قال إيليا : إذا كان الله لديه كل القوة ، فلماذا لا يوفر المعاناة على الذين يحبونه ؟ لماذا لا ينقذهم بدلا من منح أعدائهم العظمة و الفخر ؟
***
لمرات عديدة من قبل ، عندما شعرت بالسكينة مع الله و العالم ، كانت حرارة الجو فظيعة و ريح الصحراء ملأت عيني بالرمل و لم تسمح لي أن أرى لأبعد من يدي ، فتدبيره لا يتفق دائماً مع ما نحن عليه أو نشعر به ، لكن تيقن من أن لديه سبباً لكل هذا .
***
استيقظ إيليا جفلاً و نظر إلى السماء و همس : هذه هي القصة المفقودة .
فمنذ زمن بعيد أقام يعقوب معسكراً ، و أثناء الليل دخل شخص ما خيمته و تصارع معه حتى الفجر . و قبل يعقوب الصراع رغم إدراكه أن خصمه كان الله . و حتى الصباح لم يهزم ، و توقف الصراع عندما وافق الرب أن يمنحه البركة .
فكل إنسان ، في وقت ما ، تدخل المأساة حياته ، قد تكون : تدمير مدينة ، موت ابن ، اتهام بلا دليل ، مرض يجعل المرء طريح الفراش للأبد .
في مثل هذه اللحظة يتحدى الرب الإنسان ليواجهه ، و يجيب على سؤاله :
لماذا تتشبث سريعاً بوجود قصير و مملوء بالمعاناة ؟ و ما جدوى صراعك في الحياة ؟
و المرء الذي لا يعرف كيف يجيب على هذا السؤال ، يتخلى عن نفسه – بينما الأخر الذي يرى معنى للوجود ، يشعر أن الرب غير عادل ، و لابد أن يتحدى مصيره .
و عند هذه اللحظة تنزل نار مختلفة من السماء . ليست تلك النار التى تقتل ، بل ذلك النوع الذي يهدم الجدران القديمة ، و يفضح القدرات الحقيقية لكل مخلوق .
و لا يسمح الجبناء لقلوبهم أن تتوهج بهذه النار ، فكل ما يرغبونه إنما هو تغيير الوضع الحالي و العودة سريعاً إلى ما كان ، و هكذا يستطيعون المضى في حياتهم و التفكير بطريقتهم المعتادة .
" دائماً – يتسم الشجعان بالعناد و الصلابة "
و في السموات يبتسم الرب برضا ، فهذه رغبته ، أن يصبح كل شخص مسئولاً عن حياته . و لهذا نجده قد منح أبناءه أعظم منحة على الإطلاق و هي :
القدرة على اختيار و تحديد أفعالهم .
فقط هؤلاء الرجال و النساء الذين تحمل قلوبهم اللهب المقدس ، لديهم الشجاعة لمواجهته . ووحدهم يعلمون طريق العودة لإكتساب محبته لأنهم أدركوا أن المأساه ليست عقاباً بل تحد .
***
قال إيليا :
و أنت يا رب أخطأت كثيراً في حقي . لقد جعلتني أعاني أكثر مما أستحق ، و أربكت رحلة بحثي ، و جعلتني قسوتك أنسى الحب الذي أحمله لك .. و إذا قارنا آثامي بما ارتكبته من أخطاء في حقي ، سنجد أنك مدين لي .
ولكن لأن اليوم هو يوم الغفران ، امنحني عفوك لأسامحك ، و هكذا ربما نسير جنباً إلى جنب .
و في هذه اللحظة هبت ريح ، و سمع ملاكه يقول له :
إيليا لقد قمت بعمل حسن ، و الرب قبل مواجهتك .
انسابت الدموع من عينيه ، فسجد و قبل تربة الوادى الجافة و قال :
أشكرك لأنك أتيت ، لقد تملكني هاجس بإثم ما فعلت .
قال الملاك : إذا قاتل المحارب معلمه ، هل في ذلك إثم ؟
قال إيليا : لا . فهذه هي الطريقة الوحيدة لاكتساب المهارة اللازمة له .
اضغط هنا لتحميل رواية الجبل الخامس
No comments:
Post a Comment