواقفون في عراء الشوارع يصابون بإعياء غامض ودوار ونوبات قيء جماعي . وكان المارة العاديون يهرولون مترنحين حاشرين أطراف سباباتهم في ثقوب آذانهم . وهناك من كانوا يهوون إلى الأرض ويتمرغون في ألم وذعر . لم تستمر ظاهرة الأعراض الجسدية الغريبة هذه غير خمس أو سبع دقائق تلاشت بعدها تماماً ثم بدأت ظاهرة خارقة تتجلى واضحة أمام الأبصار المذهولة : كانت الألوان تزول . . ألوان الملابس . . السيارات . . أعمدة النور . . الحيطان المدهونة . . لافتات التأييد لاستمرار السلطة . . يافطات المحال والدكاكين . كل الألوان المضافة كانت تختفي ولا تبقى غير تلك التي في أصل الأشياء . و كأن ذبذبات زومان الملايين صارت عاصفة من نوع غريب تجتاح كل شيء وتزيل المضاف إليه من ألوان . قيل إنها موجات فوق صوتية جاءت نتاجاً ثانوياً لذبذبات صوت الزومان الأصلي وهو يعبر اللحم والعظام وينتقل إلى الهواء . وقيل بل موجات تحت صوتية تولدت بنفس الطريقة غير المقصودة . وأخذ الناس يذكرون ما يعرفونه في الواقع أو قرؤوا عنه أو سمعوه أو رأوه في برامج التلفزيون .. مدافع الموجات الصوتية التي تشتت التجمعات أو تقتل بلا جراح . والغسالات التي أعلن اليابانيون عن اختراعها وهي تنظف بالموجات الصوتية وحدها دون ماء ولا مسحوق غسيل . والأجسام التي يمكن رفعها في الهواء وتحريكها في أي اتجاه بطاقة الموجات الصوتية وحدها . ثم هناك الموجات الصوتية التي تكشف الجنين في بطن أمه وتلك التي تحطم الحصوات في الكلى . أما ما تولّد عن الزومان من موجات تحت صوتية أو فوق صوتية أو خليط من الاثنين فهو اختلاف في الآراء لم يصمد أمام حقيقة واحدة مرئية واضحة كانت تتجلى أمام العيون المبهورة " كل الألوان تزول وتعود الأشياء إلى طبيعتها الأصلية .. الأقمشة تتحول إلى بيضاء رمادية .. أعمدة النور بنية بلون صدأ الحديد . اللافتات عارية بلا كلمات .. يافطات المحال بلون الأبلكاش أو القصدير .. والحيطان بلون الأسمنت والرمل أو الطوب إلا إذا كانت مكسوة بالرخام أو الجرانيت أو الحجر .

غلب اللون الرمادي على كل شيء فلم يعد هناك لون واضح البقاء إلا في خضرة الشجر وزرقة السماء الفسيحة وما تعكسه على صفحة النهر . مشهد أخذ يتسع ويتأكد ويجعل العيون تجحظ والأفواه تنفتح . لكن الزومان لم ينقطع كأنما بقوة الدفع الذاتي أو بفقدان الملايين إمكانية السيطرة على أحبالهم الصوتية التي استمرأت الاهتزاز . وكان ديناصورات الحكم المعتق يتداعون لاجتماع عاجل في قصر القيادة .

لم تسلم قلعة الحكم من مصير كل شيء في العاصمة في تلك الساعة الخارقة من ساعات النهار . زحف اللون الرمادي زحفاً كاسحاً على ثياب جنود وضباط الحرس القيادي . الزي الكحلي المهيب لم يعد كحلياً والبيريهات الحمراء بلون الدم لم تعد حمراء . بهتت ألوان الخيوط الحريرية اللامعة التي كانت تطرز البادجات على الصدور والأكمام . واستحالت ذهبية النجوم و النسور والسيوف المتقاطعة لرتب الضباط إلى لون الصفيح الكالح . وكانت هناك صعوبة في التعرف على سيارات المرسيدس الرسمية التي أخذت تتوافد بسرعة . تلاشى دهانها الأسود اللامع وصارت مطفأة بلون الصاج القاتم . أما الديناصورات الذين أخذوا يترجلون من السيارات فقد بدوا أثقل وأسمج وأكثر ترهلاً بأجسامهم المتورمة أو المتيبسة في البدل والقمصان وربطات العنق التي وحد بينها اللون الرمادي المغبر بعد زوال ألوانها وأفدح ما أصاب هؤلاء الديناصورات من تغيير كان انكشاف رؤوسهم وحواجبهم وشواربهم عن شعث أبيض لا جلال فيه بعد تبخر صبغات الشعر التي كانوا يستوردونها من أغلى الأنواع في العالم . بدوا أشباحاً مسنة غليظة تخرج من المجهول وهي تصعد الدرج الرخامي الفسيح باتجاه قاعة اجتماعات القيادة . وكان جنود الحرس والضباط الصغار الذين لم يفقدوا غير ألوان ملابسهم يبذلون جهداً كبيراً لكتم ضحكاتهم لكن قهقهات ضاغطة لم تستطع إلا أن تنفلت . ولم يملك بعض الديناصورات الذين انفجرت في وجوههم القهقهات إلا أن ينظروا بذعر إلى الوجوه الشابة التي تضحك . ذعر لم يعرفوه أبداً لأنهم كانوا هم من يفرضه على الآخرين منذ نصف ساعة .. لا أكثر . التأم مجلس الديناصورات الحاكم في القاعة المدججة بأحدث موانع التنصت والمواد العازلة للصوت والمضادة للقذائف . لكن الزومان المستمر اشتعاله في البلاد كان يتسلل إليهم وإن بدرجة أقل . تهالكوا بشعورهم البيضاء المطفأة على رؤوسهم وفوق حواجبهم وتحت أنوفهم في المقاعد التي زالت ألوانها حول المائدة المستديرة التي كانت مشهداً يومياً من مشاهد السلطة الراسخة على شاشات التيلفزيون الرسمي والجرائد التابعة . لكنها هي أيضاً تهالكت بزوال طلاء الجليز العسلي اللامع الفاخر عن سطحها بدت عارية بلون الخشب العاري بينما تنهال على محيطها مرافق وسواعد وأكف الديناصورات الشائخة .



