01 December 2010

الفرق بين مصر وأمريكا في الجزمة دي


وصلتني عبر البريد الإلكتروني مجموعة من الصور.. وهي في الحقيقة صور لا تبحث عن تعليق.. لسبب بسيط هو أنها تشرح نفسها بنفسها، صور تعبّر ببساطة عن الفرق بين دول العالم الثالث ودولة مثل أمريكا.. دول يحكمها أباطرة وقياصرة وفراعنة، ودولة يحكمها رجل.. مجرد رجل نصيبه من القرارات في الحكم أقل كثيرا من أمين تنظيم الحزب الوطني في مصر..

حتى عندما يذهبون إلى بيت الله يقف الخادم ليحمل الحذاء، فإذا انتهى السيد أمين تنظيم الحزب من الوقوف خاشعا ذليلا خاضعا بين يدي الله، وهمّ بالخروج جاءه الخدم؛ ليسندوه على باب المسجد خشية الوقوع، ويلبسوه حذاءه الأنيق.. تماما كما كان يفعل بعض الباشوات والملوك القدامى..

فما هو نصيب الخادم من الصلاة إذن؟


الخادم كما تشاهدون في الجاليري يقف بين المصلّين حاملا "جزمة" أحمد عز، وكأنه يحمل عهدة حكومية يخشى ضياعها، وتكاد يده تمسك بها وكـأنه نال عظيم الشرف والكرامة..

ثم ها هو السيد أمين التنظيم يتكئ على ظهره ليلبسها؛ تعبيرا منه عن الود الذي يكنّه لمن يُلبسه حذاءه.. منتهى التواضع والرحمة..


وهكذا ظل كثير من المصريين يرسّخون العبودية في أنفسهم لكل من اقترب من كرسي الحكم، ويطمعون في أن يقتربوا منه ولو بحمل حذائه..

وبنظرة واحدة في الجاليري المرفق بالمقال ترى كيف أنه من قديم، والمواطن المصري البسيط المقهور لا يدري كيف يرفع راسه أمام أصحاب السلطة والصولجان ليقول لهم لا.


أما الصورة الأخرى فهي لرئيس أكبر دولة في العالم..

صورة للرجل الذي يتحكم في قنابل نووية تكفي لفناء العالم عدة مرات..

رجل بسيط يدخل مسجد السلطان حسن في أثناء زيارته لمصر، ولمن يدقق النظر سوف لا يجد جواره أحدا..

هو يخلع حذاءه.. ثم هو يضعه في مكانه لا يحمله عنه أحد، ثم هو في النهاية يرتدي حذاءه بنفسه لا يساعده أحد..

ولو حمل عنه أحد حذاءه بدافع الحب لصارت كارثة تتناقلها وسائل الإعلام.. ولساءله الأمريكان من الذي باع لك هذا الخادم يا أوباما.. ولحاسبوه على تكبره، وربما أجلسوه في بيته؛ عقابا له..


نحن هنا لا نقول بأن الشعب الأمريكي أعرق ولا أروع من الشعب المصري، إنما نقول إن ثمة فرقا بين شعب ترسّخت في نفسه العبودية، وبين شعب يشعر أن الحاكم وحكومته في خدمته، وأن رواتبهم جميعا يأخذونها من دافعي الضرائب..

نحن أولى بالكرامة، نحن أولى بالعزة الحقيقية، والله أخبرنا أن العزة لله جميعا، فإذا أراد عبدٌ العزة فليأخذها من مالكها الوحيد: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.. أما غير ذلك فهو الكبر والفرعنة..

الغريب والمدهش أنك تأتي بعد ذلك لتجد من يقول بأن الانتخابات مزورة، أو أن الحزب الوطني أصبح هو المالك الوحيد للبرلمان..


أو أن البرلمان المصري صار بلا معارضة ولا من يقول "لا".. ولن تجد بعد ذلك إلا "نعم".. و"نعم" من القلب والعقل والروح والبنك الذي يحمل الرصيد!!


ولكن العجيب والمدهش والمبهر في هذا الشعب العظيم رغم ما فيه؛ هو أن الشعب المصري قادر على فعل كل شيء وأي شيء، قادر على مواجهة الجيوش الجرارة، وتحطيم أعتى الموانع المائية، وتجاوز حقول الألغام، والنصر على العدو مهما كان تجبره وجبروته وعتاده..

قادر على مواجهة الجوع والفقر والمرض.. قادر على مواجهة كل الصعاب، لكن الشيء الوحيد الذي لم يعرفه طوال حياته هو مواجهة حكومته التي أذاقته الهوان..

فإن بدت اليوم قدم أحمد عز في مصر أقوى وأرسخ من قدم أوباما في أمريكا، فالتاريخ يثبت أن من يحملون الأحذية من المنافقين والمتزلفين والمتسلقين مصيرهم إلى زوال، و"الجزمة" التي يحملونها بأيديهم ستقع على رؤوسهم في يوم من الأيام..


أما أصحاب الأحذية الأنيقة، والمرسِّخون للعبودية لمن حولهم، فلن يكون مصيرهم بأفضل من سابقيهم من الفراعنة المتجبرين.. وسيأتي اليوم الذي يرحلون فيه عن مصر وشعبها الأصيل غير مأسوف عليهم مضروبين بالـ.....

منقول من موقع بص و طل

27 November 2010

زوموا .. زوموا


من المؤكد أن الشخص المجهول الذي كان أول من طرح الفكرة لم تخطر على باله أبداً النتائج المدهشة التي أحدثتها ,ولابد أن الفكرة تبلورت عنده مع تبلور حقيقة واضحة وضوح الشمس الحارة أمام الجميع : إن ديناصورات الحكم المعتّق لن يتركوا كراسيهم أبداً إلا إلى القبر , قبرهم أو قبر البلاد .



فبعد ثلث قرن من الاستفراد بالأرض والناس تراكمت ملفاتهم السوداء التي يرعبهم أن يذهبوا عن الحكم ويأتي بعدهم من يفتحها . لم يعد هناك شكٌ في أنهم قرروا البقاء حتى الموت . والموت لكل من يحاول إزاحتهم عن كراسيهم .معهم القوة والأموال والأبواق والبلطجة وأصحاب المنافع والمغانم وحيل الأفاقين التي لا تنتهي . وحتى يسبغوا شرعية زائفة زائفة على استمرارهم أمام المراقبة الدولية اصطنعوا شروطاً فاسدة عبر استفتاء كاذب لإجراء انتخابات تبدوا حرة أمام العالم بينما هي مزيفة من جذورها لأنها لا تسمح إلا بوجود منافسين هزليين لمواجهتهم ثم إنهم أظهروا أنيابهم ومخالبهم وبذاءاتهم لكل من جرؤ على الاعتراض على الانتخابات المهزلة التي اقترب موعدها ولعل هذا ما جعل الفكرة تخرج من الرأس أو الرؤوس العجيبة التي ابتدعتها .



في صباح باكر من صباحات الصيف الرطبة الساخنة ظهرت الكلمة على بعض الحيطان وأعمدة النور . مكتوبة بالطباشير بخط بسيط مرتبك يكاد لا يلفت نظر أحد. كلمة واحدة : " زوموا " . وفي الصباح الباكر التالي ازدار انتشار الكلمة على الحيطان بخط أكبر وبألوان عديدة وضح أنها ببخاخات الطلء سريع الجفاف : زوموا زوموا . . زوموا . . زوموا

لفتت الكلمة أنظار الناس وبدأوا يتساءلون باستغراب عن معنى ذلك ! وجاءت الإجابة في الأيام التالية في رسائل مختصرة على شاشات مئات الهواتف النقالة :" عبروا عن اعتراضكم يوم الانتخابات بأن تزوموا " ثم ظهرت على بعض مواقع الانترنت وفي رسائل البريد الإلكتروني التي يصعب تحديد مصادرها نداءات مستفيضة تحت عنوان " زوموا " تطالب المعترضين على تلك الانتخابات الهزلية الملفقة بأن يزوموا . . مجرد أن يزوموا . . يعلنون رفضهم بطريقة لن تكلفهم شيئاً ولن تعرضهم لأي خطر من السلطات أو أتباعها من البلطجية . . فالزومان لا يتطلب حتى أن يفتح الإنسان فمه فتحة صغيرة . . إنه مجرد صوت يحدثه الإنسان وفمه مغلق , بل يمكنه إحداثه وهو يرسم على وجهه ملامح ابتسامة أو استكانة أو جدية أو لامبالاة . صوت ممدود يتذبذب في الحلق ويتردد عبر الجمجمة والعنق وينتقل إلى الهواء وينتشر " م م م م م م م م م م . . أو ن ن ن ن ن ن ن ن . بأي صوت زوموا . . زوموا ولا تخافوا . زوموا في الساعة الواحدة ظهر ذلك اليوم المنكود . فلا يُعقل أن يمدوا أياديهم الشرسة ليضبطوا ذبذبات الزومان في أعناقكم أو رؤوسكم وإن فعلوا فيكفي أن تسكتوا عن الزومان حتى تبتعد أصابعهم الوسخة عنكم لتعاودوا الزومان . " زوموا " .



زوموا …



انتشرت الكلمة على امتداد مليون كيلو متر ربع هي مساحة البلاد من البحر إلى النهر ومن النهر إلى الصحراء . شاعت بين ثمانين مليون نسمة هم مجمل سكان البلاد تبعاً لآخر الإحصاءات الرسمية . صارت الكلمة مفعمة بالجد والضحك واللعب والإثارة والترقب المدهش . أخذ الأولاد يكتبونها في قصاصات وينثرونها خلسة من النوافذ والشرفات . وصار الناس يتبادلونها همساً باسماً أو جهراً ضاحكاً عندما يلتقون أو وهم يفترقون . وكأنها صارت بديلاً لكلمات السلام والوداع . بل صارت دندنات في أغنيات عابثة تنغرس فيها الكلمة بدلاً من بعض كلمات الأغنية الأصلية . مثل : " زوموا زوموا زوموا / دا الفيل مربوط من خرطومو " .



لكن اقتراب يوم الانتخابات كان يزيد من شعور الناس بتوتر مكتوم وإثارة متخوفة .

أتت الساعة الواحدة ظهر يوم الانتخابات . أتت في صمت مطبق يمكن أن تسمع فيه صوت الأنفاس في الصدور . كان واضحاً ان البلاد كلها تصيخ أسماعها . . حتى أفراد قوات الأمن الذين انتشروا بكثافة في الشوارع والميادين ومداخل المدن وأطراف الجسور بزيهم الأسود المقبض وهراواتهم المطاطية الثقيلة كانوا يصيخون . أما البلطجية وأرباب السوابق الذين اعتاد ديناصورات الحكم أن يستعينوا بهم لردع وترويع كل من يجرؤ على إعلان اعتراضه فلم يظهر عليهم أدنى اهتمام بالأمر . ولم يكن أفراد المراقبة الدولية لحرية الانتخابات مدركين لهذا الصمت المريب الذي ظنوه من طبائع الأمور , سجلوا في دفاتر ملاحظاتهم أن الإقبال ضئيل للغاية فلم تزد نسبة المترددين على مكاتب الاقتراع التي زاروها عن ربع في المائة حتى منتصف النهار " لكن الإدلاء بالأصوات كان يتم في هدوء شديد ودون مخالفات تُذكر " .



وضح أن معظم الناس لم يغادروا بيوتهم . وكان كثيرون منهم يطلون من الشرفات والنوافذ في ترقب هاديء أقرب إلى الوداعة . ثم . . بدأ الصوت يولد من غياهب الصمت في تمام الساعة الواحدة وثلاث دقائق على وجه التحديد . صوت زومان غائم النبرات , زومان خافت وخفي أخذ يتضح ويشتد في نحو الواحدة وخمس دقائق . وفي الساعة الواحدة وعشر دقائق انفجرت الحياة التي كانت ساكنة في العاصمة . . في البلاد كلها . .. تضج بالزومان . .



في العاصمة التي يسكنها خمسة وعشرون مليوناً من البشر تطورت تفاعلات الزومان بشكل مذهل فالحركة توقفت تماماً . سكنت السيارات القليلة في الطرقات ونزل راكبوها يتابعوت كتلة الزومان الهائلة المنبعثة من كل مكان ولا مكان . عشرون مليونا كانوا يزومون في العاصمة وحدها . عشرون مليوناً على الأقل بعد استبعاد الرُضّع والصم والبكم والمحتضرين وديناصورات الحكم قطعاً وأذنابهم , وكان أفراد الأمن والضباط الصغار الذين حشدتهم أوامر الديناصورات في الشوارع منذ الفجر يبتسمون في شماتة واضحة . بل كان أغلبهم ينخرط سراً في الزومان . اما البلطجية وأرباب السوابق الذين تمت برمجتهم لمهمة واحدة هي الترويع الجسدي للمعارضة فلم يفهموا ما يحدث , بل رأوا في هذا الزومان الجماعي لعبة طريفة لم يفتهم أن يدخلوا فيها على طريقتهم فانفتحت أفواههم مع أذرعهم في جعير طويل سرعان ما تم بتره . هاج فيهم البلطجية الأكبر ذوو البدلات الكاملة والنظارات وأربطة العنق . أمروهم بعصبية أن يتوقفوا عن هذا الجعير فوراً لأنهم حمير لا يفهمون شيئاً . هم فقط والأكبر منهم والأكبر من الأكبر منهم كانوا يفهمون معنى زومان مدينة كاملة . . بلد بحاله . . في وجود مراقبين دوليين و محطات تيلفزيون عالمية و مراسلين أجانب لكن الظاهرة تجاوزت فهمهم وحدود توقعاتهم وتوقعات الجميع عندما بدأت الظاهرة تتجاوز نفسها بشكل مذهل . . شكل يتجلى في مشاهد مذهلة أمام العيون . . .



في الساعة الواحدة وخمس وعشرين دقيقة كانت العاصمة المشتعلة بزومان الملايين تبدو كأنها دينامو جبار لتوليد موجات كاسحة من ذبذبات غير مرئية . وبدأ بعض أفراد الأمن والضباط الصغار الواقفون في عراء الشوارع يصابون بإعياء غامض ودوار ونوبات قيء جماعي . وكان المارة العاديون يهرولون مترنحين حاشرين أطراف سباباتهم في ثقوب آذانهم . وهناك من كانوا يهوون إلى الأرض ويتمرغون في ألم وذعر . لم تستمر ظاهرة الأعراض الجسدية الغريبة هذه غير خمس أو سبع دقائق تلاشت بعدها تماماً ثم بدأت ظاهرة خارقة تتجلى واضحة أمام الأبصار المذهولة : كانت الألوان تزول . . ألوان الملابس . . السيارات . . أعمدة النور . . الحيطان المدهونة . . لافتات التأييد لاستمرار السلطة . . يافطات المحال والدكاكين . كل الألوان المضافة كانت تختفي ولا تبقى غير تلك التي في أصل الأشياء . و كأن ذبذبات زومان الملايين صارت عاصفة من نوع غريب تجتاح كل شيء وتزيل المضاف إليه من ألوان . قيل إنها موجات فوق صوتية جاءت نتاجاً ثانوياً لذبذبات صوت الزومان الأصلي وهو يعبر اللحم والعظام وينتقل إلى الهواء . وقيل بل موجات تحت صوتية تولدت بنفس الطريقة غير المقصودة . وأخذ الناس يذكرون ما يعرفونه في الواقع أو قرؤوا عنه أو سمعوه أو رأوه في برامج التلفزيون .. مدافع الموجات الصوتية التي تشتت التجمعات أو تقتل بلا جراح . والغسالات التي أعلن اليابانيون عن اختراعها وهي تنظف بالموجات الصوتية وحدها دون ماء ولا مسحوق غسيل . والأجسام التي يمكن رفعها في الهواء وتحريكها في أي اتجاه بطاقة الموجات الصوتية وحدها . ثم هناك الموجات الصوتية التي تكشف الجنين في بطن أمه وتلك التي تحطم الحصوات في الكلى . أما ما تولّد عن الزومان من موجات تحت صوتية أو فوق صوتية أو خليط من الاثنين فهو اختلاف في الآراء لم يصمد أمام حقيقة واحدة مرئية واضحة كانت تتجلى أمام العيون المبهورة " كل الألوان تزول وتعود الأشياء إلى طبيعتها الأصلية .. الأقمشة تتحول إلى بيضاء رمادية .. أعمدة النور بنية بلون صدأ الحديد . اللافتات عارية بلا كلمات .. يافطات المحال بلون الأبلكاش أو القصدير .. والحيطان بلون الأسمنت والرمل أو الطوب إلا إذا كانت مكسوة بالرخام أو الجرانيت أو الحجر .

