12 November 2010

ورقة شجر


بدأت تلح عليها فكرة ثابتة ، مؤداها أن الحياة كلها غش و خداع و زيف . كل ما هو براق في الدنيا ما هو الا شراك . أو هو كالحلي المزيفة لا يساوي شيئا .

كانت ترى من حولها ألوان الطيف الزاهية التى تزول بعد قليل و لا يبقى منها شئ . كانت ترى خداع الحياة للشباب البرئ المتحمس . ذلك الخداع الذى لم يكن يعرفه الا من تعدى هذه المرحلة الوردية من العمر فلم يعد يرى من بريقها الا خرزا ملونا لا يساوي شيئا .

مر عليها بسرعة شريط حياتها بأكمله . توقف الشريط قليلا عند خطابه الأخير إليها قبل استشهاده . تذكرت قول نيتشه الذى كتبه لها في الخطاب : ( البطل هو الذي يعرف كيف يموت في الوقت المناسب ) خنقتها الدموع .

لم يكن الخريف قد جاء . لكن ورقة الشجرة كانت قد سقطت و بدأت تتهاوى نحو الأرض بأشد ما يكون البطء ، و كأنها تقاوم قانون الجاذبية ..

.. استقرت الورقة على الأرض بجوار أوراق شجر انتزاعها الخريف من غصونها لتفرش الأرض ببساط لم يعد فيه بقايا للون الخصوبة الخضراء الذي كان قد انحسر أمام زحف الزمن بلونه الأصفر . لون رمال صحراء صامتة صمت الأفق الممتد الى ما لا نهاية ..

-------------------------------------------
مقتبس من رواية الخرز الملون .. محمد سلماوى

No comments:

Post a Comment