كانوا يترامقون في استغراب وكره دفين . كل منهم لا يرى أمامه إلا حفنة من عواجيز أوغاد يعرف خباياهم و رزاياهم ويتناسى نفسه . كل منهم لا يرى فيمن يرمقه غير شيخ آثم لم يكف عن التصابي وهو يلتهم حقوقاً ليست له ويبتذل سلطات لم يصنها ويخون أمانات لم يحفظها . واندهش بعضهم وهو يكتشف تغير لون عيون البعض الذين لابد أنهم كانوا يركبون عدسات ملونة انمحت ألوانها . اختفت الحمرة التي كانت تضج في وجوه البعض منهم ولابد أنها كانت بتأثير مكياج ثابت أو مؤقت . ويبدو أن موجات الصوت التي أزالت الألوان لم تكتف بإزالة صبغات شعرهم وحمرة مكياجهم بل حركت حشوات البوتكس المحقونة في وجوههم لإخفاء الغضون والتجاعيد فصارت الحشوات كلاكيع وعادت التجاعيد والغضون وإن بتنافر هزلي . كل منهم كان يرى في الآخر كذاباً ويبرر تاريخ كذبه الشخصي بضرورة مجاراة الكذب العام الذي صنعه الآخرون . يستشعرون في شيخوختهم التي انكشفت فجأة أنهم تورطوا في مستنقع . ويشعر كل منهم بأن الآخرين ورطوه في ذلك وما هو إلا حمل غررت به الذئاب .

نصف ساعة مرت في القاعة الرمادية وتحت السقف المتذبذب بزومان الملايين ولم ينطق أحدهم بكلمة . كان بعضهم يفتح فمه ليتفوه بشيء لكن فمته المفتوح يظل يظل معلقاً في صمته الفارغ قبل أن يعود إلى الانغلاق . ويبدو أن قادة الحرس الذين كان مسموحاً لهم بدخول القاعة والخروج منها نقلوا إلى زملائهم في الخارج ما يحدث في الداخل . أخذت نوافذ القاعة تمتليء بالوجوه الشابة المطلة من وراء الزجاج المانع للصوت والمضاد للرصاص . كانوا يتأملون سكون الديناصورات التي وطأها الشيب بغتة وأصابها الخرس والجمود . ثم بدا أن هذه الوجوه الشابة في الخارج تضحك . بل تقهقه لأن صوت قهقهاتها زاد وفاض والتف ودار ليتسلل إلى داخل القاعة من ثقوب مفاتيح الأبواب و ثغرات نوافذ التهوية . قهقهات عارمة من صدور قوية مدربة على الفتك راحت تغمر حفنة الديناصورات الذين تولاهم الرعب . أخذت عيون الديناصورات الكليلة تتأرجح في محاجرها وكل منهم يلوذ بأطلال الآخرين وهو يدرك يقيناً أن لا فائدة . . . لا فائدة .



لا أحد يعرف متى توقف الزومان بالضبط لأنه تواصل خلال الليل وإن في خفوت . ولا أحد يعرف كيف نامت البلاد هذه الليلة . لكن الناس استيقظوا من نومهم المرهق مبكرين . كأنما أيقظهم منبه داخلي ملأه الفضول لمعرفة ماذا حدث وماذا سيحدث .

اختفى ديناصورات الحكم بشكل غامض . لم يُعثر لأي منهم على أثر في صباح البلاد التي استيقظت على عالم جديد لا ألوان فيه غير أخضر الشجر وأزرق السماء . وكان لابد من تلوين الحياة من جديد … نشط النقاشون والخطاطون والرسامون والصباغون في كل الأماكن . كانوا يعيدون إنطاق الواجهات والسجاجيد وفرش البيوت والسيارات ولعب الأطفال والملابس .. وعلم البلاد . . بألوان جديدة .