غلب اللون الرمادي على كل شيء فلم يعد هناك لون واضح البقاء إلا في خضرة الشجر وزرقة السماء الفسيحة وما تعكسه على صفحة النهر . مشهد أخذ يتسع ويتأكد ويجعل العيون تجحظ والأفواه تنفتح . لكن الزومان لم ينقطع كأنما بقوة الدفع الذاتي أو بفقدان الملايين إمكانية السيطرة على أحبالهم الصوتية التي استمرأت الاهتزاز . وكان ديناصورات الحكم المعتق يتداعون لاجتماع عاجل في قصر القيادة .

لم تسلم قلعة الحكم من مصير كل شيء في العاصمة في تلك الساعة الخارقة من ساعات النهار . زحف اللون الرمادي زحفاً كاسحاً على ثياب جنود وضباط الحرس القيادي . الزي الكحلي المهيب لم يعد كحلياً والبيريهات الحمراء بلون الدم لم تعد حمراء . بهتت ألوان الخيوط الحريرية اللامعة التي كانت تطرز البادجات على الصدور والأكمام . واستحالت ذهبية النجوم و النسور والسيوف المتقاطعة لرتب الضباط إلى لون الصفيح الكالح . وكانت هناك صعوبة في التعرف على سيارات المرسيدس الرسمية التي أخذت تتوافد بسرعة . تلاشى دهانها الأسود اللامع وصارت مطفأة بلون الصاج القاتم . أما الديناصورات الذين أخذوا يترجلون من السيارات فقد بدوا أثقل وأسمج وأكثر ترهلاً بأجسامهم المتورمة أو المتيبسة في البدل والقمصان وربطات العنق التي وحد بينها اللون الرمادي المغبر بعد زوال ألوانها وأفدح ما أصاب هؤلاء الديناصورات من تغيير كان انكشاف رؤوسهم وحواجبهم وشواربهم عن شعث أبيض لا جلال فيه بعد تبخر صبغات الشعر التي كانوا يستوردونها من أغلى الأنواع في العالم . بدوا أشباحاً مسنة غليظة تخرج من المجهول وهي تصعد الدرج الرخامي الفسيح باتجاه قاعة اجتماعات القيادة . وكان جنود الحرس والضباط الصغار الذين لم يفقدوا غير ألوان ملابسهم يبذلون جهداً كبيراً لكتم ضحكاتهم لكن قهقهات ضاغطة لم تستطع إلا أن تنفلت . ولم يملك بعض الديناصورات الذين انفجرت في وجوههم القهقهات إلا أن ينظروا بذعر إلى الوجوه الشابة التي تضحك . ذعر لم يعرفوه أبداً لأنهم كانوا هم من يفرضه على الآخرين منذ نصف ساعة .. لا أكثر . التأم مجلس الديناصورات الحاكم في القاعة المدججة بأحدث موانع التنصت والمواد العازلة للصوت والمضادة للقذائف . لكن الزومان المستمر اشتعاله في البلاد كان يتسلل إليهم وإن بدرجة أقل . تهالكوا بشعورهم البيضاء المطفأة على رؤوسهم وفوق حواجبهم وتحت أنوفهم في المقاعد التي زالت ألوانها حول المائدة المستديرة التي كانت مشهداً يومياً من مشاهد السلطة الراسخة على شاشات التيلفزيون الرسمي والجرائد التابعة . لكنها هي أيضاً تهالكت بزوال طلاء الجليز العسلي اللامع الفاخر عن سطحها بدت عارية بلون الخشب العاري بينما تنهال على محيطها مرافق وسواعد وأكف الديناصورات الشائخة .



كانوا يترامقون في استغراب وكره دفين . كل منهم لا يرى أمامه إلا حفنة من عواجيز أوغاد يعرف خباياهم و رزاياهم ويتناسى نفسه . كل منهم لا يرى فيمن يرمقه غير شيخ آثم لم يكف عن التصابي وهو يلتهم حقوقاً ليست له ويبتذل سلطات لم يصنها ويخون أمانات لم يحفظها . واندهش بعضهم وهو يكتشف تغير لون عيون البعض الذين لابد أنهم كانوا يركبون عدسات ملونة انمحت ألوانها . اختفت الحمرة التي كانت تضج في وجوه البعض منهم ولابد أنها كانت بتأثير مكياج ثابت أو مؤقت . ويبدو أن موجات الصوت التي أزالت الألوان لم تكتف بإزالة صبغات شعرهم وحمرة مكياجهم بل حركت حشوات البوتكس المحقونة في وجوههم لإخفاء الغضون والتجاعيد فصارت الحشوات كلاكيع وعادت التجاعيد والغضون وإن بتنافر هزلي . كل منهم كان يرى في الآخر كذاباً ويبرر تاريخ كذبه الشخصي بضرورة مجاراة الكذب العام الذي صنعه الآخرون . يستشعرون في شيخوختهم التي انكشفت فجأة أنهم تورطوا في مستنقع . ويشعر كل منهم بأن الآخرين ورطوه في ذلك وما هو إلا حمل غررت به الذئاب .

نصف ساعة مرت في القاعة الرمادية وتحت السقف المتذبذب بزومان الملايين ولم ينطق أحدهم بكلمة . كان بعضهم يفتح فمه ليتفوه بشيء لكن فمته المفتوح يظل يظل معلقاً في صمته الفارغ قبل أن يعود إلى الانغلاق . ويبدو أن قادة الحرس الذين كان مسموحاً لهم بدخول القاعة والخروج منها نقلوا إلى زملائهم في الخارج ما يحدث في الداخل . أخذت نوافذ القاعة تمتليء بالوجوه الشابة المطلة من وراء الزجاج المانع للصوت والمضاد للرصاص . كانوا يتأملون سكون الديناصورات التي وطأها الشيب بغتة وأصابها الخرس والجمود . ثم بدا أن هذه الوجوه الشابة في الخارج تضحك . بل تقهقه لأن صوت قهقهاتها زاد وفاض والتف ودار ليتسلل إلى داخل القاعة من ثقوب مفاتيح الأبواب و ثغرات نوافذ التهوية . قهقهات عارمة من صدور قوية مدربة على الفتك راحت تغمر حفنة الديناصورات الذين تولاهم الرعب . أخذت عيون الديناصورات الكليلة تتأرجح في محاجرها وكل منهم يلوذ بأطلال الآخرين وهو يدرك يقيناً أن لا فائدة . . . لا فائدة .



لا أحد يعرف متى توقف الزومان بالضبط لأنه تواصل خلال الليل وإن في خفوت . ولا أحد يعرف كيف نامت البلاد هذه الليلة . لكن الناس استيقظوا من نومهم المرهق مبكرين . كأنما أيقظهم منبه داخلي ملأه الفضول لمعرفة ماذا حدث وماذا سيحدث .

اختفى ديناصورات الحكم بشكل غامض . لم يُعثر لأي منهم على أثر في صباح البلاد التي استيقظت على عالم جديد لا ألوان فيه غير أخضر الشجر وأزرق السماء . وكان لابد من تلوين الحياة من جديد … نشط النقاشون والخطاطون والرسامون والصباغون في كل الأماكن . كانوا يعيدون إنطاق الواجهات والسجاجيد وفرش البيوت والسيارات ولعب الأطفال والملابس .. وعلم البلاد . . بألوان جديدة .





- - - - -
كتبها الأديب الرائع محمد المخزنجي

22 November 2010

يا عم سيبك


مِسعِد: شفت يا عم اللي حصل لحمدي قنديل.
وقفوا البرنامج بتاعة على التلفزيون. الواحد معدشي عارف هايعملوا ايه في البلد دي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...وبعدين انت تعرف حمدي قنديل ده متجوز مين ...نجلاء فتحي الممثله, يعني لو كان راجل بجد كان حكم مراته الاول.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

....بعد كام سنه

مِسعِد: شفت يا عم اللي حصل لوائل الابراشي ...محاولينه للمحاكمة, لو فضلوا ساكتين الصحفيين كلهم هايروحوا السجن بالمنظر ده

صاحب مِسعِد:يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا... وبعدين هايعملوله ايه بشعر امه الواقف ده.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

بعد كام شهر

مِسعِد: شفت اللي حصل لعمرو اديب قفلوله المحطة بتاعته كلها الواحد لازم يتحرك ويعمل اي حاجه في ام البلد دي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...وبعدين كفاية صلعته البهية, ده اصلا بضين و اخوه طول عمره بتاع الريس.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب معرصين ماعدا انا وانت

و بعد كام اسبوع:

مِسعِد: شفت اللي عملوه مع ابراهيم عيسى, شالوه من الدستور. احا المرادي انا كنت ناوي انزل الوقفه اللي معموله علشانه بس كانوا عاملينها الصبح بدري قوي

صاحب مِسعِد: يا عم انت بتصدق هو لو ماكنشي كل اللي كان بيقوله ده بموافقتهم ماكنوش خلوه يقوله اصلا...انت متعرفشي انه شيعي اصلا و بعدين انت مشفتش الهلس اللي كان عامله في رمضان.
يا عم سيبك دول كلهم عالم ولاد كلب منافقين ماعدا انا وانت

و بعد كام يوم

صاحب صاحب مِسعِد: الحق اللي حصل لصاحبك يا مِسعِد ولاد الكلب بتوع المرافق كبسوا عليه و لمو كل الفاكهة اللي عنده و لما حاول يهرب بكام قفص تفاح مسكوه و شدوه على القسم. ماتيجي معايا نضمنه علشان يخرج.

مِسعِد: يا ولاد الوسخة.....بس هو انت هاتروح تضمنه بجد؟ دا ابن متناكه! انت عارف انه عمر ما حد مننا سلم من لسانه الوسخ
يا عم سيبك الناس كلها بقت ولاد كلب معرصين ماعدا انا و آآآ ...وانت.

================
كتبها طارق نوارة .. مدونة  يحكى أن


12 November 2010

ورقة شجر


بدأت تلح عليها فكرة ثابتة ، مؤداها أن الحياة كلها غش و خداع و زيف . كل ما هو براق في الدنيا ما هو الا شراك . أو هو كالحلي المزيفة لا يساوي شيئا .

كانت ترى من حولها ألوان الطيف الزاهية التى تزول بعد قليل و لا يبقى منها شئ . كانت ترى خداع الحياة للشباب البرئ المتحمس . ذلك الخداع الذى لم يكن يعرفه الا من تعدى هذه المرحلة الوردية من العمر فلم يعد يرى من بريقها الا خرزا ملونا لا يساوي شيئا .

مر عليها بسرعة شريط حياتها بأكمله . توقف الشريط قليلا عند خطابه الأخير إليها قبل استشهاده . تذكرت قول نيتشه الذى كتبه لها في الخطاب : ( البطل هو الذي يعرف كيف يموت في الوقت المناسب ) خنقتها الدموع .

لم يكن الخريف قد جاء . لكن ورقة الشجرة كانت قد سقطت و بدأت تتهاوى نحو الأرض بأشد ما يكون البطء ، و كأنها تقاوم قانون الجاذبية ..

.. استقرت الورقة على الأرض بجوار أوراق شجر انتزاعها الخريف من غصونها لتفرش الأرض ببساط لم يعد فيه بقايا للون الخصوبة الخضراء الذي كان قد انحسر أمام زحف الزمن بلونه الأصفر . لون رمال صحراء صامتة صمت الأفق الممتد الى ما لا نهاية ..

-------------------------------------------
مقتبس من رواية الخرز الملون .. محمد سلماوى

11 November 2010

رواية فوق السحاب

فوق السحاب رواية صغيرة حجماً .. انتهيت من قرائتها .. لكاتبة شابة تدعى ( مها الغنام ) .. حاولت العثور عن معلومات عنها فلم أجد .. حتى في الكتاب ليس هناك أي تنويه عن المؤلف .. اعتقد أن هذا هو عملها الأدبي الأول .. يتسم أسلوبها بالبساطة و كذلك فكرة الرواية و لكنها أثرت بي بشكل ما .

ربما تكون الرواية سيرة ذاتية .. فقد جاءت بشكل سرد على لسان الشخصية الأساسية بالرواية و هي ( سنا ) .. تحكي ( سنا ) الفتاة القاهرية تجربتها الحياتية التى تشمل تجربتين عاطفيتين تمر بهما مع خلفية تاريخية لحرب العراق و الكويت .. طوال العمل تخاطب ( سنا ) شخص يدعى ( جهاد ) و كأنها تكتب هذه الرواية في شكل رسالة مطولة له .. لا تتكشف شخصية جهاد إلا قبل منتصف الرواية .. جهاد هو الحبيب الثاني .

الحبيب الأول يدعى ( عبد الكريم ) تجمع الصدفة بينهم بقصر الثقافة بالقاهرة .. فتاة تخرجت من الجامعة جاءت لهذا المكان تودي خدمتها العامة .. و هو شاعر شاب مسئول عن تنظيم ندوات أدبية بهذا المكان .. تنشأ علاقة الحب بينهما .. يتقدم لخطبتها .. يرفضه الأهل .. لفارق السن بينهما و لفقره .. يستمر الحب بينهما في الخفاء .. يتقابلا يوم عيد ميلادها ليعطيها هديته يحاول ان يمارس الحب معها .. ترفض .. يتصل بها بعد عده أيام يخبرها بأنه خطب فتاة أخرى .. بحجه أنها جوهرة و هو لا يستحقها .. تنهار حياتها .. و تذكرني بذاتي في تلك الحالة التى وصفتها الكاتبة بشكل جيد .. كنت أعتقد أنني الساذج الوحيد في هذا العالم .. تستمر في حبه سراً .. يحاول هو أن يستعيد علاقته بها برغم خطبته .. تعيش هي على أمل أن ينهى هذه الخطبة .. و تمر الأيام دون أى خطوة ايجابية منه بخصوص علاقتهما .. تقرر هي - عدة مرات - الإبتعاد عنه نهائياً و لكنها تضعف دائماً عند أول اتصال هاتفي منه .. فما زال حبها لها داخلها .. يتصل بها ليخبرها أنه تم عقد قرانه على الفتاة الأخرى .. و يتزوجها .. و تحمل زوجته .. كما قالت ( سنا ) لم يبخل عليها بأى خبر يسبب لها التعاسة و الحزن .. تمرض سنا و تذبل .. يلاحظ الأهل ذلك .. يخبرها أباها إذا كان سوء حالتها الصحية هذه بسبب حبها لهذا الشخص .. فإنه سوف يتصل به ليخبره بأنه موافق على زواجهما .. ترفض ( سنا ) هذا الإقتراح .. و تقرر العمل .. كمضيفة جوية و هنا تختلف حياتها .

حيث تخرج من نطاق عالمها الضيق – البيت و الأهل و الحب - الذي يحتل عبد الكريم معظمه .. تخرج إلي عالم أوسع و أرحب .. تتسع مجال رؤيتها للحياة .. و اعتقد أن هذه تعتبر مشكلتى أنا أيضا في الحياة .. قال لي ذات مرة " أنت تعاني قصر رؤية " . أتفق معه في ذلك .

فوق السحاب .. حيث الفضاء الواسع .. حيث يكون العالم صغير بكل ما فيه من مباني و بشر و مشكلات و هموم .. فوق السحاب استطاعت ( سنا ) أن تطرد كل الأحزان و الهموم .. كل شئ في هذا العالم أصبح صغير لا يستحق .. كانت تعمل و تتأمل كل شئ من حولها .. استطاعت للمرة الأولي ان تنسي عبد الكريم .. و هذا الحب المرضى له .

فوق السحاب جمعتها الصدفة بجهاد .. الطبيب العراقي الجنسية .. طاردها لمدة طويلة .. وجدته انسان محترم و نبيل .. وجدته بجوارها في أضعف لحظاتها .. يعطي حباً و لا ينتظر المقابل .. كانت مواقفه معها رجولية بحق و ليست استعراضية .. أحبته .. أدركت أن مشاعرها السابقة لم تكن حباً بالمقارنة مع ما تشعر به معه .. بالرغم من اعتراض الأهل و شروطهم المغالي بها إلا ان جهاد وافق على كل شروطهم و تم الزواج .

سألها جهاد ذات مرة : هل تزوجتى من قبل .
أجابت : لا
قال لها : اذا هذا ما أريد أن أعرفه عن ماضيك لا شئ أكثر .

جهاد كان أرمل و لديه ثلاث أطفال .. يعيشون مع جدتهم بالعراق .. عاش الاثنان سويا بالسعودية حيث مكان عملهما .. عاشت معه عامان من السعادة المطلقة .. حتى يوم الخميس الثانى من اغسطس 1990 عندما غزت العراق الكويت .. بعدها بدأ الهلع في المنطقة العربية .. ما بين المفاوضات و تهديدات مجلس الأمن للعراق بالإنسحاب من الكويت أو الحرب و بين تعنت صدام حسين و رفضه الانسحاب مهددا بضرب اسرائيل و السعودية بالأسلحلة الكيماوية .. و بدأت حرب العاصفة .. و اختفى جهاد .. دون أن يترك لها ورقة او خبر .. اختفى تاركا خلفة كل متعلقاته .. هل سافر العراق ليحمى أولاده ؟ .. هل تم اختطافه ؟ .. لا تعلم عنه شىء .. محاولات و محاولات للبحث عنه دون جدوى ..

و تنتهى القصة بها فوق السحاب .. متعتها الوحيدة .. حيث تمحى الهموم .. و تمر السنوات .. تحيى على ذكرياتها الجميلة معه .. تنتظر قدومه مرة ثانية من المجهول .. عندما انتهيت من الرواية وجدت داخلى سؤال محير .. هل الحب الناجح هو الذي يعيش سنوات طويلة يجمع بين الحبيبين أم هو الذي يبقى أثره داخلنا للأبد مهما ابتعد الحبيب أو اختفى من حياتنا ؟

-----------------
رواية فوق السحاب
تأليف .. مها الغنام
طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب

شهرزاد المتجددة

هكذا تقف شهرزاد في مواجهة شهريار ... كما يتصدى البطل للبطل النقيض ، و الفكرة للفكرة المضادة . و تؤدى شهرزاد دور المنقذ لبنى جنسها ... و تبدأ شهرزاد فعل القص فى أعقاب فعل الجنس ، كما لو كانت تتبادل و شهريار الأدوار ... و يمضى القص تحت راية الخيال ... و يستغرق الملك ، شيئا فشيئا ، فى دنيا الحكايات التى تصله بأقرانه الشر خارج حدود الزمان و المكان و اللغة ، متطلعا إلى المزيد من المعرفة بما لا يعرف ، ساعيا إلى اقتحام العوالم التى كان يجهلها ، متعرفا بين حكاية و أخرى نموذجا أنثويا جديدا ، يكشف بعدا مغايرا من أبعاد شهرزاد ... فيزداد اقترابا من معناها و استيعابا للرسائل الأخلاقية الاجتماعبة المعرفية التى تؤديها أمثولتها .

فيخرج كائنا جديدا ، متوهجا بالمعرفة ، متوجا بالحكمة ، بعد أن عانى طقس التحول الذى عاناه غيره من أبطال الحكايات التى يسمعها ، فينتقل من صورة الفحل إلى صورة الإنسان ، و من شهوة الغريزة المفضية إلى الموت إلى متعة الجنس الذى يؤدى إلى الحياة فى تواصلها الخلاق ، و آية ذلك أن الحكى لا ينتهى ، فى الليلة الحادية بعد الألف ، إلا و قد أنجبت شهرزاد ثلاثة أولاد من شهريارالذى تحول بالكلية و أدرك فساد الاعتقاد الذى كان واقعا فيه ، فعفا عن شهرزاد من كل شىء يضرها ، و كافأها على أنها خلصته من حمأة اعتقاده ، و كانت سببا فى توبته عن قتل بنات الناس .

فشهرزاد هي صانعة الحكايات التى تكتب بماء الذهب و تحفظ في خزائن الملوك كالجواهر ، أو تدون فى السجلات لأجل أن يطلع عليها الخلف فيعرف أخبار السلف ، أو يسعى إليها الساعون فى البلدان المختلفة ، لينسخوها بأدق ما يستطيعون ، كى يعودوا بها هدية إلى ملوكهم الذين يحفظونها فى خزائنهم ، ليطالعها من يبحث عن الحكمة المتجددة فى الزمان و المكان .

هذه الحكمة المتجددة هى حكمة الكتابة التي تصل الماضى بالحاضر ، و العرب بالعجم ، و المسلم بغير المسلم ، فتهدم حواجز العرق و الجنس و اللسان و العقيدة ، و تجمع من التدابير العجيبة و العلوم الغريبة و التجارب الحكيمة ما يصل القرون الماضية و الأمم البائدة بالقرون الحالية و الأمم الآتية ، مؤصلة فى الإنسان انتماءه إلى المعمورة الإنسانية كلها فى أحلامها و أشواقها ، مؤكدة أن حاجة الغائب موصولة بحاجة الشاهد ، لاحتياج الأدنى إلى معرفة الأقصى ، و احتياج الأقصى إلى معرفة الأدنى ، فذلك هو طبع البشرية و فطرة الإنسانية التى تؤكدها أمثولة شهرزاد فيما تؤكده من دلالات .

--------------------------------------------------------
منقول من كتاب .. نقد ثقافة التخلف .. لدكتور جابر عصفور



حكاية ولـد


الواد بيرسم حلو
الواد بيكتب شعر
الواد فاكرها بجد
و كل شئ له حد

الواد بيرسم بيت
رافض يدخل حد
ناوي يفضل بعيد
ناوي يكمل وحيد

الواد بيرسم سور
بينه و بين الناس
بيعلي فيه برسمه
والناس تقول فنان
يرسم كمان و كمان
و السور يلم الناس

الواد بيرسم بيت
و سقفه واقع فحت
والواد باصص لتحت
و البيت غريب
بياضه ناشع
و سقفه واقع
مرسوم بلون اسود كئيب

الواد وقع
محدش سمى عليه
تصدق !!؟
محدش حس بيه
بجد والله
ولا حد خاف عليه
حتى لو قلبه انخلع

الواد بيرسم حفرة
باللون الأسود
ورا السور
في ركن البيت
جنب قلمه
ده قبره


الواد مات
كان نفسه يبدع
كان نفسه يبقى
صلاح جاهين
بس كان ولد بيكتب على قده
------------------
كلمات .. محمد أيمن إسكندر
صاحب مدونة .. الولد اللي بيكتب على قده



نقد ثقافة التخلف


على الرغم من أنني بدأت اليوم فقط في قراءة كتاب " نقد ثقافة التخلف " للدكتور جابر عصفور و لم أنتهي منه بعد ، إلا أني قررت الكتابة عنه و أنصحكم بقرائته حيث أعتبره تحفة فكرية رائعة.

يقول الكاتب في مقدمة الكتاب:
" أدرك بالطبع أن بعض أطروحات هذا الكتاب ستثير رفض البعض ، و تدفع البعض إلي الاختلاف ، و هذا ما لا أخشى منه ، بل أحث عليه ، فالفكر لا يرتقى إلا بالاختلاف و الحوار و المساءلة ، و الإيمان الجذري بأنه ما من أحد يمتلك أو يحتكر الحقيقة المطلقة ، أو ينوب عنها دون غيرها ، و نسبية المعرفة التى ينبغى أن نبدأ من التسليم بها هي الأصل في الاختلاف الذى تثرى به الأفكار ، و لولا ذلك ما تعلمنا من تراثنا المعنى الجليل لمبدأ ( اختلاف أمتي رحمة ) و هو المبدأ الذي تلزم عنه موضوعية الحوار ، مقرونة بالتسامح و تقبل حق الاختلاف بوصفه الحق الطبيعى لكل مفكر و مثقف.

و أخيرا ، فإني لا أزال أومن أن الغالب على تراثنا هو قيم التخلف لا التقدم ، و الدليل على ذلك أن الحضارة العربية الإسلامية لم تزدهر إلا بمدى ما حققت من حرية فكر و ابتداع ، و أنها لم تعرف طريقها إلى الانحدار إلا عندما استبدلت التقليد بالاجتهاد ، و التعصب بالتسامح ، و التسلط و الظلم بالمساواة و العدل ... فكانت النتيجة ازدياد معدلات الانهيار الذى اقترن بسجن المختلفين ، فكريا و سياسيا و تفكيرا دينيا ، و التصاعد المطرد في اضطهادهمو تعذيبهم ، و إعدام البعض منهم ... فنسينا أقوال ابن رشد العظيم عن الفصل بين العلم و الملة ، أو استمرار محاولات الاتصال بين العلم و الدين ، فأصبح الخطاب الدينى السائد معاديا للعلم في زمننا "


و من أهم الموضوعات التى تتناولها فصول الكتاب :
- اضطهاد الأنثى و تنكيرها
- ثقافة الاتباع
- التهوس بالماضى و النزوع إليه
- التميز و العداء للآخر و قمع الاختلاف
- تكفير علوم الآخر
- أزمة حرية التعبير و عوائق الحرية
- العداء للفنون
- الفتوى الصادمة و دلالاتها
- الإسلام دين و دولة
- مخاطر الدولة الدينية


الكتاب متوفر بمكتبات الهيئة المصرية العامة للكتاب .. طبعة دار الشروق .. سلسلة الفكر بمكتبة الأسرة.



الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي

الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي Social Phobia

هل تعاني من الرهاب (الخوف ) الاجتماعي؟

لست وحدك في ذلك! أنا أيضا أعاني منه

فإن ما يقارب من 10% من الناس يرهبون المناسبات الاجتماعية مما يؤثر سلبيا على حياتهم الاجتماعية والتعليمية والعملية وعلاقاتهم الشخصية بصورة كبيرة. ولكن هل تعلم أن لهذه الحالات علاج جيد وفعال؟ لعلك تجد المساعدة لدى الطبيب النفسي .

1. هل ترهب (تتخوف) أن تكون مركز اهتمام ونظر الآخرين؟
2. هل تخاف من إحراج نفسك أمام الآخرين؟
3. هل تحاول غالبا تجنب أي من المواقف التالية؟:
o التحدث في المجتمعات
o الحديث مع المسئولين
o حينما يتركز النظر عليك
o الأكل أو الشرب أو الكتابة أمام الآخرين
o حضور الحفلات
4. حينما تتعرض لأي موقف من المواقف المذكورة أعلاه، هل تعاني من الخجل واحمرار الوجه، الارتعاش، الاضطراب، الخوف من الاستفراغ أو الشعور المفاجئ بالرغبة إلى الذهاب إلى دورة المياه؟

إذا كانت إجابتك لأي من الأسئلة 1 أو 2 أو 3 بنعم فهناك احتمال أنك تعاني من الخوف الاجتماعي. وإذا كانت إجابتك أيضا للسؤال رقم 4 بنعم فإنك بالتأكيد تعاني من الخوف الاجتماعي.

ما هو الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي؟

الرهاب ( الخوف) الاجتماعي حالة طبية مرضية مزعجة جدا تحدث في ما يقارب واحد من كل عشرة أشخاص، وتؤدي إلى خوف شديد قد يشل الفرد أحيانا ويتركز الخوف في الشعور بمراقبة الناس.

إن هذا الخوف أكبر بكثير من الشعور العادي بالخجل أو التوتر الذي يحدث عادة في التجمعات بل إن الذين يعانون من الرهاب (الخوف) الاجتماعي قد يضطرون لتكييف جميع حياتهم ليتجنبوا أي مناسبة اجتماعية تضعهم تحت المجهر. إن علاقاتهم الشخصية ومسيرتهم التعليمية وحياتهم العملية معرضة جميعها للتأثر والتدهور الشديد. وكثير من المصابين يلجأون إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات لمواجهة مخاوفهم.

تبدأ عادة حالة الرهاب (الخوف) الاجتماعي أثناء فترة المراهقة وإذا لم تعالج فقد تستمر طوال الحياة وقد تجر إلى حالات أخرى كالاكتئاب والخوف من الأماكن العامة والواسعة.
من أفواه المرضى
• ( لعدة مرات رفضت الترقية في عملي وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأوجههم وذلك مالا أستطيعه )
• ( لقد لجأت إلى الكحول (الخمر) لتساعدني على حضور الحفلات أو إلقاء المحاضرات والدروس. ولكن في النهاية أصبح الكحول مشكلة تضاهي مشكلة الرهاب الاجتماعي)


ما هي الأعراض؟

تسبب حالة الرهاب (الخوف) الاجتماعي أعراضا مثل احمرار الوجه، رعشة في اليدين، الغثيان، التعرق الشديد، والحاجة المفاجأة للذهاب للحمام. إذا كنت تعاني من الرهاب (الخوف) الاجتماعي فمن المحتمل أنك تعاني من واحد أو أكثر من هذه الأعراض عندما تتعرض للمناسبة الاجتماعية التي تسبب الخوف. وفي بغض الحالات مجرد التفكير في تلك المناسبات يحدث القلق والخوف. إن المحاولة الجاهدة لمنع حدوث الأعراض قد تدفع المريض إلى تجنب هذه المناسبات بصورة نهائية مما يكون مدمرا للحياة الاجتماعية أيضا .

من أفواه المرضى :

• إن وقوفي في طابور المحاسب في الأسواق العامة سبب لي كثيرا من المتاعب وكلما اقتربت من نهاية الطابور كلما ازددت رعشة وتعرقا وفي النهاية قررت عدم الذهاب للأسواق .


هل يمكن علاج الرهاب ( الخوف ) الاجتماعي؟

نعم وبالتأكيد إن طبيبك يمكنه أن يساعدك بالعلاج الدوائي أو بالعلاج السلوكي أو بهما معا. ونطمئنك أن آلافا ممن يعانون من الرهاب (الخوف) الاجتماعي قد تحسنوا على هذا العلاج .