- - - - -
كتبها الأديب الرائع محمد المخزنجي

22 November 2010

يا عم سيبك


مِسعِد: شفت يا عم اللي حصل لحمدي قنديل.
وقفوا البرنامج بتاعة على التلفزيون. الواحد معدشي عارف هايعملوا ايه في البلد دي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...وبعدين انت تعرف حمدي قنديل ده متجوز مين ...نجلاء فتحي الممثله, يعني لو كان راجل بجد كان حكم مراته الاول.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

....بعد كام سنه

مِسعِد: شفت يا عم اللي حصل لوائل الابراشي ...محاولينه للمحاكمة, لو فضلوا ساكتين الصحفيين كلهم هايروحوا السجن بالمنظر ده

صاحب مِسعِد:يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا... وبعدين هايعملوله ايه بشعر امه الواقف ده.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

بعد كام شهر

مِسعِد: شفت اللي حصل لعمرو اديب قفلوله المحطة بتاعته كلها الواحد لازم يتحرك ويعمل اي حاجه في ام البلد دي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...وبعدين كفاية صلعته البهية, ده اصلا بضين و اخوه طول عمره بتاع الريس.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

و بعد كام اسبوع:

مِسعِد: شفت اللي عملوه مع ابراهيم عيسى, شالوه من الدستور. احا المرادي انا كنت ناوي انزل الوقفه اللي معموله علشانه بس كانوا عاملينها الصبح بدري قوي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...انت متعرفشي انه شيعي اصلا و بعدين انت مشفتش الهلس اللي كان عامله في رمضان.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب منافقين ماعدا انا وانت

و بعد كام يوم

صاحب صاحب مِسعِد: الحق اللي حصل لصاحبك يا مِسعِد ولاد الكلب بتوع المرافق كبسوا عليه و لمو كل الفاكهة اللي عنده و لما حاول يهرب بكام قفص تفاح مسكوه و شدوه على القسم. ماتيجي معايا نضمنه علشان يخرج.

مِسعِد: يا ولاد الوسخة.....بس هو انت هاتروح تضمنه بجد؟ دا ابن متناكه! انت عارف انه عمر ما حد مننا سلم من لسانه الوسخ
يا عم سيبك الناس كلها بقت ولاد كلب معرصين ماعدا انا و آآآ ...وانت.

================
كتبها طارق نوارة .. مدونة  يحكى أن


12 November 2010

ورقة شجر


بدأت تلح عليها فكرة ثابتة ، مؤداها أن الحياة كلها غش و خداع و زيف . كل ما هو براق في الدنيا ما هو الا شراك . أو هو كالحلي المزيفة لا يساوي شيئا .

كانت ترى من حولها ألوان الطيف الزاهية التى تزول بعد قليل و لا يبقى منها شئ . كانت ترى خداع الحياة للشباب البرئ المتحمس . ذلك الخداع الذى لم يكن يعرفه الا من تعدى هذه المرحلة الوردية من العمر فلم يعد يرى من بريقها الا خرزا ملونا لا يساوي شيئا .

مر عليها بسرعة شريط حياتها بأكمله . توقف الشريط قليلا عند خطابه الأخير إليها قبل استشهاده . تذكرت قول نيتشه الذى كتبه لها في الخطاب : ( البطل هو الذي يعرف كيف يموت في الوقت المناسب ) خنقتها الدموع .

لم يكن الخريف قد جاء . لكن ورقة الشجرة كانت قد سقطت و بدأت تتهاوى نحو الأرض بأشد ما يكون البطء ، و كأنها تقاوم قانون الجاذبية ..

.. استقرت الورقة على الأرض بجوار أوراق شجر انتزاعها الخريف من غصونها لتفرش الأرض ببساط لم يعد فيه بقايا للون الخصوبة الخضراء الذي كان قد انحسر أمام زحف الزمن بلونه الأصفر . لون رمال صحراء صامتة صمت الأفق الممتد الى ما لا نهاية ..

-------------------------------------------
مقتبس من رواية الخرز الملون .. محمد سلماوى

11 November 2010

رواية فوق السحاب

فوق السحاب رواية صغيرة حجماً .. انتهيت من قرائتها .. لكاتبة شابة تدعى ( مها الغنام ) .. حاولت العثور عن معلومات عنها فلم أجد .. حتى في الكتاب ليس هناك أي تنويه عن المؤلف .. اعتقد أن هذا هو عملها الأدبي الأول .. يتسم أسلوبها بالبساطة و كذلك فكرة الرواية و لكنها أثرت بي بشكل ما .