من أفواه المرضى :

• لم أعلم أنها حالة مرضية يمكن علاجها ولكني ظننت أنها جزء من شخصيتي
• إن أول مرة شعرت بفائدة العلاج عندما ذهبت لصرف شيك من البنك ولأول مرة في حياتي لم ألاحظ أي ارتعاش في يدي عند توقيعه
• في البداية خشيت أن يظن الناس بأنني مجنون لو ذهبت لطبيب نفسي ولكن العلاج أحدث تغييرا حقيقيا حيث لاحظ ذلك جميع أصدقائي


دعم الأصدقاء والأقارب :

إن لدي صديق أو قريب يحتمل أنه يعاني من الرهاب (الخوف) الاجتماعي. فهل يمكنني المساعدة؟

إن دعم الأصدقاء والأقارب يمكن أن يساعد كثيرا وهذه خطوط عريضة لذلك:
• تعلم وتعرف بعمق عن هذه الحالة.
• تقبل واعترف بأن مشكلة حقيقية، لأن الرهاب (الخوف) الاجتماعي ليس نوعا سيئا من الخجل ولكنه حالة مرضية ويجب أن نتعامل معها بجدية.
• كن متفهما - وأعلم أن إتاحة الفرصة للمريض لشرح مشكلته سيساعده ليشعر بعدم العزلة وأن لا يخجل من حالته.
• لا تعتبر الحالة المرضية خطأ لأحد معين وتلقي باللوم عليه أو على نفسك أو على المريض.
• شجع المريض بلطف ليراجع الطبيب المختص. واعترف أن هذا القرار صعب بحكم طبيعة الحالة المرضية والتي تجعل المريض يرهب من طلب المساعدة من الناس الغرباء ومنهم الطبيب.
• شجع المريض من بداية العلاج أن يستمر ويواصل عليه وأظهر تقديرك وإعجابك بأي تحسن يطرأ مهما كان قليلا.
• عندما يبدأ تأثير العلاج فإن ذلك سيشجع المريض أن يبدأ بمواجهة المناسبات الاجتماعية المثيرة للخوف والرهاب وهنا فإن دعمك وتفهمك له مهم جدا.
• في المنزل ينصح المريض ويشجع أن يواصل حياته اليومية بشكل طبيعي بقدر الإمكان ولهذا فلا تقبل أن تكيف حياتك لتتمشى مع مخاوفه وقلقه.

وتختلف قوة هذا المرض من شخص لاخر وبالتالي يكون العلاج الطبي فقط على حسب الحالة :

فلابد ان يبدأ العلاج بمخالفة النفس في كل ماهو رهاب , بمعنى تبلغ النفس هواها عندما تبلغ مناها , أي ان تزج بنفسك بكل ماله رهبة عندك . ولا بد أيضا من مراجعة الطبيب المختص في ذلك وتتلخص مساعدة الطبيب في جلسات بسيطة وتناول بعض الحبوب لفترة زمنية معينة ... طويلة أم قصيرة ذلك يعود على الحالة نفسها .

فعلاج الخوف و الرهاب لا يمكن إلا بالمواجهة فإن كنت تخشى أمر عليك أن تواجهه بقوة و ثقة و بالتدريج، و لا تخف من العواقب.

إياك ثم إياك أن تلوم نفسك على أي شيء عند حدوث أي خطأ فإن لوم النفس سيؤدي إلى الانتكاس.

ابدأ برفع مزاجك و لا تجعل أتفه الأسباب تخفض مزاجك، تحلى بالصبر و قوة الإرادة لأن التصرف بحكمة عند المواقف الحرجة هو الذي يعبر عن قوة الشخص.

ابني ثقة حقيقية بنفسك و ابحث عن أي شيء يعزز ثقتك بنفسك.
في حال الفشل تعلم من هذه التجربة دروس و لا تلوم نفسك ( لا يوجد فشل و إنما نتائج.

عندما يتكلم عنك الناس و عندما تشعر بأن أحداً يكرهك، حاول أن تصغر هذه الفكرة بعقلك و أن تعطها حجماً صغيراً و أن تتذكر بأن لديك الكثير من الناس الذين يحبونك و ما عليك إلا البحث عنهم .

لا تأمل من المساعدة من الخارج و لا تأخذ فكرة بأن الطبيب سيشفيك، تأكد بأنه أفضل طبيب مناسب لك هو نفسك، إن دعوت لربك لمساعدتك في مشكلتك فلا تتوقع من الله إلا المساعدة و ليس الحل السحري فعليك أن تعمل وسيساعدك الله و لا تحزن إن لم تلق المساعدة من ربك فاعلم بأنه يساعدك في حين أنك أنت لا تعتبرها مساعدة.


تمارين ينصح باتباعها :

- عند كل مساء فكر بشيء مفرح ثم ارسم ابتسامة على وجهك و قل في نفسك بأنك تثق بنفسك و بأنك إنسان قوي و تستطيع التصرف بحكمة في أشد الظروف.

- عندما تكون في وضع متوتر خذ نفساً عميقاً و حاول أن تقوم بعمل استرخاء لجسمك بشكل متدرج أي ابدأ منذ القدم حتى الرأس .

- فكر بشكل أيجابي و لا تكن سلبياً في طرحك أو تفكيرك . مارس مختلف النشاطات، مثلاً أنا قمت بشراء دراجة و صرت أجوب كل الشوارع ووجدت فيا متعة رائعة بالإضافة إلى متعة الصيد البحري الذي وجدته من أجمل المغامرات في حياتي ، تأكد بأنك تستطيع الوصول إلى ما تريده إذا ركزت عليه و صممت.

- لا تيأس، فإن شعرت بذلك ذكر نفسك بأن ذلك هو استسلام فالحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء .

- تقبل نفسك على ما هي

- لا تبرر الخطأ الذي تقوم به ، بل حلله بطريقة عملية و تعلم منه و ابن درعاً من هذا الخطأ و قوي ثقتك بنفسك .

- تمتع بالدعابة و حاول أن تبتسم في كل المواقف، فعندما تتعرض لموقف محرج لا تقوم بالخجل منه و مداراته بل على العكس أبرزه و اضحك منه و خذه من باب الدعابة و أعطي الناس الفرصة أن تبتسم لهذا الموقف ...

- فكر بالمستقبل بشكل أيجابي على أنه مستقبل جميل و ابدأ بتخيل أمور تريد أن تحققها بالمستقبل ، و ابدأ بالعمل على ذلك. خطط لحياتك قبل أن يخططها لك الآخرون، تخيل المنصب الذي تريد أن تكون به بعد 10 سنوات و ابدأ برسم الخطوات التي يجب أن تقوم بها للوصول إلى ذلك المنصب و اصرف وقتك في هذا الطريق فقط.


08 October 2010

قصيدة 24 شارع الحجاز


وبقولها
إتدلعي وإتبغددي
وإتفاخري وإتباهي
قولي لكل الناس ده عشقني والله
لمي العيال حواليا زفوني
ظاظوا عليا وحدفوني طوب
ما أنا اللي سبت عنيكي لفوني
وأنا اللي أستاهل كل يوم مركوب

فاتدلعي واتبغددي
وإتفاخري وإتباهي
آدي ضحية كمان فدا رمشك الساهي
موت الضحايا جزايا .. ما أنا اللي وديتك
ولحد حد ما ودتوش ولا حد .. وديتك
وقلعت كل سنيني على خصرك
ضفرت شعرك عش جوايا
بايعت حكمك وإبتديت عصرك
ووقفت ورا عرشك ومسكت هوايه

موت الضحايا جزايا وكلها ضحايا
مين اللي قال الحب آخره عمار؟؟
الحب آخره نهاية في رحاية
القسوة طاحنة والحجر دوار

فاتدلعي واتبغددي
وإتفاخري وإتباهي
وإستنركي من عزتي
وإستهتري بجاهي
خليني مضرب مثل من بعد هيبة و وزن
كبي المرار في العسل وإملي الفرح بالحزن
يعني إنتي أولهم ؟ ولا إنتي أول هم ؟
ولا إنتي أول سهم إتسن لي وإتسم ؟
لو تكشفي ضهري تلقي السهام علامات
وأنا زي زرع ف هوا وطى حيي وعلا مات
موت العلالي شرف بس إسمها موتة
مش عدل تبقي في ترف وأنا بطفح الكوتة
ما يا إما نقسمهم وخزة قصاد وخزة
يا إما لا مؤاخذة .. توتة يا حدوتة

وإبقي إكدبي براحتك .. وإتدلعي براحتك
طعم الهزيمة جزا للي يزور ساحتك
وأنا قلبي ياما غلب .. مش عيب يبات مغلوب
أهو برضه فدتينا وكفرنا بيكي ذنوب
ولحسنا من شهدك وشربنا من ريقك
وسكرنا من كاسك وكسرنا إبريقك
وطعمنا من حسنك وشبعنا ببريقك
ومشينا في طريقك
ورجعنا ملو اليد
جرحي قصاد جرحك .. ولا حد ظالم حد
ولا إنتي فاكرانا رجالة خيبانة ؟
نبكي على النسوان ونسح في بكانا ؟
كنتي إسألي " نانا "
اللي إسمها " نانا "
يدوب زعلنا يومين وأهي دنيا لاهيانا
هبكي عليكي إنتي !

ما تكدبيش ع الناس .. الناس دي عارفاني
قلبي خشب لو غطس بيقب من تاني
فمتحرجيش روحك وتقولي ده عشقني
بدل ما صحباتك يقولولك آدي دقني
حبي على قدك وإحكي على قدك
وإن جت سيرتنا ف يوم إبقى إلزمي حدك
تتدلعي ماشي .. تتبغددي ماشي
وتقولي حبني موت برضه ميجراشي
بس إنتي من جوة عارفة إن زمنك مات
وبقيتي زي أميرة قلبها شحات
لفي على صحابي .. سبيني في غيابي
قولي إن عمرك يوم ما وقفتي على بابي
لا كويتي قمصاني ولا جيتي زرتيني
ولا تعرفي مكاني ولا تعرفي تجيني

وإني يدوب واحد دايب في دباديبك
عامل كما عيل شابط في جلاليبك
وإنتي يا عيني أوف
زهقانة مني خلاص
عملتي زار بالدف
وسقتي كل الناس
وأنا بردو لازقلك
معلش حظك كده ربك ورازقلك

روحي يا شاطرة هناك إنضمي للألبوم
أنا كل عشرتي بيكي 22 يوم
عملتي نفسك حكاية
ومحبة فياضة ومخدة بكاية
وسهر وسهد وويل
وبكا وغنا ومواويل
في 22 ليل !!

على أي حال
شكراً وشكراً ثم شكراً للقصيدة
قلما تأتيني يا إمرأة بأفكار جديدة

-----------
كلمات الشاعر .. هشام الجخ


شيماء يا مكة

ليل الغواني غواني
من صُغري عايش فيه
عذَّب فؤادي وكَوَاني
بالله لتطّــفِّـــيه

الكالكليتور والمذاكرة وصوت لطيفة
والفجر لما غافلني قطع هدوء الليل
قلبي قليل الحِيل
سايق عليكي الوجع والغربة والمواويل
خليت عنيكي دليل
عشمان تخلِّيني
لما اشتكيت حبي للصخر خَرّ ولان بالله دِلِّيني
كيف الحجارة تلين ؟ وانتي اللي ما تليني؟
الشعر ده شعرك مش حانسبه لنفسي بس انتي مَلِّــيني

ياللي شخبطتي ف قصايدي
بزياداكي شخبطة والاسم شعر
قسّموني قبل منك ييجي ستين ألف واحدة نفسي يوم يبقالي سعر
نفسي أزفّك بين ضلوعي
نفسي أنجِّدلك مراتب قلبي
ياما قلبي قبل منك لَمّ بَقّ
نفسي احبك حب حَقّ
بس خايف تبقِي نانا
يادي نانا


نفسي اوضِّب لك ضلوعي فَرْش عُرْسِك
ما اتفرشّ لواحدة قبلِك
نامي فيّا
مِدِّي رجليكي ازحميني
واحلمي لي وانقشي اسمك على الغضروف حروف
بعشقك رغم الظروف

بعشق الليل اللي نازل فوق كتافك شعر سايح
يا ام طيف كالسيف في جوف الصدر سارح
بعشق الضل اللي مَرْمي فوق تراب الارض منك واحسد الارض اللي تحته
قلبي كان مقفول فتحتُه
ولِّي وجهِك شَطْر قلبي واتلِي آيات اليمين
وانتي داخلة قدِّمي الرِجل الشمال أصلِي بتشاءم من الرجل اليمين
اصل قبلك لما خَشِّت قلبي نانا
يا دي نانا


تعبان من الترحال
والغربة والمشواير
سايق عليكي الجمارك
والبحر والمينا
كلت سواعينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
بالله رسينا
بزيادة غربة وشوق زقيني جواكي
منتيش كما مخلوق مين اللي سواكي
مين علمك اسمك مين علمك اسمي
مين علمك جوة الضلوع القاسية تترسمي
مين ما يقدر يحبك لما تبتسمي
طب فاكرة في الرحلة كان الهرم غيران وحجارته حسدانا
حتى الجمال والخيل حسدونا في غنانا
ميل عليا الهرم وقالي فين نانا
قلتله مش وقته .. قالي نسيتها قوام
قلتله منسيتهاش
لساها نانا في صدري بس مش صاحية
نانا اللي مدفونة في قلبي جثة همدانة
أنا أصلي زيك يا هرم خوفو سكن جوفك ومات
وجوفي خلته نانا جبانة
يادي نانا


يا نيل يا مبحِّر بوس لي خدودها الحُمر
لو حاحكي عن شوقي يلزمني مليون عُمر
رُجّ الشجر يا نيل سَمِّعها صوت شوقي
سكَّـنتها فوق البشر
فوق القمر
فوقي
سكّنتها عروقي
لما اشتكيت من بعدها زاد قُربها حروقي

يا نيل يا ابو المساطيل دوّقتني خَمرك ما تقول لها دوقي
فاضل كمان ساعة والشمس حتغرِّب
نركب سوا مركب
الدفة ف إديا وانتي اللي بتسوقي
لو دوقتي خمر النيل عمرك ما حتفوقي

يا نيل يا ابو الدراويش
خمرك عَرَق براطيش
عمره ما يِسْكِر حَد
لو بوستها يا نيل وانت في عِزّ الجزر يِتْقَاد في جوفك مَدّ
لو شُفتها يا نيل اباجورة بِتْلالي
راح تنسى عِلْو السد بلا سد بلا عالي
وتفيض وتلمسها
تلعب على شعرك وعنيك تغامزها
وتعوم على دراعك صدرك يغازلها
تطلع لي بردانة افرشلها رمشي
خَطِّي عليه وامشي
واوعي تخافي البرد
صدري طريق مبروك
من يومه طارح شوك
الليلة طارح ورد
دوسي ولا تخافي
يا قلبي يا صافي
محبوبتي جاية لك وسّع لها السكة
شيماء يا مكة
طالب احج البيت
حاسس كاني مراهق عمري ما حبّيت
ربِّـيني من تاني
نفسي ف سرير هزّاز ابكي تحايلِيني
نفسي تضمّيني
عرق البنات فيّا عكّر حوافيّا نفسي تحَمِّيني
ارجع وليد ابيض
انعس على صدرك
اشكيلك الغربة تدِّيني من صبرك
كاس الغرام دوقتُه صبُّولي فيه ياما نفسي ادوق صَبِّك
لا تكوني مفتكرة اني فتوّة من جوّة
ميغركيش صيتي
حتلاقي جوّة الجوف واحد ماليه الخوف لو جيتي بصّيتي
تبت يدا ابي عوّدني ع النسوان وفطمني ع الخمرة
علّمني حب الكعبة اكمنها سمرا

سايق عليكي الهوا والشمس والقمرة
شدّيني لهواكي مخنوق من الكَمْرة

خَصِيمك قلبك الليّن ورِقة صوتك الملكوت
يا فاكرة العشق شيئ هيِّن كواني العشق كيف الموت
منين ادخل سراديبك؟
منين انفض جلالبيك؟
واكون لك توب
خيطانه تداري فتنة قدّك اللولي
وينزل كبرياء صدرك على صدري واحلامك يصلّولي
بحبك حب فكّرني بقساوة شمسنا قِبْلي
بحضن امي اللي عمري ما اترميت جوّاه
ملاقيش جوّا صدرك ركن يقبلني
انا عيّل وصالح لسة لاستعمالك الهمجي
بنات الدنيا ما قدروا على وهجي
يا ريتك تقدري عليّا
يا غنوة دافي مَسْمَعها
انا قابل شروطك قبل ما اسمعها
يا ريت تنسانا دنيانا
تصير زيّانة زيّي انا
يا غيرانة ومعاتباني عشان نانا
دي نانا اللي اصولها تغير
بحبك وانتي بتردي واحبك يكش بتصدي واحبك وانتي بتغيري
بعيرك يا منخل هام بناقتها انا ناقتها ليه بتصد بعيري

بحبك حب م اللي الشعر عاجز لسة عن وصفه
طريق قلبي بقاله شهور طريق مهجور
عشانك حابتدي رَصفه
تقيد نار الغرام فيّا انوّر وابقى قنديلك
ولو صعبة عليكي السكة شاوري لي وانا اجيلك
اتوج شعرك الشلال بتاج جيلك
ويكفاكي اكون عبدِك
وانا يكفاني تَبْجِــيلك

------------

كلمات الشاعر .. هشام الجخ

05 October 2010

انطردي الآن من الجدول

موتي فالكلُّ هنا ماتوا وأنا اعتدتُ حياتي أَرْمَلْ
واعتدتَ الهَجرَ بلا سببٍ وبرغمِ الحيرةِ لم أسألْ
وظلَلْتُ أسجِّلُ أسماءً وأسطِّرُ خاناتِ الجدولْ

ضُنِّي إحساسَكِ ما شئتِ فأنا مَلِكٌ لا أتوسَّلْ
لا أبكي لفراقِ حبيبٍ أو أترجَّى أو أتذلَّلْ

رقةُ شِعري قَوْلٌ إفكٌ فَفُؤادي مِن صَخْرٍ جَنْدَلْ
علَّقتُ نساءً في سَقْفِي وجلسْتُ فخورا أتأمَّلْ

وغزوتُ عُيوناً لا تُغْزَى غافلتُ رموشاً لا تَغْفَلْ
و زَرَعْتُ النُّسوةَ في أرضٍ لا آخرَ فيها أَوْ أَوَّلْ

ديكتاتوريا إن أُعْطِي ديكتاتوريا إن أَبْـخَلْ
وَقَّعْتُ - أَنَا - صَكَّ الهَجْرِ فالحاكِمُ يَعْزِلُ لا يُعْزَلْ

فانطردي الآن من الجدول

غِيبِي فَلَكَمْ قَبْلَكِ غابوا لا شيءَ يَـجِيءُ وَ لا يَرْحَلْ
ما الوردُ إذنْ لَوْ لَمْ يَذْبُلْ ؟؟ ما الشمسُ إذنْ لو لم تَأْفُلْ ؟؟

لا تَنْتَظِرِينِي نَسْنَاساً أَقْبَلُ يَوْمَاً أن أتَسَلْسَلْ
وَ يَـجِيءَ الناسُ إلى قَفَصِي لِيَـرَوْا عُشَّاقاً تَتَـحَوَّلْ
تتقافزُ كالقِرَدةِ عِشْقَاً وَ تَـمُوتُ هَيَاماً وَ تُوَلْوِلْ

لُمِّي أشياءَكِ و ارتَـحِلِي بَحثاً عن آخرَ قَدْ يَقْبَلْ
أمَّـــايَ .. فلا ثَمَنٌ عِنْدَكِ تَقْبَلُهُ يدايَ لِتَتَكَبَّلْ
إن كان غرامُكِ لِي نَبْعَاً فَنِسَاءُ الدنيا لي مَنْهَلْ
وَ الجدولُ مُكْتَظٌّ جِدَّاً بِكَثِيرٍ مِثْلِكِ بَلْ أجمَلْ

فانطردي الآن من الجدول

غِيبِي وَ تَمَادَيْ في جَهْلٍ فأنا لا أعشقُ مَنْ يَجْهَلْ
إني بَحَّارٌ تَرْفُضُنِي كُلُّ الشُطْآنِ فَأَتَنَقَّلْ

اِعتدتُ السفرَ على مَضَضٍ وَ قَضَيْتُ حياتي أَتَجَوَّلْ
أرتشفُ بلاداً ونساءً فَهُنـا عَسَلٌ وهُنا حَنْظَلْ

و هنا عِشْتُ كَلِصٍ نَذْلٍ وَ هُنَا كُنْتُ نَبِيَّاً يُرْسَلْ
و هنا ذَبَحُوا شِعري عَمْدا وهنا شعري صارَ يُرَتَّلْ

وأنا والغُربةُ ما زِلْنَا نبحثُ عن وطنٍ لِنُظَلَّلْ
صادقتُ الغُربةَ في الغربةِ وقضيتُ سنيناً أَتَعَلَّلْ

بَرَّرْتُ جميعَ حماقاتي وَ ظَنَنْتُ بأني أتَجَمَّلْ
اليومَ أُزِيلُ عباءاتي وَ أُكَشِّفُ عن وجهي الأَوْحَلْ

مَلِّي عينيكِ بِلاَ خَجَلٍ فأنا الـمَوحولُ ولا أخجلْ
أَغْرَتْنِي أحلامُ الصِّبْيَةِ فَعَدَوْتُ إلى حُلْمِي الأمْثَلْ

وَ بدأتُ السفرَ بلا زادٍ وظننتُ بأني أتعجَّلْ
وَ نسيتُ اللهَ.. فأَهْمَلَنِي مَنْ ينسَى اللهَ وَ لا يُهْمَلْ ؟

حُمِّلْتُ بأثقالِ الدُّنيا أهربُ مِنْ ثِقْلٍ للأثقَلْ
و التفَّتْ طُرُقِي مِنْ حَوْلِي واختلطَ الأَقْصَرُ بالأَطْوَلْ

واخْتَلَطَتْ أحْرُفُ لافِتَتِي فَوَقَفْتُ مَكَاني كالأخْطَلْ
لَمْ أُسْطِعْ أن أُكْمِلَ سَيْرِي فجلستُ وحيداً أَتَسَوَّلْ

وَ بَنَيْتُ مَزَاراً وَ مَبِيتاً لا يَصْلُحُ إلاَّ لَلثُّمَّلْ
وَ قضيتُ حياةً واهِنَةً لا تَسْوَى في نَظَرِي خَرْدَلْ

فَعَلامَ تُرِيدِينَ بُكَائِي ؟ وَ أنا ذو قلبٍ مُسْتَعْمَلْ
أَبْلاَهُ الماضي لم يَتْرُكْ شيئاً لِبَلاءِ الـمُستقبَلْ

لا تَتَّهِمِينِي في عِشقِي فأنا أعشقُ حتَّى أُنْحَلْ
والجملُ وإن يعطشْ يصبِرْ وَ كَفِعْلِ الجَّمَلِ أنا أفعَلْ

أَهْلِكْتُ شَبابي وسنيني فَرَمَتْ بِي في صفِّ الكُهَّلْ
وَ وقفتُ بعيداً لأشاهدَ قصةَ عُمرِي وهِيَ تُمَثَّلْ

رفعوا خنجرَهم ودموعي لم تجعلْ أحداً يَتَمَهَّلْ
والتهبَ المسرحُ تصفيقاً وأنا أُطْعَنُ وأنا أُقْتَلْ

فَعَلامَ تظنينَ بِأنِّي آتٍ مِحْرابَكِ أتَبَتَّلْ ؟؟

دَوْرُكِ في الـمَشْهَدِ فَرْعِيٌّ بِوُجُودِكِ أو دُونَكِ يَكْمَلْ
وَكِلانا مكتوفُ الأيدي وَ سِتارُ المسرحِ لا يُسْدَلْ
والـحُكْمُ الصادِرُ في أمرِي حُكْمٌ فَصْلٌ لا يَتَأَجَّلْ

فدعيني في موتي وَحْدِي فأنا والغُربةُ لا نُفْصَلْ
ما دامَ الوطنُ بلا شيءٍ فالموتُ على شيءٍ أفضلْ

فانطردي الآن من الجدول
----------------
رائعة الشاعر / هشام الجخ


30 September 2010

قلت : بالباب أنا

قال لي المحبوبُ لمَّا زرتهُ
مَن ببابي قلتُ بالبابِ أنا

قال لي أخطأتَ تعريفَ الهوى
حينما فــرَّقتَ فيه بيننا

و مضى عامٌ فلمـَّا جئتـُهُ
أطـرُق الباب عليه مُوهِنا

قال لي مَن أنت قلتُ أنظـُر فما
ثـَـمَّ إلا أنت بالبابِ هـُنا

قال لي أحسنت تعريفَ الهوى
و عرفتَ الحـُبَّ فادخل يا أنا ..

----------------------
كلمات الشاعر العالمي .. السعدي الشيرازي


16 September 2010

قال السماء كئيبة ! وتجهما


قال السماء كئيبة ! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!

قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها
قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها
لقضيت عــــمرك كــله متألما

قال: الــتجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة
لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما. و تبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟

قال: العدى حولي علت صيحاتهم
أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم
لو لم تكن منهم أجل و أعظما !

قال: المواسم قد بدت أعلامها
و تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم
لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل
حيا, و لست من الأحبة معدما!

قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أن
تتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى
متلاطم, و لذا نحب الأنجما !

قال: البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى
شبر, فإنك بعد لن تتبسما


كلمات .. الشاعر إيليا أبو ماضي


10 September 2010

الديمقراطية هى الحل


سافرت فى إجازة قصيرة وفوجئت عند عودتي بأن السيدة نجلاء الإمام اتصلت بمكتبي أكثر من مرة. كانت معلوماتي عن نجلاء الإمام أنها مسلمة تنصرت وقلت لنفسي من الجائز أنها بسبب تحولها إلى المسيحية تعانى من التضييق والاضطهاد فعزمت على الكتابة دفاعا عن حقها في اختيار دينها.


إن حرية العقيدة حق أساسى من حقوق الإنسان وقد كتبت وسأكتب دائما دفاعا عن حقوق الأقباط والبهائيين والمسلمين والبشر جميعا فى اعتناق أديانهم وممارسة عباداتهم بحرية وكرامة.. كما أن الرأى الفقهى الأقوى فى الإسلام يؤكد أنه لا عقوبة على المرتد. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. من حق نجلاء الإمام إذن أن تتنصر ولا يقلل ذلك أبدا من حقوقها كمواطنة مصرية.


غير أننى شاهدت لقاءات نجلاء الإمام التليفزيونية المسجلة على الإنترنت فوجدتها تتطاول على الإسلام وعلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بألفاظ فاحشة، بعد ذلك اتصلت بالسيدة نجلاء الإمام وقلت لها بوضوح إن من حقها أن تعتنق المسيحية ولكن ليس من حقها أبدا أن توجه الإساءة إلى الإسلام ورسوله (صلى الله عليه وسلم) وأكدت لها أن هذا الكلام الفاحش لو أنها قالته فى بريطانيا، الديمقراطية الأعرق فى العالم، لكان كفيلا بمحاكمتها جنائيا بتهمة احتقار عقيدة المسلمين والحض على كراهيتهم.


بعد أيام وقعت حادثة طائفية أخرى، فقد اختفت السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس بالمنيا، وضغطت الكنيسة على النظام المصرى بمظاهرات حاشدة انتقلت من المنيا إلى القاهرة، لم يمنع رجال الأمن المتظاهرين الأقباط ولم يضربوهم أو يعتقلوهم كما يفعلون عادة مع المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، وقد لوح قداسة البابا شنودة بتدويل قضية كاميليا إذا لم تحضرها أجهزة الأمن فورا.


هنا حدث شىء غريب فقد تبين أن السيدة كاميليا اعتنقت الإسلام وذهبت إلى الجامع الأزهر من أجل إشهار إسلامها، فإذا بالموظفين فى الأزهر حصن الإسلام الراسخ يخضعون لتعليمات الأمن ويمتنعون عن إشهار إسلام كاميليا. بل إن أجهزة الأمن بدلا من أن تحميها قامت باختطافها وتسليمها إلى الكنيسة التى قامت باعتقالها فى مكان مجهول.


وعندما تظاهر المسلمون دفاعا عن حق كاميليا فى اعتناق الإسلام قام رجال الأمن بضربهم واحتجازهم وتفريقهم. هكذا أصبح الوضع فى غاية الشذوذ: مواطنة مصرية تمنعها الدولة من تسجيل عقيدتها التى اختارتها بمحض إرادتها، ثم يتم اختطافها واحتجازها رغما عنها، كل هذه جرائم يعاقب القانون المصرى إذا ارتكبها أفراد لكنه يقف الآن مكتوف اليدين أمام الكنيسة القبطية بكل ما لها من تاريخ واحترام.


الأغرب من هذا أن السيد نجيب جبرائيل، محامى الكنيسة القبطية بعد أن شكر رجال الأمن الذين اختطفوا كاميليا قام بمناشدة البابا شنودة من أجل مضاعفة رواتب الكهنة ومنع زوجاتهم من العمل، لأن عمل زوجات الكهنة فى رأيه من شأنه تعريضهن لزعزعة عقيدتهن المسيحية. انزعجت من هذا التصريح أولا لأنه يصدر عن محام طالما رفع لواء حقوق الإنسان التى يبدو أنها فى رأيه تشمل الأقباط فقط دون المسلمين، وثانيا لأن السيد جبرائيل يعتبر زوجات الكهنة بمثابة كائنات فاقدة التمييز ضعيفة الإرادة تحتاج دائما إلى وصاية الكنيسة وحمايتها حتى لو أدى ذلك إلى منعهن من حقهن الطبيعى فى العمل.


وهذه النظرة المهينة للمرأة تتطابق للأسف مع رؤية بعض المتطرفين المسلمين.. الحقيقة الآن: أن مواطنة مصرية اسمها كاميليا شحاتة يتم التنكيل بها ببشاعة، لم ترتكب كاميليا أى جريمة ولم تخالف القانون ولم تؤذ أحدا لكنها اختارت الإسلام بمحض إرادتها وبدلا من أن تكفل لها الدولة حرية العقيدة قامت بالتواطؤ مع الكنيسة ضدها إلى درجة أن حضرة المفتى على جمعه قال: «مسموح شرعا تسليم المسيحيين الذين يعتنقون الإسلام إلى كنيستهم». وهذا كلام غير صحيح ولا يستحق حتى مناقشته.


ما يحدث الآن مع كاميليا شحاتة قد حدث من قبل من سنوات مع وفاء قسطنطين المسيحية التى أسلمت فتم تسليمها للكنيسة ولا يعرف أحد حتى الآن مصيرها وسط شائعات عن موتها أو قتلها.. إن مأساة كاميليا شحاتة، تدل على خلل جسيم فى وظيفة الدولة ووظيفة الكنيسة. المصريون جميعا مضطهدون من النظام الاستبدادى الذى جثم على مصر ثلاثين عاما فأوصلها إلى الحضيض فى كل المجالات.


صحيح أن الأقباط كثيرا ما يعانون من التمييز ضدهم لكن مشاكل الأقباط لا يمكن أن تحل بمعزل عن مشكلات المصريين جميعا.. إن الكنيسة المصرية، بقيادة قداسة البابا شنودة الثالث، بدلا من أن تحشد الأقباط مع المسلمين فى نضالهم من أجل العدل والحرية، تحولت إلى حزب سياسى طائفى. لقد أصبحت الكنيسة فى مصر هى دولة الأقباط الحقيقية التى ينتمون إليها ويذعنون لأوامرها الدينية والدنيوية جميعا.


الكنيسة تتحدث سياسيا باسم الأقباط وتحثهم على مواقف سياسية بعينها وتقدم لهم مرشحين محددين وتحضر لهم أتوبيسات تنقلهم ليدلوا بأصواتهم لصالحهم وقد اتبعت الكنيسة المصرية سياسة مزدوجة لإخضاع النظام المصرى لمطالبها: فهى فى الخارج تستغل تعاطف الدوائر الغربية مع الأقباط وتتحرك بعنف من أجل إحراج النظام، ان مظاهرات أقباط المهجر وشكاواهم للمؤسسات الدولية والحكومات الغربية، كلها تتم بموافقة الكنيسة حتى لو تظاهرت بغير ذلك.