ربما تكون الرواية سيرة ذاتية .. فقد جاءت بشكل سرد على لسان الشخصية الأساسية بالرواية و هي ( سنا ) .. تحكي ( سنا ) الفتاة القاهرية تجربتها الحياتية التى تشمل تجربتين عاطفيتين تمر بهما مع خلفية تاريخية لحرب العراق و الكويت .. طوال العمل تخاطب ( سنا ) شخص يدعى ( جهاد ) و كأنها تكتب هذه الرواية في شكل رسالة مطولة له .. لا تتكشف شخصية جهاد إلا قبل منتصف الرواية .. جهاد هو الحبيب الثاني .

الحبيب الأول يدعى ( عبد الكريم ) تجمع الصدفة بينهم بقصر الثقافة بالقاهرة .. فتاة تخرجت من الجامعة جاءت لهذا المكان تودي خدمتها العامة .. و هو شاعر شاب مسئول عن تنظيم ندوات أدبية بهذا المكان .. تنشأ علاقة الحب بينهما .. يتقدم لخطبتها .. يرفضه الأهل .. لفارق السن بينهما و لفقره .. يستمر الحب بينهما في الخفاء .. يتقابلا يوم عيد ميلادها ليعطيها هديته يحاول ان يمارس الحب معها .. ترفض .. يتصل بها بعد عده أيام يخبرها بأنه خطب فتاة أخرى .. بحجه أنها جوهرة و هو لا يستحقها .. تنهار حياتها .. و تذكرني بذاتي في تلك الحالة التى وصفتها الكاتبة بشكل جيد .. كنت أعتقد أنني الساذج الوحيد في هذا العالم .. تستمر في حبه سراً .. يحاول هو أن يستعيد علاقته بها برغم خطبته .. تعيش هي على أمل أن ينهى هذه الخطبة .. و تمر الأيام دون أى خطوة ايجابية منه بخصوص علاقتهما .. تقرر هي - عدة مرات - الإبتعاد عنه نهائياً و لكنها تضعف دائماً عند أول اتصال هاتفي منه .. فما زال حبها لها داخلها .. يتصل بها ليخبرها أنه تم عقد قرانه على الفتاة الأخرى .. و يتزوجها .. و تحمل زوجته .. كما قالت ( سنا ) لم يبخل عليها بأى خبر يسبب لها التعاسة و الحزن .. تمرض سنا و تذبل .. يلاحظ الأهل ذلك .. يخبرها أباها إذا كان سوء حالتها الصحية هذه بسبب حبها لهذا الشخص .. فإنه سوف يتصل به ليخبره بأنه موافق على زواجهما .. ترفض ( سنا ) هذا الإقتراح .. و تقرر العمل .. كمضيفة جوية و هنا تختلف حياتها .

حيث تخرج من نطاق عالمها الضيق – البيت و الأهل و الحب - الذي يحتل عبد الكريم معظمه .. تخرج إلي عالم أوسع و أرحب .. تتسع مجال رؤيتها للحياة .. و اعتقد أن هذه تعتبر مشكلتى أنا أيضا في الحياة .. قال لي ذات مرة " أنت تعاني قصر رؤية " . أتفق معه في ذلك .

فوق السحاب .. حيث الفضاء الواسع .. حيث يكون العالم صغير بكل ما فيه من مباني و بشر و مشكلات و هموم .. فوق السحاب استطاعت ( سنا ) أن تطرد كل الأحزان و الهموم .. كل شئ في هذا العالم أصبح صغير لا يستحق .. كانت تعمل و تتأمل كل شئ من حولها .. استطاعت للمرة الأولي ان تنسي عبد الكريم .. و هذا الحب المرضى له .

فوق السحاب جمعتها الصدفة بجهاد .. الطبيب العراقي الجنسية .. طاردها لمدة طويلة .. وجدته انسان محترم و نبيل .. وجدته بجوارها في أضعف لحظاتها .. يعطي حباً و لا ينتظر المقابل .. كانت مواقفه معها رجولية بحق و ليست استعراضية .. أحبته .. أدركت أن مشاعرها السابقة لم تكن حباً بالمقارنة مع ما تشعر به معه .. بالرغم من اعتراض الأهل و شروطهم المغالي بها إلا ان جهاد وافق على كل شروطهم و تم الزواج .

سألها جهاد ذات مرة : هل تزوجتى من قبل .
أجابت : لا
قال لها : اذا هذا ما أريد أن أعرفه عن ماضيك لا شئ أكثر .

جهاد كان أرمل و لديه ثلاث أطفال .. يعيشون مع جدتهم بالعراق .. عاش الاثنان سويا بالسعودية حيث مكان عملهما .. عاشت معه عامان من السعادة المطلقة .. حتى يوم الخميس الثانى من اغسطس 1990 عندما غزت العراق الكويت .. بعدها بدأ الهلع في المنطقة العربية .. ما بين المفاوضات و تهديدات مجلس الأمن للعراق بالإنسحاب من الكويت أو الحرب و بين تعنت صدام حسين و رفضه الانسحاب مهددا بضرب اسرائيل و السعودية بالأسلحلة الكيماوية .. و بدأت حرب العاصفة .. و اختفى جهاد .. دون أن يترك لها ورقة او خبر .. اختفى تاركا خلفة كل متعلقاته .. هل سافر العراق ليحمى أولاده ؟ .. هل تم اختطافه ؟ .. لا تعلم عنه شىء .. محاولات و محاولات للبحث عنه دون جدوى ..