أما السياسة الداخلية للكنيسة فتتلخص فى إعلان الولاء الكامل للنظام المصرى ومباركة توريث مصر من الرئيس مبارك إلى ولده جمال. ولا يتسع المجال هنا لذكر التصريحات والمواقف المعلنة من البابا شنودة ومساعديه فى التغنى بحكمة الرئيس مبارك وإنجازاته التاريخية مع تأييد جمال مبارك والتعامل معه باعتباره الرئيس القادم لمصر.


وإزاء سياسة العصا والجزرة التى أتقنتها الكنيسة المصرية، ترنحت الدولة المصرية واهتزت خطواتها وتحول التمييز ضد الأقباط إلى تمييز إيجابى فى صالحهم على طول الخط حتى ولو خالف ذلك العرف والمنطق والقانون، الأسوأ من ذلك أن مطالب الكنيسة المصرية كلها طائفية وليست وطنية.


لم يحدث أبدا أن أدانت الكنيسة تزوير الانتخابات أو التعذيب أو قانون الطوارئ، كل ما تطلبه الكنيسة امتيازات للأقباط بدون الالتفات إلى مطالب المصريين المشروعة. كأنما تبعث الكنيسة إلى النظام المصرى بالرسالة التالية:


«حقق لنا نحن الأقباط مطالبنا ثم افعل بعد ذلك ما شئت فى المسلمين فذلك أمر لا يهمنا».

إن الكنيسة فى المسيحية سلطة روحية وليست سياسية أبدا ولقد قال السيد المسيح بوضوح قاطع «اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله» (انجيل متى الإصحاح 22).


الغريب أن الكنيسة تعيب على الإخوان المسلمين خلطهم للدين بالسياسة بينما تفعل هى نفس الشىء. لقد أنجزت الكنيسة المصرية تاريخا وطنيا عظيما فى مقاومة الاحتلال والاستبداد، لكنها الآن تخالف تاريخها وتلعب دورا سياسيا طائفيا سيؤدى إلى إخراج الأقباط من الإجماع الوطنى وسوف يحيلهم من مواطنين مصريين إلى أقلية طائفية متواطئة مع نظام الاستبداد، تحقق مصالحها الضيقة بعيدا عن مصلحة الشعب والوطن.


إذا استمر هذا التمييز الطائفى ستكون نتيجته الطبيعية إذكاء روح الكراهية ضد الأقباط، الأمر الذى سيشعل فتنة طائفية قد تحرق مصر كلها لا قدر الله.. إن قضية كاميليا شحاتة هى قضية مصر.


قضية العدل والحرية. قضية حق الإنسان فى الاختيار. لو أن كاميليا شحاتة كانت مسلمة وتنصرت لكتبت أيضا مدافعا عن حقها فى اختيار الدين الذى تريده. إن الموقف من مأساة كاميليا شحاتة يكشف الحقيقى من الزائف فى مجال الدفاع عن الحريات. لماذا لا نسمع الآن أصوات منظمات حقوق الإنسان ومنظمات تحرير المرأة الممولة من الغرب..؟. لماذا لم تصدر الخارجية الأمريكية والهيئات الغربية بيانات شديدة اللهجة تضامنا مع كاميليا كتلك التى تصدرها دائما دفاعا عن الأقباط والبهائيين..؟!.


إن كاميليا قبل أن تكون مسلمة أو مسيحية إنسانة. لا يجوز قمعها واعتقالها وإجبارها على تغيير معتقداتها الدينية مها كانت الحجج والمبررات.. ان الأديان جميعا جاءت من أجل حفظ كرامة الإنسان وحريته، وكل ما يعتدى على حقوق الإنسان ليس من الدين فى شىء.

الديمقراطية هى الحل.
كتبها .. دكتور علاء الأسواني

02 August 2010

قصيدة جحا .. هشام الجخ


شعور سخيف
إنك تحس بإن وطنك شيء ضعيف
صوتك ضعيف
رأيك ضعيف
إنك تبيع قلبك وجسمك
وإنك تبيع قلمك وإسمك
ما يجيبوش حق الرغيف

سألوا جحا عن سر ضحكه
قالك أصل اتنين وشبكو
اللى كان من تحت ميت
واللى كان من فوق كفيف
دا شعور سخيف
وشعور سخيف
إنك تكون رمز الشحاتة
تبنى مبنى للشحاتة
تعمل وزراة للشحاتة

يا ساقية دورى
عدى فوقى ودوسى
نصبوا عليا وشحتونى فلوسى
ربطونى فيكى .. حتى ما اتغميت
هما اللى فرحوا ووحدى أنا اتغميت
أنا اللى صاحب البيت
عايش بدون لازمة
ولما مرة شكيت إدونى بالجزمة
مش لاقى تطفح اديك
هاتولنا وجبولنا وادونا ودولنا
هنجيب منين نديك
طافح يابلدى غدايا
ولوعتى غدايا
وادى الاحبه التقى عدايا

أنا اللى زارعك دهب بتأكلينى سباخ
إن كان دة تقل ودلع بزيادة دلعك باخ
لا شفت فيكى هنا ولا شفت فيكى ترف
كل اللى فيكى قرف
كرامتنا متهانة
واللقمة بإهانة
بتخلفينا ليه لما انتى كارهانا

يعنى ايه تبقى إنتى هبة النيل يا بوبه
وكل يوم المية تقطع
يعنى ايه لما اشتكى غلو الفاتورة
يقولو تشكى بس تدفع
لما قش الرز ثروة بتتحرق
وأما نفط الأمة ثروة بتتسرق
وأما جلادك على ولادك بيبطش
وأما علمك ما يلاقيش يآكل فيطفش

يعنى ايه نرفع ايدينا بالسلام لجل الغزاة
ويعنى ايه لما ابقى ماشى فى حالى اتشد اشتباه
يعنى ايه لما اتحبس أربع سنين حبس احتياطى
حبس اعتباطى
يعنى ايه مش حاسة بالعمر وغلاوته
بتصبى مر العمر ليه
دة انا كنت ح اوهب لك حلاوته

أنا عمرى ما أتأمرت
ولا حطيت شروطى
ومكان ما ترسى مركبك بابنى شطوطى
انا كنت جيشك لما مماليلك باعوكى
وكنت يوسف لما عشتى سنين عجاف
وضلوعى دى اللى فى معركة قادش حموكى
وشفايفى دى اللى ما بطلتش فى يوم هتاف
دة انا كل شبر فى أرضك اتمرمغت فيه
وكل يوم عشتيه أنا اتغذبت بيه
بتكرهينى عيونك السودة وأيامى اللى فاتت
مانتيش حبيبيتى من النهاردة
حبيبتى ماتت

علا صوت أدانك جرس فى الشدة صاحينلك
من امتى كانوا الحرس هما اللى باقينلك
بعتينى علشانهم وعنيكى معصوبة
ياهلترى خاينة ولا زيى مغصوبة

كل الكلام اتقال والشعر بقى ماسخ
والصبر علو جبال والظلم شىء راسخ
وطن وغرقان فى النطاعة
كل شىء ريحته نطاعة

علمونا بالعصاية ورضعونا الخوف رضاعة
علمونا فى المدارس يعنى ايه كلمة قيام
علمونا نخاف من الناظر فيتمنع الكلام
علمونا ازاى نخاف وازاى نكش
بس نسيوا يعلمونا الاحترام
فمتزعلوش لما ابقى مش باسمع كلامكم
وماتزعلوش لما ابقى خارج عن النظام

مستنى ايه من طفل ربوه بالزعاق؟
غير المشاكل والخناق
كل اللى بيقولك بحبك دول نفاق
أنا لما قلت لك بحبك كان نفاق

الحب يعنى اتين بيدوا
مش ايد بتبنى وستميت تيت تيت يهدو
الحب حالة الحب مش شعر وقوالة
الحب يعنى براح فى قلب العاشقين للمعشوقين
يعنى الغلابة يناموا فى الليل دفيانين
الحب يعنى جواب لكل المسجونين
هما ليه بقوا مسجونين
يعنى أعيش علشان هدف علشان رسالة
يعنى احس بقيمتى فيكى
إنى مش عايش عوالة
يعنى لما اعرق تكافئيى بعدالة

الحب حالة الحب مش شعر وقوالة
الحب حاجة ما تتوجدش فى وسط ناس
بتجيب غداها من صناديق الزبالة
الحب جواكي استحالة

بارت مراعينا والبئر قد جفّ
والجوع يكوينا والصبر ما كفّ
والقلب لا يهدأ والجرح لا يشفى
ولأننا طوع زنا لهم خفا
جاءوا بموكبهم وإشتغلت الزفة
الدفة مظبوطة
وأصلاً مفيش دفة
والكفة مش مايلة
علشان مفيش كفة

وجحا اللي جاي بالليل لساه بيتخفى
شايف ديدان الغيط سارحة ومرحماشي
من جبنه شاف الدود سابه وراح ماشي
ولا إتكسف من الناس ولا حس على طوله
الناس عشمها كبير جريم بيشكوله
ضحك جحا ضحكة مواشي
مادام بعيد عن طيني .. ماشي

الدود قاعدلك يا جحا ولابد في طينك
بعد ما يمص في دمانا مش هيحلاله إلا طينك
إحنا أهلك
إحنا رجالتك
أمانك
إحنا وقت الشدة سندك
إحنا زادك
يا جحا .. إحمي ولادك
لو كنت عاوز تحمي طينك

سوف أرحل
ربما يلقاني من أرجو لقاءه
همشي ويا الشحاتين
وأبكي على حلمي اللي تاه
بس مش هشحت رغيف
هشحت وطن لله

******
كلمات .. هشام الجخ


06 May 2010

صناعة البهيمة البشرية


كان مصطفى الذى يعانى إعاقة بذراعه اليسرى هو الابن الأصغر لأسرة تمتلك بيتا من أربعة طوابق فى ضاحية المرج، شقيقه الأكبر طبيب متزوج من أجنبية ويعيش بالخارج، وشقيقه الأوسط مهندس تزوج حديثا، الأم مديرة بهيئة النقل العام، والأب كبير فنيين بالحديد والصلب أُحيل إلى معاش مبكر.

ولأن مصطفى كان طيبا ومحبوبا من الجميع، اشترت له الأسرة سيارة صغيرة يذهب بها إلى الجامعة، لكنه آثر أن يساهم فى نفقات دراسته بالعمل ليلا على سيارته لتوصيل من يريد مقابل أجر.

وعندما خرج فى الليلة المشئومة ليعمل كعادته، التقى بشابين يريدان الذهاب إلى قريب لهما فى مدينة 6 أكتوبر. كانا عاطلين ومفلسين ويريدان العودة إلى قريتهما بمركز منفلوط ولا يمتلكان إلا عشرين جنيها، لهذا فكرا فى الذهاب إلى قريبهما لاقتراض ما يتيح لهما العودة وتسديد أجرة مصطفى.

لكنهما لم يستطيعا التعرف على عنوان قريبهما فى الليل ولم يكن معهما رقمه. فجأة ظهرت الصحراء على حافة المدينة التى تاهت فيها السيارة. ودون تخطيط مسبق قام الراكب فى المقعد الخلفى بضرب مصطفى على رأسه بزجاجة مياه غازية حتى فقد وعيه. نزل العاطلان من السيارة ووجدا حبلا فى شنطتها أوثقا به مصطفى وحملاه إلى الصحراء. لكنه استعاد وعيه وأخذ يقاوم مستصرخا أن يتركاه يعيش ويأخذا كل شىء. انهالا عليه ضربا من جديد حتى خارت قواه ووجدا حفرة عميقة ألقياه فيها.

كان يئن ويتوسل وهما يهيلان عليه الرمل حتى دفناه. سرقا هاتفه وأربعين جنيها كانت معه وفرا بالسيارة إلى الصعيد. لكن الشرطة توصلت إليهما ودلّا على مكان الجريمة حيث استُخرجت الجثة!

كانت هذه «حكاية جريمة» قرأتها فى «الشروق» يوم الجمعة 30 أبريل الماضى، ولم أستطع نسيان صورة الضحية الشاب الذى تفيض ملامحه بطيبة مؤثرة، واحتفظت بصفحة الجريدة، مقدرا أن هذه الجريمة دليل شديد الخطورة على درجة التشوه التى طالت النفس البشرية بيننا، وهى جرس إنذار من الدرجة القصوى لتغيرات جنونية التوحش فى مصر، ليس فى مجال الإجرام وحده، ولكن فى مناخ الوسط المُنتِج لهذا الإجرام، أى حياتنا المصرية كلها، التى نظل نتجاهل وحشية هوامشها، حتى نستيقظ على هول هذه الوحشية فى متن وجودنا.

لم أكد أبدأ تأملى فى جريمة صحراء أكتوبر، حتى انفجرت فى وجهى كما فى وجوهنا جميعا، مصريين، وعربا، ومسلمين، وبشرا، جريمة القتل والسحل والتمثيل بجثة المصرى محمد مسلّم المتهم بجريمة قتل بشعة راح ضحيتها عجوزان وحفيداتهما الطفلتان، فى قرية «كترمايا» بمنطقة الشوف اللبنانية، والتى تطور اسمها من السريانية «كفر مايه» وهى تعنى «قرية المياه»، فى مفارقة تؤكد أن الوحشية البشرية ليست مشروطة بعطش أو رى، فهى من كوامن الأحراش النفسية التى تنتظر مجرد الفرصة لانطلاق وحشيتها المسعورة.

لم أر جريمة الصحراء المصرية منفصلة عن جريمة قرية الماء اللبنانية، ليس فقط لأن مصريين كانا عاملا مشتركا أساسيا فيهما، لكن لأن عالمنا العربى كالأوانى المستطرقة، ما يحدث فى أحد بلدانه يدل على ما يحدث فى باقى البلدان، كما أن تجاوز الجريمتين لأقصى حدود التخيل السوداوى، يشير حتما إلى عناصر وأصول مشتركة تصنع كل هذا البؤس المروِّع، ويستلزم الكشف عنها تقصيات نفسية واجتماعية وفكرية وسياسية لجريمتين بهذا الحجم من الفظاعة.

ولأن جريمة كترمايا الجماعية هى الأقرب حدوثا والأسخن حضورا، والأخطر فى تأثيراتها السلبية العابرة للأقطار والمتسللة إلى صدور الشعوب، أراها أوجب بأولوية التناول، دون أى نسيان لجريمة أكتوبر.

بداية، لابد من فضح المحاولات الآثمة لاستثمار جريمة سحل المصرى فى كترمايا لإثارة فتنة مصرية لبنانية، وهو ما سارعت إليه إسرائيل عبر إعلامها المُكمِّل لإجرام آلتها العسكرية الدموية، فربطت بين جريمة التمثيل بالقتيل المصرى وبين الأحكام التى صدرت فى القاهرة ضد لبنانيين فى قضية ما أسموه «خلية حزب الله»، وهو افتراء مفضوح الغايات، فى وقت تهدد فيه إسرائيل كلا من لبنان وسورية، وتسعى لالتهام القدس وتخريب المسجد الأقصى وإحراق غزة من جديد.

قرية كترمايا اللبنانية ليست قرية شيعية كما يوحى البث الإسرائيلى، ولا حتى مسيحية كما يدّعى المتعصبون على شبكة الإنترنت، بل أغلبية سكانها من المسلمين السنة كما المصريين، وممثلها فى البرلمان اللبنانى تابع لزمرة 14 آزار التى يقودها سعد الحريرى خديج «الاعتدال العربى»، والمرحب به كثيرا فى شرم الشيخ، والرياض. فالجريمة أبعد ما تكون عن الطائفية والمذهبية المطلوب إسرائيليا وظلاميا تأجيج صراعاتهما فى عالمنا العربى.

والجريمة ليست شعوبية أيضا، وإن كان بها مسحة التحفز والريبة تجاه الغريب، وهى مسحة نفسية عامة لدى كل الشعوب تجاه الغرباء، ولها جذور عميقة ومشتركة بين الإنسان وحتى الحيوان، وترتبط بغريزة المنافسة على الغذاء والمأوى والتكاثر، كما ترتبط بالحرص الغريزى على حماية خصوصية الحيز الشخصى ومنطقة التواجد والمعاش.

ثم إن كل لغو مثار عن أن الجريمة تحط من كرامة مصر والمصريين، هو تغطية على حقيقة أن الإهانة بدأت وتبدأ من هنا، من الداخل المصرى نفسه، حيث المناخ الفاسد يدفع بمئات آلاف المصريين الشباب، للبحث عن مكان آخر فى العالم غير وطنهم الذى بسبب تراكمات سياسية آثمة، لم يعد يوفر لهم فرصة لحياة كريمة أو طموح مشروع، فنفروا إلى هجرة شرعية أو غير شرعية فى ظاهرة لم تشهدها مصر من قبل، حيث تحصد زوارق الموت الصدئة أرواح أفواج منهم تطويهم أمواج المتوسط بشكل يكاد يكون يوميا، مأساة لا تشبه فى غرابة مأساويتها إلا موجات انتحار الحيتان التى تهرب من أخطار تهدد حياتها فى المياه، فتموت على الشواطئ مختنقة لأن أوزانها الهائلة تعيق حركة أضلاعها، فتنكتم الأنفاس!

وبينما تجد الحيتان المنكوبة بين أنصار الحفاظ على البيئة وجماعات الرفق بالحيوان من يسارع إلى إنقاذها وإعادتها إلى الماء، لا يجد مهاجرو الزوارق الغارقة من المصريين من يمد لهم ولو خشبة للنجاة، وإذا وصلوا إلى الشاطئ الآخر يعيشون كالأشباح، مهددين بالضبط والترحيل إلى بؤسهم الذى هربوا منه، أو تستوعبهم معسكرات إيواء مؤقتة ثبت أن معظمها كان حظائر للماشية والخنازير فى شمال المتوسط!

ثم إنهم فى البلدان العربية، خاصة من فئة المتعطلين والعمالة غير الماهرة، يتحولون إلى أعباء اجتماعية ونفسية وجنائية أحيانا على المجتمعات التى يتواجدون فيها، ولا بد أن ضحية كترمايا المصرى كان واحدا من هؤلاء. وإن كان هذا لا يُسقط حقه فى إدانة وتجريم البشاعة التى لحقت به.

ما حدث فى «كترمايا» يتعلق بحالة الانحطاط العربى الذى يشملنا جميعا، وهو انحطاط نفسى وروحى مرتبط بالانحطاط السياسى والاجتماعى الذى يهمين على عالمنا العربى إلا قليلا، قليلا جدا، وهو أمر يتجاوز كثيرا حدود غريزة الثأر التى عادت باندفاع محموم فى ظل عدالة بطيئة غير ناجزة، وألاعيب قانونية لمحامى الشياطين، وفساد لا يمكن استبعاد وصوله إلى منصات القضاء، لكن ما حدث للمواطن المصرى لم يكن مجرد قتل بزعم القصاص، فقد انتُزع من أيدى الشرطة التى أتت به إلى القرية لاستكمال تحرياتها فى مسرح الجريمة، ثم نُقل إلى المستشفى شبه ميت بعد الاعتداء الجماعى عليه، وتكرر انتزاعه من المستشفى وتمت تعريته إلا من سرواله الداخلى وجواربه، وسُحل بسيارة عبر طرقات القرية المشتعلة بهتافات الانتقام والزغاريد، ثم علقوا الجثة مسلوخة ودامية ومنحورة فى عمود كهرباء، وحولها كانت فلاشات الهواتف النقالة تلمع لتصوير المشهد الخالد، مع تهليلات النصر «الله أكبر. الله أكبر»!

لم يكن هذا ثأرا ولا قصاصا، لكنه انحطاط نفسى بالغ الاتضاع، وخطير الدلالة، ولا يمكن استيعابه إلا فى حضيض مصطلح شاع فى علم النفس الجنائى، هو: البهيمة البشرية human beast، وهو مصطلح ينطبق أيضا وقطعا على قاتلى مصطفى فى صحراء أكتوبر دفنا وهو حى.

الظاهرة خطيرة، ولابد أن فى الثنايا خبايا .. تستحق البحث.

--------------------------------
منقول .. كتبها .. محمد المخزنجي



01 May 2010

أسوأ من البطالة

لم يكن الموقف جديدا علىّ، ولكننى أشعر بصدمة كلما صادفته، وكأننى أصادفه لأول مرة.
شابان يقفان عند مدخل باب السينما، لا يزيد عمر أى منهما على الثلاثين، ووظيفتهما الوحيدة التأكد من أنك تحمل تذكرة الدخول، وربما رافقك أحدهما إلى داخل الصالة ليريك مقعدك.

ليس فى هذا أى شىء غريب. ولكن الصدمة جاءت من طريقة معاملتهما لى، أنا وزوجتى، بمجرد أن أعطيتهما التذكرتين. بدا من أول كلمة نطقا بها أنهما لا يفكران إلا فى البقشيش. كنا قد وصلنا قبل بدء الفيلم بنصف ساعة، فإذا بهما يعرضان علينا أن نجلس فى المقهى التابع للسينما، ويعدان بأنهما سيأتيان لإخبارنا بمجرد حلول موعد الدخول.

استسخفت الطريقة المهينة التى كانا يتكلمان بها. ووجدت الموقف قبيحا جدا: شابان وسيمان، يرتديان بدلتين أنيقتين (لابد أن إدارة السينما اشترطت ذلك)، ويقبلان أن يتسولا البقشيش بهذه الطريقة.

ما إن مشيت خطوتين أخريين حتى اعترض مسيرى شاب آخر، له نفس المظهر، وبجانبه فتاة محجبة تعاونه فى عمله. فما هو هذا العمل يا ترى؟ إنه يعرض علىّ أن أشترك فى مسابقة لم أفهم فحواها بالضبط، ولكننى فهمت من كلامه أننى إذا نجحت فى المسابقة سوف أحصل على هدية.

بعد أن استعدت هدوئى، رجعت إلى أحد الشابين اللذين استقبلانى عند دخولى، وسألته بضعة أسئلة:
ما الذى يقصده هذا الشاب الذى يعرض علىّ هدية؟
إنه مندوب شركة سياحية تحاول أن تروج لنشاطها وهذه المسابقة والهدية جزء من عملية الترويج.
سألته: أى كلية تخرج منها ( إذ كنت شبه متيقن من أنه حاصل على شهادة جامعية).
قال: إن معه شهادة فى الحاسب الآلى.
وزميله؟
خريج تجارة إنجليزى.
هل أنت متزوج؟
نعم، ولى طفلان، أحدهما سنتان والأخرى عمرها ستة أشهر.
هل تقيم مع أسرتك أو أسرة زوجتك؟
لا، نعيش فى شقة بالإيجار.
وما قيمة الإيجار.
أربعمائة وخمسون جنيها.
لا تغضب منى إذا سألتك عن راتبك.
مائتا جنيه.
وهل تعمل زوجتك؟
ــ كيف تعمل ولنا طفلان فى هذه السن؟ وإذا افترضنا أن خرجت زوجتى للعمل، فمتى نتقابل، وأنا أعمل من الرابعة بعد الظهر إلى الثانية عشرة ليلا؟
هل لك وظيفة أخرى فى الصباح؟
لا، لأنهم أحيانا يطلبون منا العمل فى
الصباح بدلا من المساء.

هكذا اتضحت لى أهمية البقشيش. ليس فقط أهميته، بل إنه مسألة حياة أو موت. هل من المستغرب إذن أن يقابلنى هو وزميله، بهذه الطريقة المهينة؟
تركته وذهبت إلى دورة المياه.

رأيت رجلا آخر واقفا على الباب ينتظر وصولى.
هذا الرجل يختلف عن الآخر فى العمر، ولكنه لا يختلف عنه فى الشعور بالذل. كان أكبر سنا وأكثر هزالا، ويفصح وجهه عن سوء التغذية، كان هذا المنظر أيضا مألوفا لى، ولكنه يصيبنى كلما رأيته بشعور لا يخلو من غضب. ليس غضبا من الرجل ولكن مما اضطره للوقوف هذه الوقفة.
لم يكن المسكين يعرف ما الذى يمكنه أن يصنع، وما الخدمة التى يمكن أن يقدمها لى فى هذا المكان لكى يحصل على مكافأة.

ولكنه يعرف أهمية حصوله على هذه المكافأة التى لا يفعل أى شىء لاستحقاقها. هل هذا هو بالضبط سبب الشعور بالذل المرسوم على وجهه؟ خمّنت أن هذا الرجل لا يحصل على أى راتب على الإطلاق، فإذا كان صاحب السينما قد تعطف على زميله الشاب بمائتى جنيه، فالأرجح أنه عرض على هذا الرجل الخيار بين وظيفة بلا راتب، أو عدم التعيين على الإطلاق، فقبل أملا فى عطف الزبائن.

هذه الظاهرة منتشرة الآن فى مصر أكثر بكثير مما نظن. وظائف لابد أن عددها الآن يصل إلى ملايين، فى القطاع المسمى بالخدمات. بائع السلعة أو خدمة، يعرف أن المشترى يتوقع أن يحصل منه على خدمة صغيرة إضافية، كصاحب السيارة الذى يتوقع فى محطة البنزين أن يأتى من يملأ سيارته بالوقود بدلا من أن يملأها بنفسه،

أو زبون السوبر ماركت الذى يتوقع أن يساعده أحد فى وضع ما اشتراه فى أكياس، أو أن يحملها له إلى سيارته، بدلا من أن يحملها بنفسه، أو النزيل فى فندق الذى يريد أن يأتى من يحمل له حقائبه، أو الصاعد إلى قطار الذى يريد من يدله على مقعده.. إلخ.

ولكن البائع لا يريد أن يتحمل أجر من يقوم بهذه الخدمة، إذ إنه يعرف أن المجتمع فيه ملايين من المتبطلين الباحثين عن أى عمل، فيستغل ضعفهم بأن يخبرهم بأن يقوموا بهذه الأعمال بلا أجر، (أو بأجر تافه للغاية)، ويعتمدون على شطارتهم فى التعامل مع الزبون، أو أن يظلوا متبطلين.

هذه الظاهرة المنتشرة الآن فى مصر ليست ظاهرة قديمة، إذ لم تعرفها مصر (بأى درجة ملحوظة) لا فى عصر الملكية، ولا فى عهد عبدالناصر ولا فى عصر السادات.

كانت الظاهرة المنتشرة فى عصر الملكية هى ما يسميه الاقتصاديون بـ«البطالة المقنعة»: رجال يعملون بأقل كثيرا من قدراتهم ولكنهم لا يعملون كوسطاء بين البائع والمشترى. هكذا كان حال العمالة الزائدة عن الحاجة فى الريف المصرى، وحال الباعة المتجولين أو ماسحى الأحذية فى المدن.

فى عهد عبدالناصر انخفضت بشدة البطالة المقنعة، نتيجة للإصلاح الزراعى والتصنيع، وإن عادت للظهور بالتدريج فى وظائف الحكومة والقطاع العام مع تراخى جهود التصنيع بعد حرب 1967. ولكننا لم نشهد فى عهد عبدالناصر هذه الظاهرة الملعونة التى أتكلم عنها الآن. بل ولم نشهدها بأى درجة ملحوظة فى عهد السادات بسبب ما خلقته الهجرة من فرص للعمل فى بلاد البترول.

كل هذه المنافذ انسدّت بعنف طوال ربع القرن الماضى.. فرص العمل فى الزراعة والصناعة تزيد ببطء شديد، ومعدل الهجرة انخفض بشدة بسبب انخفاض طلب دول البترول على العمالة المصرية، والحكومة المصرية تسحب يدها من تعيين خريجى الجامعات والمعاهد، وتقلل من إنفاقها على أمل أن يقوم القطاع الخاص بما كانت تقوم هى به. ولكن القطاع الخاص حاله كما شرحت: شعاره العرض والطلب، سواء فيما يتعلق بالسلع أو العمالة. فإذا كان هناك من هو مستعد للعمل بلا أجر، فلماذا تدفع له أجرا؟

كلما فتحت النافذة فى منزلى فى الصباح رأيت شابا فى نحو الخامسة والعشرين. أعرف تاريخ حياته جيدا لطول ما التقيت به فى هذا الشارع الذى أسكنه. أعرف أن أباه فعل المستحيل لكى يتم الولد دراسته القانونية، ثم لكى يدخل الجامعة حتى حصل على بكالوريوس تجارة، الآن بعد أن فعل هذا الشاب هو وأبوه المستحيل للحصول على وظيفة تلائم مؤهلاته، انتهى إلى الاشتغال بمسح التراب من السيارات الرائعة المرصوصة أمام العمارة المقابلة، وأمله معلق.

كآمال الرجال الذين وصفتهم حالا، بكرم أصحاب السيارات ولكن هذا الكرم أمر غير موثوق به، ولا يمكن تقديره بدقة، ومن ثم لا يمكن التعويل عليه فى اتخاذ قرار بالزواج أو عدمه، فهناك حاجات أهم وأكثر إلحاحا، منها إرسال بعض ما يكسبه إلى أمه الباقية فى الصعيد.

كان لابد أن أتذكر، بعد رؤيتى لنظر «العاملين» فى السينما، بعض الإحصاءات التى قدمها اقتصادى مرموق، ومتخصص فى موضوع العمالة والبطالة ودلل بها على تحسن حالة العمالة فى مصر، فقال بفخر: إن نسبة البطالة فى مصر انخفضت من 11.7٪ فى 1998 إلى 8.3٪ فى 2006 قلت لنفسى:
«ليس هناك شىء غريب جدا فى هذا، فالمتبطل لا يظل ينتظر الوظيفة حتى يموت جوعا، لابد أن يعثر على أى وظيفة يحصل بها على قوته وقوت عياله.

لابد أنه، بعد أن حصل على دبلوم آلة حاسبة، أو بكالوريوس تجارة إنجليزى، ويئس تماما من الحياة، قبل أن يعمل بهذه الأعمال التى وصفتها. ومن ثم استطاع الاقتصادى المرموق أن ىستبعده من عداد المتبطلين.

واستطاع وزراء الاستثمار والتنمية الاقتصادية أن يذكروه فى إحصاءاتهم كدليل على ما حققوه من زيادة فى العمالة. ولكن ما هو الوصف الحقيقى لما يقوم به من عمل؟».
------------------------------------
بقلم .. جلال أمين
منقول من جريدة الشروق


16 April 2010

مشوار طويل

بنت جميلة اوي .. عندها اربع سنين و بس .. اخر مرة شوفتها كانت بجونلتها البمبي ام كرانيش بتجري و هي حافية و منكوشه .. كنت بفرح اوي لما بشوفها .. ضحكتها كانت مالية الدنيا.

النهاردة جالها السكر .