و تنتهى القصة بها فوق السحاب .. متعتها الوحيدة .. حيث تمحى الهموم .. و تمر السنوات .. تحيى على ذكرياتها الجميلة معه .. تنتظر قدومه مرة ثانية من المجهول .. عندما انتهيت من الرواية وجدت داخلى سؤال محير .. هل الحب الناجح هو الذي يعيش سنوات طويلة يجمع بين الحبيبين أم هو الذي يبقى أثره داخلنا للأبد مهما ابتعد الحبيب أو اختفى من حياتنا ؟

-----------------
رواية فوق السحاب
تأليف .. مها الغنام
طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب

شهرزاد المتجددة

هكذا تقف شهرزاد في مواجهة شهريار ... كما يتصدى البطل للبطل النقيض ، و الفكرة للفكرة المضادة . و تؤدى شهرزاد دور المنقذ لبنى جنسها ... و تبدأ شهرزاد فعل القص فى أعقاب فعل الجنس ، كما لو كانت تتبادل و شهريار الأدوار ... و يمضى القص تحت راية الخيال ... و يستغرق الملك ، شيئا فشيئا ، فى دنيا الحكايات التى تصله بأقرانه الشر خارج حدود الزمان و المكان و اللغة ، متطلعا إلى المزيد من المعرفة بما لا يعرف ، ساعيا إلى اقتحام العوالم التى كان يجهلها ، متعرفا بين حكاية و أخرى نموذجا أنثويا جديدا ، يكشف بعدا مغايرا من أبعاد شهرزاد ... فيزداد اقترابا من معناها و استيعابا للرسائل الأخلاقية الاجتماعبة المعرفية التى تؤديها أمثولتها .

فيخرج كائنا جديدا ، متوهجا بالمعرفة ، متوجا بالحكمة ، بعد أن عانى طقس التحول الذى عاناه غيره من أبطال الحكايات التى يسمعها ، فينتقل من صورة الفحل إلى صورة الإنسان ، و من شهوة الغريزة المفضية إلى الموت إلى متعة الجنس الذى يؤدى إلى الحياة فى تواصلها الخلاق ، و آية ذلك أن الحكى لا ينتهى ، فى الليلة الحادية بعد الألف ، إلا و قد أنجبت شهرزاد ثلاثة أولاد من شهريارالذى تحول بالكلية و أدرك فساد الاعتقاد الذى كان واقعا فيه ، فعفا عن شهرزاد من كل شىء يضرها ، و كافأها على أنها خلصته من حمأة اعتقاده ، و كانت سببا فى توبته عن قتل بنات الناس .

فشهرزاد هي صانعة الحكايات التى تكتب بماء الذهب و تحفظ في خزائن الملوك كالجواهر ، أو تدون فى السجلات لأجل أن يطلع عليها الخلف فيعرف أخبار السلف ، أو يسعى إليها الساعون فى البلدان المختلفة ، لينسخوها بأدق ما يستطيعون ، كى يعودوا بها هدية إلى ملوكهم الذين يحفظونها فى خزائنهم ، ليطالعها من يبحث عن الحكمة المتجددة فى الزمان و المكان .

هذه الحكمة المتجددة هى حكمة الكتابة التي تصل الماضى بالحاضر ، و العرب بالعجم ، و المسلم بغير المسلم ، فتهدم حواجز العرق و الجنس و اللسان و العقيدة ، و تجمع من التدابير العجيبة و العلوم الغريبة و التجارب الحكيمة ما يصل القرون الماضية و الأمم البائدة بالقرون الحالية و الأمم الآتية ، مؤصلة فى الإنسان انتماءه إلى المعمورة الإنسانية كلها فى أحلامها و أشواقها ، مؤكدة أن حاجة الغائب موصولة بحاجة الشاهد ، لاحتياج الأدنى إلى معرفة الأقصى ، و احتياج الأقصى إلى معرفة الأدنى ، فذلك هو طبع البشرية و فطرة الإنسانية التى تؤكدها أمثولة شهرزاد فيما تؤكده من دلالات .

--------------------------------------------------------
منقول من كتاب .. نقد ثقافة التخلف .. لدكتور جابر عصفور



حكاية ولـد


الواد بيرسم حلو
الواد بيكتب شعر
الواد فاكرها بجد
و كل شئ له حد

الواد بيرسم بيت
رافض يدخل حد
ناوي يفضل بعيد
ناوي يكمل وحيد

الواد بيرسم سور
بينه و بين الناس
بيعلي فيه برسمه
والناس تقول فنان
يرسم كمان و كمان
و السور يلم الناس

الواد بيرسم بيت
و سقفه واقع فحت
والواد باصص لتحت
و البيت غريب
بياضه ناشع
و سقفه واقع
مرسوم بلون اسود كئيب

الواد وقع
محدش سمى عليه
تصدق !!؟
محدش حس بيه
بجد والله
ولا حد خاف عليه
حتى لو قلبه انخلع

الواد بيرسم حفرة
باللون الأسود
ورا السور
في ركن البيت
جنب قلمه
ده قبره


الواد مات
كان نفسه يبدع
كان نفسه يبقى
صلاح جاهين
بس كان ولد بيكتب على قده
------------------
كلمات .. محمد أيمن إسكندر
صاحب مدونة .. الولد اللي بيكتب على قده



نقد ثقافة التخلف


على الرغم من أنني بدأت اليوم فقط في قراءة كتاب " نقد ثقافة التخلف " للدكتور جابر عصفور و لم أنتهي منه بعد ، إلا أني قررت الكتابة عنه و أنصحكم بقرائته حيث أعتبره تحفة فكرية رائعة.

يقول الكاتب في مقدمة الكتاب:
" أدرك بالطبع أن بعض أطروحات هذا الكتاب ستثير رفض البعض ، و تدفع البعض إلي الاختلاف ، و هذا ما لا أخشى منه ، بل أحث عليه ، فالفكر لا يرتقى إلا بالاختلاف و الحوار و المساءلة ، و الإيمان الجذري بأنه ما من أحد يمتلك أو يحتكر الحقيقة المطلقة ، أو ينوب عنها دون غيرها ، و نسبية المعرفة التى ينبغى أن نبدأ من التسليم بها هي الأصل في الاختلاف الذى تثرى به الأفكار ، و لولا ذلك ما تعلمنا من تراثنا المعنى الجليل لمبدأ ( اختلاف أمتي رحمة ) و هو المبدأ الذي تلزم عنه موضوعية الحوار ، مقرونة بالتسامح و تقبل حق الاختلاف بوصفه الحق الطبيعى لكل مفكر و مثقف.

و أخيرا ، فإني لا أزال أومن أن الغالب على تراثنا هو قيم التخلف لا التقدم ، و الدليل على ذلك أن الحضارة العربية الإسلامية لم تزدهر إلا بمدى ما حققت من حرية فكر و ابتداع ، و أنها لم تعرف طريقها إلى الانحدار إلا عندما استبدلت التقليد بالاجتهاد ، و التعصب بالتسامح ، و التسلط و الظلم بالمساواة و العدل ... فكانت النتيجة ازدياد معدلات الانهيار الذى اقترن بسجن المختلفين ، فكريا و سياسيا و تفكيرا دينيا ، و التصاعد المطرد في اضطهادهمو تعذيبهم ، و إعدام البعض منهم ... فنسينا أقوال ابن رشد العظيم عن الفصل بين العلم و الملة ، أو استمرار محاولات الاتصال بين العلم و الدين ، فأصبح الخطاب الدينى السائد معاديا للعلم في زمننا "


و من أهم الموضوعات التى تتناولها فصول الكتاب :
- اضطهاد الأنثى و تنكيرها
- ثقافة الاتباع
- التهوس بالماضى و النزوع إليه
- التميز و العداء للآخر و قمع الاختلاف
- تكفير علوم الآخر
- أزمة حرية التعبير و عوائق الحرية
- العداء للفنون
- الفتوى الصادمة و دلالاتها
- الإسلام دين و دولة
- مخاطر الدولة الدينية


الكتاب متوفر بمكتبات الهيئة المصرية العامة للكتاب .. طبعة دار الشروق .. سلسلة الفكر بمكتبة الأسرة.



الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي

الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي Social Phobia

هل تعاني من الرهاب (الخوف ) الاجتماعي؟

لست وحدك في ذلك! أنا أيضا أعاني منه

فإن ما يقارب من 10% من الناس يرهبون المناسبات الاجتماعية مما يؤثر سلبيا على حياتهم الاجتماعية والتعليمية والعملية وعلاقاتهم الشخصية بصورة كبيرة. ولكن هل تعلم أن لهذه الحالات علاج جيد وفعال؟ لعلك تجد المساعدة لدى الطبيب النفسي .

1. هل ترهب (تتخوف) أن تكون مركز اهتمام ونظر الآخرين؟
2. هل تخاف من إحراج نفسك أمام الآخرين؟
3. هل تحاول غالبا تجنب أي من المواقف التالية؟:
o التحدث في المجتمعات
o الحديث مع المسئولين
o حينما يتركز النظر عليك
o الأكل أو الشرب أو الكتابة أمام الآخرين
o حضور الحفلات
4. حينما تتعرض لأي موقف من المواقف المذكورة أعلاه، هل تعاني من الخجل واحمرار الوجه، الارتعاش، الاضطراب، الخوف من الاستفراغ أو الشعور المفاجئ بالرغبة إلى الذهاب إلى دورة المياه؟

إذا كانت إجابتك لأي من الأسئلة 1 أو 2 أو 3 بنعم فهناك احتمال أنك تعاني من الخوف الاجتماعي. وإذا كانت إجابتك أيضا للسؤال رقم 4 بنعم فإنك بالتأكيد تعاني من الخوف الاجتماعي.