ياااااااااااااااااااه عال الوجع اللي في قلبي .. يا ترى ها يحصل فيكي ايه يا بنتي ؟
يا ترى انتي ممكن تكوني متخيلة ايه اللي ممكن يحصل ؟
يا ترى ها تفهمي امك بتبكي ليه كل ما تشوفك و انتي في السرير و بتبتسم لك وسط دموعها ؟
يا ترى يا بنتي ايامك مخبيالك ايه ؟
يا ترى ها تحسسي ازاي و الكل بيبص لك ؟
يا ترى ها تفهمي معنى الورد و اللعب اللي الناس ها يغرقوكي بيها ؟
يا ترى ها تفهمي ايامك الطويلة في المستشفى بعيد عن اخواتك ؟
يا ترى اخواتك هايفهموا ليه بابا و ماما بيحبوكي اوي كده ؟
يا ترى ها تتعذبي بعذابهم عليكي و انتي لوحدك ؟

يا ترى ها تفهمي لما اخواتك يغيروا منك على الاهتمام الزيادة ؟
و لما يجرحوكي و يقولولك ابعدي عننا علشان انتي عيانة هاتبكي و انتي مش فاهمة ؟
بس برضة ها تحبيهم اوي
على قد وحدتك و بعدك عنهم في المستشفيات ها تحبيهم
يا ترى هاتتحرمي في يوم من الدراسة اللي نفسك فيها علشان انتي عيانة ؟
ولا هاتتحرمي من الهواية اللي بتحبيها علشان اهلك خايفيين على اي مجهود زيادة تعمليه ؟

يا ترى لما تتفوقي في دراستك مع انك قضيتي اسبوع قبل الامتحان في المستشفى .. هايفتكروا زميلاتك يقولولك سلامتك بدل من مبروك على الدرجة النهائية ؟

يا ترى في يوم من الايام ها تدخلي الحياة العملية و انتي مؤمنة تماما انك مش زي اي بنت ممكن تحب و تتحب و تتجوز و تخلف ؟
يا ترى ها تعيشي و انتي مؤمنة ان مالكيش غير شغلك و بس ؟

يا ترى يا بنتي لما الحب يدق قلبك ها يجي اللي يكسرك ؟
يا ترى لما تحبي من قلبك هايجي اللي يقولك ماما عايزة تاخدك للدكتور علشان تتأكد انك سليمة و السكر مأثرش عليكي ؟

و تبكي

يبقى نفسك تقوليله ايوة اثر و اثر جامد اوي
كفاية اني اتكسرت

و لما يتقدم لك العرسان و يمشوا واحد ورا التاني من برا برا
و تقولي و ايه يعني
اعيش و ايه يعني

و اللي تقبلي بيه على اللي فيه
لما يجي يوجعك يوجعك بمرضك

يا ترى هاتصدقي انك ناقصة ؟

يا ترى هاتنسي حلم الامومة تماماً و تبعدي عن اي حد يحاول يقرب منك لانك ما تنفعيش تكوني زوجة ؟
يا ترى ها تصدقي انك ما لكيش نصيب في الدنيا دي ؟

يا ترى في يوم من الايام هايبقى كل صحابك ممرضات و دكاترة و تكرهيهم لان دول هما اكتر ناس بتشوفيهم ؟
يا ترى هاتتعلمي تدفني آلمك و تكوني كده دمك خفيف و بتضحكي حتى مع آلمك
علشان الناس ما تزهقش منك ؟
يا ترى ها يبقى نفسك تصرخي و تقولي انا انسانة .. و مجروحة ؟

يا ترى يا بنتي ها تصدقي انك ما تعرفيش ؟ هاتصدقي انك ما تقدريش ؟

يا ترى ها تضحكي لدكتورك و انتي عيونك مليانة دموع و خوف و انتي بتقوليله

يعني ايه ؟ هو انا جسمي بيتحلل و لا ايه ؟ يا شيخ قول كلام غير دا

يا ترى مديرك في يوم من الايام هايقولك هو مش عارف يحتفظ بيكي على الرغم من انك انتي شاطرة اوي في شغلك و يوطي صوته زي ما يكون هايقول حاجة عيب و هو بيقول بس بتعيي كتير .

و تبتسمي ابتسامة عريضة توجع شفايفك و تقولي له زي ما حضرتك تشوف يا فندم مصلحة الشغل اهم و انا بروفيشنال و مش بزعل من الكلام ده .

يا ترى في يوم من الايام هاتلاقي نفسك بتعتذري لانك عندك السكر .


و لا النكتة لما كلمت مامتك النهاردة و سمعاها بتضحك لك في وسط صوت بكاها و تقوللي انتي صحتك عاملة ايه دلوقتي و اقولها انا كويسة جدا و ما تقلقيش دا السكر حاجة بسيطة اوي !!!!!!

يا رب يا بنتي تكوني قوية .. يا رب يا بنتي تكوني احسن و فرصك في الحياة احسن .. يا رب يا بنتي على زمنك الطب يتقدم اكتر و اكتر باذن الله .. يا رب يرزقك قلب شفاف و رقيق و يديكي قصاد صحتك روح ملايكة و قبول من عنده دايما يا رب .. يا رب يا بنتي تحسي بقيمة نفسك و ما تسمحيش لحد يجرحك .. يا رب تقدري تحبي الناس على ضعفهم .. و ان جرحوكي ربنا هايجبر بخاطرك بأذن الله .

ربنا يعينك يا بنتي .. ربنا يعينك .. مشوارك طويل .

.............................................................
منقول .. مدونة just me








16 March 2010

إذا كسرتك الأيام يوماً


إذا كســـرتك الأيــام يومــا ..فحــــاول أن ترمم نفسك بنفسك .. ولا تمنع نفسك من البكاء .. عند إحساسك برغبة البكاء .. فقدرتك على البكاء نعمة .. يحسدك عليها أولئك الذين تبكيـــهم .. ولا يشعرون!


عنــد الألم ..
نطرق كل أبواب النسيــان ..
فالبعض .. يبــكي كي ينسى ..
والبعض .. يضحـــك كي ينسى ..
والبعض .. ينـــام كي ينسى ..
والبعض .. يتحـــدث بصوت مرتفع كي ينسى ..
والبعض .. يصمــت كي ينسى ..
والبعض .. يخــــون كي ينسى ..
وهو أسوأ أنواع المحاولات .. لأنه بداية الألم وليس نهايته !!

تذكــروهم بدفء و حميمة ..
ولا تحصوا وجوههم كما يحصي البخيل دنانيره ودراهمه ..
كي لا تصابوا بالإحباط عند اكتشاف إفلاس قلوبكم من تلك الوجوه ..
و حـــاولوا أن ترسموا وجوههم في دفاتركم كالحكايات الجميلة ..
واسردوها على قلوبكم قبل النوم ..


إذا كان ماضـــيك أسوداً أو مؤلماً ..
فحـــاول أن تحذفه من تاريخك نهائيا ً..
وتنكر له قدر استطــاعتك..
وعش بلا ماضِ .. ولا تصدق أن الذي ليس له ماضي ..
ليس له حاضر أو مستقبل أبداً ..
فالحاضر والمستقبل يكونان أجمل وأفضل ..
لو أنك تخلصت وأعلنت براءتك من ماضٍ سيء ..


لا تتحسس رأسك .. حين يُذكر الحـــزن أمامك .. وتظن أنك وحدك المقصود بالحديـــث .. فغيرك كثيــــر .. ولو لمحت مساحة الحزن والألم في داخلهم .. لأيقنت أنك أفضلهم .. وأتفههم ألماً


اخلعوا الأقنعة جمــيعها ...
فلم نعد في حاجة إلى قناع يستر أحزاننا وجروحــنا ..
ولنواجه العالم بوجهنــا الحقيقي ..
فقمة القـــوة ..
أن تواجه الأشياء بوجهك الحقيقي..
وكن سعيدا والضحكة تملأ ثغرك الباسم..
وكن جميلاً ترى الوجود جميلاً..


الـحـــــــــــــــــــــزن
أن تفارق ولا تفـــارق
فتصمت ويبقى صوتــك في أذني
وتغيــب وتبقى صورتـــــك في عيني
وترحل وتبقى انفاسك فــــي قلبي
وتختفي ويبقى طيفك خلفي يــــــــمزقني

الـحـــــــــــــــــــــزن
أن اجمع البقايا خلفك
وان ارسم وجهك فــي سقف غرفتي
وان احاورك كل ليله كالمجانين
وان اشد الرحـــال اليك عند الحنين
وان اعـــود الى سريري اخر الليل
فــابكيك وابكيـــــــك

الـحـــــــــــــــــــــزن
أن ياتــي العيد وانـــــا وحـدي
وان ياتي الربيع وانا وحدي
وان تهطل الامطار وانا وحدي وانا يطرق الحنين بابي وانا وحدي
وان يمضي بي اجــل العمر وانا وحــــــدي

الـحـــــــــــــــــــــزن
أن اراك صدفه
وان يجمعني بـــك الطريق ذات يـــوم
فأراك بصحبه غيري يــــدك في يده
تنظر الـــي فلا تعرفني وعمري خلفك يناديك فـــــلا تسمعه

الـحـــــــــــــــــــــزن
أن اكتب فلا يصلك صوتـــــي
وان اصرخ فلا يصلك صوتـــي
وان الفظ انفاسي فلا اراك
وان اموت فيصلك النبأ كالغربــــــاء


القلم صديقك الذي يبقى معك مادمت تهتم به ،، وهو أداتك التي تعكس شخصك على مرآة الورق ،، إنها هبة الله لبعض من الناس يحملوه سلاحا ومنارا ،، يترجم بؤس قلوبهم وجراحاتهم الى قناديل تضئ دروب السعادة للآخرين .....

ان يكرهك الناس وأنت تثق بنفسك وتحترمها أهون كثيرا من أن يحبك الناس وأنت تكره نفسك ولا تثق بها .....

لا تتخيل كل الناس ملائكة فتنهار أحلامك ،، ولا تجعل ثقتك بهم عمياء،،
لأنك ستبكي يوما على سذاجتك ،،ولتكن فيك طبيعة الماء الذي يحطم الصخرة ،، بينما ينساب قطرة ،، قطرة


لا تحزن لأن الحزن يريك الماء الزلال علقما ،، والوردة حنظلة ، والحديقة صخورا قاحلة فلا تنظر الى صغر الخطيئة ،، لكن انظر الى عظمة من عصيت ،،
لأن الدنيا كماء البحر ،، كلما ازددت منه شربا ،،ازددت عطشاً
لذلك على العاقل أن يكون عالما بأهل زمانه ،، مالكا للسانه
لأن بلاء الإنسان ،، من اللسان فلا لا تذل الناس لنفوذك وسلطتك ،، فلو دامت لغيرك ،، ما آلت اليك


لا بـــأس .. لنتألم قليلاً عند الفـــراق .. أو حتى كثيــرا ً.. ولنصرخ بصوت مرتفــع .. لكــن .. لماذا لا نعتبر هذه الصرخة.. صرخة الميـــلاد .. ونحاول استقــبال الحياة من جديد ؟!

حين تغيــب شمس أحلامــكم .. لا تنتظروا شروق شمس جديـــدة .. فقد تتأخر عليكم كثــيراً .. و حــــاولوا أنتم أن تبحثوا عنها خلف غيــوم الأيام .. كي لا تضيع سنواتـــكم في ظلمة الانــتظــار!


لســبب ما خسرنـــاهم .. ورحلوا .. فأظلمت الدنيا في أعين قلوبنــا.. وضاق الوجود بنــا .. ونعلم جيداً أنهم لــن يعودوا يوماً .. إذاً .. فلنحــــاول أن نضيء النور مرة أخرى!
وهذا الطريق يذكرنــا بهم .. هل نهجر الطريق الذي شهد يوماً فرحة لقاءنا بهم؟ أم نزرع في الطريق وردة حمـــراء .. ونقول له بامتنان أيها الطريــق


تــرى ..
هل حـــاول أحدكم وهو عائد إلى نفسه .. بعد أن شيّع جثمان حلم من أحلامه الجميــلة .. أن يمسح دمـــوع قلبه .. ويقبل رأســه في المرآة .. ويقدم لنفسه وردة حمـــراء.. ويردد بينه وبين نفسه: "اللهم أجرنــي في مصيبتـــي واخلفني خيراً منها"؟

*************
كتبها .. محمد الديب





09 March 2010

في الهروب حياة


أكثرنا يظن و مقتنع بأن الهروب ليس حلاً .. فهو ضعف .. انكسار ربما .. أو سبيل للتبرير .. لكننى فكرت فى حياة تكون موجودة بعد الهروب .. حياة نجد فيها مخرجاً و سبيل بالهروب .. و نكون حصلنا على قدر من ذاتنا و طابعنا .. و جدتنى اقول لنفسى

اهـــــــــرب

إذا كان فى هروبك حياة جديدة لكبريائك ، وكرامتك التى أهدرت تحت مسميات الحب والحنين والغيرة ومصطلحات أخرى مزخرفة لا إنتهاء لها

اهـــــــــرب

إذا شعرت بأن الحزن بدأ ينسج خيوطه حول قلبك النقي
ويخنق بقايا الفرح فيك وبأنهم أصبحوا مصدرا عظيما
لهذا الحزن ..

اهـــــــــرب

إذا شعرت بأن احساسك تجاههم غباء وخيالك بهم غباء ولهفتك عليهم غباء لا يفوقه غباء وبأنك بدأت تتحول مع الوقت الى مهرج مضحك ..

اهـــــــــرب

إذا شعرت بأن الطريق المؤدى إليهم بدأ يشعر بك وبأن الأرض التي تقف عليها أمامهم بدأت تشعر بك وبأن الجدران المحيطة بك معهم بدأت تشعر بك ومازالوا هم في طور اللاشعور بك ..

اهـــــــــرب

إذا شعرت أن المنطق يرفض إحساسك وبأن قيمك ترفض إحساسك وبأن نقاءك يرفض إحساسك وبأن إحساسك يرفض نفسه ..


اهـــــــــرب

إذا أكسبوك عادات الحزن وفتحوا قابليتك للألم ودربوك على الحزن والإنكسار وعلموك البكاء بلا انتهاء ..

اهـــــــــرب

إذا شعرت بأنك فجرت ينابيع الغرور في داخلهم وبأنك ضخمتهم حد الانفجار وتقزمت أمامهم حد التلاشي فأصبحوا أضخم من أن يروك أمامهم وأصبحت أصغر من أن تراهم ..

اهـــــــــرب

إذا لاحظت أنك بدأت تتلوث كي تصل إليهم وبدأت لا تشبه نفسك كي ترضيهم وبدأت ترقص فوق النار كي تبهرهم وبدأت تخون كي تلفت انتباههم ..

اهـــــــــرب

إذا أصبح ليلك في بعدهم نارا عظيمة وأصبح يومك معهم نارا أعظم وأصبحت تضاريس وقتك وسويعاته معاناة لا تنتهي ..

اهـــــــــرب

إذا اكتشفت أن شيئا ما في داخلك بدأ أن يموت وأن شيئا ما فيك بدأ يذبل كالورد المقطوف وإنك بدأت تنتهي كالسراب في آخر الطريق ..

اهـــــــــرب
إذا لاحظتهم يتلذذون بإذلالك ويتعمدون نكرانك ويقفزون فوق رفات حلمك الجميل بهم وكأنهم أصدروا حكما خفيا بإعدامك ..

اهـــــــــرب

إذا لمحت أثار البكاء عليهم فوق وسادتك أو شعرت بسمهم يسرى في عروق قلبك أو اكتشف خنجرهم الغادر في ظهرك المطمئن لهم ..

اهـــــــــرب

إذا سمعتهم يتهامسون بما ليس فيك ويلصقون بك من التهم ما لا تعلم ويقذفونك بالباطل ويرمون براءتك بذنب الذئب ..

اهـــــــــرب

إذا أصبح إحساسك فانوسا مشتعلا في عينيك وأصبح صوتك المرتعش لا يعبر عنك وأصبح صمتك المصطنع لا يسترك..

اهـــــــــرب

إذا طال انتظارك فوق محطات صراعهم ولمحت قطارات أيامك
تفر أمامك كالجواد الغاضب وشعرت بأن لا شيء بقى معك سوى ظلك المنطفئ ..

اهـــــــــرب

إذا شعرت بأنهم بدؤوا يسيئون فهمك ويمزقون تاريخك
ويشوهون عراقة إحساسك ويطفئون مصابيح طريقك إليهم..

اهـــــــــرب

إذا شعرت بان نفسك لا تستحق منك كل هذا الشقاء
وبأنهم لا يستحقون منك كل هذا الإحساس ..


و إذا شعرت بهذه الأسباب .. فليس هناك أوجب عليك إلا أن ...
تهـــــــــرب

****
كتبها .. محمد الديب