ما هو الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي؟

الرهاب ( الخوف) الاجتماعي حالة طبية مرضية مزعجة جدا تحدث في ما يقارب واحد من كل عشرة أشخاص، وتؤدي إلى خوف شديد قد يشل الفرد أحيانا ويتركز الخوف في الشعور بمراقبة الناس.

إن هذا الخوف أكبر بكثير من الشعور العادي بالخجل أو التوتر الذي يحدث عادة في التجمعات بل إن الذين يعانون من الرهاب (الخوف) الاجتماعي قد يضطرون لتكييف جميع حياتهم ليتجنبوا أي مناسبة اجتماعية تضعهم تحت المجهر. إن علاقاتهم الشخصية ومسيرتهم التعليمية وحياتهم العملية معرضة جميعها للتأثر والتدهور الشديد. وكثير من المصابين يلجأون إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات لمواجهة مخاوفهم.

تبدأ عادة حالة الرهاب (الخوف) الاجتماعي أثناء فترة المراهقة وإذا لم تعالج فقد تستمر طوال الحياة وقد تجر إلى حالات أخرى كالاكتئاب والخوف من الأماكن العامة والواسعة.
من أفواه المرضى
• ( لعدة مرات رفضت الترقية في عملي وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأوجههم وذلك مالا أستطيعه )
• ( لقد لجأت إلى الكحول (الخمر) لتساعدني على حضور الحفلات أو إلقاء المحاضرات والدروس. ولكن في النهاية أصبح الكحول مشكلة تضاهي مشكلة الرهاب الاجتماعي)


ما هي الأعراض؟

تسبب حالة الرهاب (الخوف) الاجتماعي أعراضا مثل احمرار الوجه، رعشة في اليدين، الغثيان، التعرق الشديد، والحاجة المفاجأة للذهاب للحمام. إذا كنت تعاني من الرهاب (الخوف) الاجتماعي فمن المحتمل أنك تعاني من واحد أو أكثر من هذه الأعراض عندما تتعرض للمناسبة الاجتماعية التي تسبب الخوف. وفي بغض الحالات مجرد التفكير في تلك المناسبات يحدث القلق والخوف. إن المحاولة الجاهدة لمنع حدوث الأعراض قد تدفع المريض إلى تجنب هذه المناسبات بصورة نهائية مما يكون مدمرا للحياة الاجتماعية أيضا .

من أفواه المرضى :

• إن وقوفي في طابور المحاسب في الأسواق العامة سبب لي كثيرا من المتاعب وكلما اقتربت من نهاية الطابور كلما ازددت رعشة وتعرقا وفي النهاية قررت عدم الذهاب للأسواق .


هل يمكن علاج الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي؟

نعم وبالتأكيد إن طبيبك يمكنه أن يساعدك بالعلاج الدوائي أو بالعلاج السلوكي أو بهما معا. ونطمئنك أن آلافا ممن يعانون من الرهاب (الخوف) الاجتماعي قد تحسنوا على هذا العلاج .

من أفواه المرضى :

• لم أعلم أنها حالة مرضية يمكن علاجها ولكني ظننت أنها جزء من شخصيتي
• إن أول مرة شعرت بفائدة العلاج عندما ذهبت لصرف شيك من البنك ولأول مرة في حياتي لم ألاحظ أي ارتعاش في يدي عند توقيعه
• في البداية خشيت أن يظن الناس بأنني مجنون لو ذهبت لطبيب نفسي ولكن العلاج أحدث تغييرا حقيقيا حيث لاحظ ذلك جميع أصدقائي


دعم الأصدقاء والأقارب :

إن لدي صديق أو قريب يحتمل أنه يعاني من الرهاب (الخوف) الاجتماعي. فهل يمكنني المساعدة؟

إن دعم الأصدقاء والأقارب يمكن أن يساعد كثيرا وهذه خطوط عريضة لذلك:
• تعلم وتعرف بعمق عن هذه الحالة.
• تقبل واعترف بأن مشكلة حقيقية، لأن الرهاب (الخوف) الاجتماعي ليس نوعا سيئا من الخجل ولكنه حالة مرضية ويجب أن نتعامل معها بجدية.
• كن متفهما - وأعلم أن إتاحة الفرصة للمريض لشرح مشكلته سيساعده ليشعر بعدم العزلة وأن لا يخجل من حالته.
• لا تعتبر الحالة المرضية خطأ لأحد معين وتلقي باللوم عليه أو على نفسك أو على المريض.
• شجع المريض بلطف ليراجع الطبيب المختص. واعترف أن هذا القرار صعب بحكم طبيعة الحالة المرضية والتي تجعل المريض يرهب من طلب المساعدة من الناس الغرباء ومنهم الطبيب.
• شجع المريض من بداية العلاج أن يستمر ويواصل عليه وأظهر تقديرك وإعجابك بأي تحسن يطرأ مهما كان قليلا.
• عندما يبدأ تأثير العلاج فإن ذلك سيشجع المريض أن يبدأ بمواجهة المناسبات الاجتماعية المثيرة للخوف والرهاب وهنا فإن دعمك وتفهمك له مهم جدا.
• في المنزل ينصح المريض ويشجع أن يواصل حياته اليومية بشكل طبيعي بقدر الإمكان ولهذا فلا تقبل أن تكيف حياتك لتتمشى مع مخاوفه وقلقه.

وتختلف قوة هذا المرض من شخص لاخر وبالتالي يكون العلاج الطبي فقط على حسب الحالة :

فلابد ان يبدأ العلاج بمخالفة النفس في كل ماهو رهاب , بمعنى تبلغ النفس هواها عندما تبلغ مناها , أي ان تزج بنفسك بكل ماله رهبة عندك . ولا بد أيضا من مراجعة الطبيب المختص في ذلك وتتلخص مساعدة الطبيب في جلسات بسيطة وتناول بعض الحبوب لفترة زمنية معينة ... طويلة أم قصيرة ذلك يعود على الحالة نفسها .

فعلاج الخوف و الرهاب لا يمكن إلا بالمواجهة فإن كنت تخشى أمر عليك أن تواجهه بقوة و ثقة و بالتدريج، و لا تخف من العواقب.

إياك ثم إياك أن تلوم نفسك على أي شيء عند حدوث أي خطأ فإن لوم النفس سيؤدي إلى الانتكاس.

ابدأ برفع مزاجك و لا تجعل أتفه الأسباب تخفض مزاجك، تحلى بالصبر و قوة الإرادة لأن التصرف بحكمة عند المواقف الحرجة هو الذي يعبر عن قوة الشخص.

ابني ثقة حقيقية بنفسك و ابحث عن أي شيء يعزز ثقتك بنفسك.
في حال الفشل تعلم من هذه التجربة دروس و لا تلوم نفسك ( لا يوجد فشل و إنما نتائج.

عندما يتكلم عنك الناس و عندما تشعر بأن أحداً يكرهك، حاول أن تصغر هذه الفكرة بعقلك و أن تعطها حجماً صغيراً و أن تتذكر بأن لديك الكثير من الناس الذين يحبونك و ما عليك إلا البحث عنهم .

لا تأمل من المساعدة من الخارج و لا تأخذ فكرة بأن الطبيب سيشفيك، تأكد بأنه أفضل طبيب مناسب لك هو نفسك، إن دعوت لربك لمساعدتك في مشكلتك فلا تتوقع من الله إلا المساعدة و ليس الحل السحري فعليك أن تعمل وسيساعدك الله و لا تحزن إن لم تلق المساعدة من ربك فاعلم بأنه يساعدك في حين أنك أنت لا تعتبرها مساعدة.


تمارين ينصح باتباعها :

- عند كل مساء فكر بشيء مفرح ثم ارسم ابتسامة على وجهك و قل في نفسك بأنك تثق بنفسك و بأنك إنسان قوي و تستطيع التصرف بحكمة في أشد الظروف.

- عندما تكون في وضع متوتر خذ نفساً عميقاً و حاول أن تقوم بعمل استرخاء لجسمك بشكل متدرج أي ابدأ منذ القدم حتى الرأس .

- فكر بشكل أيجابي و لا تكن سلبياً في طرحك أو تفكيرك . مارس مختلف النشاطات، مثلاً أنا قمت بشراء دراجة و صرت أجوب كل الشوارع ووجدت فيا متعة رائعة بالإضافة إلى متعة الصيد البحري الذي وجدته من أجمل المغامرات في حياتي ، تأكد بأنك تستطيع الوصول إلى ما تريده إذا ركزت عليه و صممت.

- لا تيأس، فإن شعرت بذلك ذكر نفسك بأن ذلك هو استسلام فالحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء .

- تقبل نفسك على ما هي

- لا تبرر الخطأ الذي تقوم به ، بل حلله بطريقة عملية و تعلم منه و ابن درعاً من هذا الخطأ و قوي ثقتك بنفسك .

- تمتع بالدعابة و حاول أن تبتسم في كل المواقف، فعندما تتعرض لموقف محرج لا تقوم بالخجل منه و مداراته بل على العكس أبرزه و اضحك منه و خذه من باب الدعابة و أعطي الناس الفرصة أن تبتسم لهذا الموقف ...

- فكر بالمستقبل بشكل أيجابي على أنه مستقبل جميل و ابدأ بتخيل أمور تريد أن تحققها بالمستقبل ، و ابدأ بالعمل على ذلك. خطط لحياتك قبل أن يخططها لك الآخرون، تخيل المنصب الذي تريد أن تكون به بعد 10 سنوات و ابدأ برسم الخطوات التي يجب أن تقوم بها للوصول إلى ذلك المنصب و اصرف وقتك في هذا الطريق فقط.